لم يكن أمام أهالي بلدة رمّون والقرى المجاورة شرق رام الله، وسط الضفة الغربية، سوى إقامة صلاة الجمعة اليوم، وبمشاركة الفعاليات الأهلية والشعبية والفصائل وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فوق أراضي الفِلِك والترمس وشعب الرمان، للتصدي لمحاولة مستوطنين إقامة بؤرة استيطانية هناك، وسط تحذيرات من أن تكون البؤرة جزءًا من خطة استيطانية أكبر.
بعد صلاة الجمعة، انطلقت مسيرة ضد إقامة تلك البؤرة حاول جنود الاحتلال عرقلتها منذ بداية انطلاقها، لكن المشاركين استطاعوا المسير لقرابة 300 متر في محاولة للوصول إلى الأراضي القريبة من بؤرة استيطانية قيد الإنشاء، وأصيب ستة فلسطينيين على الأقل بعيارات مطاطية، والعشرات بحالات اختناق بالغاز السام المسيل للدموع، إثر قمع قوات الاحتلال لتلك المسيرة.
واعتدى جنود الاحتلال بالدفع والضرب على عدد من النشطاء والمشاركين، من بينهم رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، الذي تم اقتياده إلى القرب من الجيبات العسكرية والاعتداء عليه واحتجازه لدقائق قبل إخلاء سبيله.
وخلال توافد المشاركين، أخذ المستوطنون بالتجوال بمركباتهم في المنطقة، وأعطبوا إطارات، وكسروا زجاج ثلاث مركبات كانت مركونة قرب المكان الذي تقام به الصلاة.
وابتدأ تشييد البؤرة الاستيطانية الرعوية على تلك الأراضي الإثنين الماضي، حينما باشر مستوطن واحد يقيم قرب مستوطنة "ريمونيم" المقامة على أراضي الفلسطينيين شرق رام الله، بنقل أدوات لإقامة غرف متنقلة (بركسات). ويوضح الناشط رباح مناع من رمّون، لـ"العربي الجديد"، أن هذه البؤرة، في حال أقيمت، ستفصل رمّون عن معظم أراضيها الشرقية التي لها امتداد مع الأغوار الفلسطينية.
وتشكل البؤرة كذلك خطراً على الفلسطينيين البدو المقيمين في وادي السيق المجاور، حيث تكثر اعتداءات المستوطنين الذين يقيمون في مثل هذه البؤر الرعوية.
بدوره، اعتبر الناشط في المقاومة الشعبية عبد الله أبو رحمة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذه البؤرة تأتي في سياق الشهية التي فتحتها مؤخراً شرعنة حكومة الاحتلال لتسع بؤر أخرى في الضفة، إذ يعتبر "فتية التلال" الناشطين في إقامة البؤر جزءاً من الصهيونية الدينية، التي تشارك أحزاب إسرائيلية منها في الائتلاف الحكومي.
وأكد أبو رحمة أن هذه البؤرة تأتي ضمن البؤر الرعوية التي لا يهم بالنسبة للاحتلال كم عدد المستوطنين فيها، وإنما الأهم هو وجودهم للسيطرة على مساحات شاسعة هناك، حيث ينتشرون بقطعان كبيرة من الأغنام في آلاف الدونمات الزراعية، ويمنعون المزارعين والرعاة الفلسطينيين من الوصول إليها.
وأشار أبو رحمة إلى أن هذه استراتيجية متواصلة منذ عشرة أعوام، للسيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي، ولذلك يخرج الأهالي في مقاومتها، للدفاع عن الأرض الفلسطينية.
أما رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مؤيد شعبان، فقال لـ"العربي الجديد"، إن هذه البؤرة ستفصل منطقة شرق رام الله عن منطقة شفا الديوك، وهي الجهة الشرقية من الضفة الغربية". وربط شعبان إقامة هذه البؤرة بتحرك آخر لإعادة بؤرة أخرى على أراضي كفر مالك المجاورة، لتنفيذ مخطط استيطاني قديم.
ويشير شعبان إلى أن مخطط "ألون" الاستيطاني يعود إلى العام 1967، حيث لا يريد الاحتلال بقاء أي فلسطيني شرق شارع "ألون" الاستيطاني لإبقاء الأراضي فارغة حتى الحدود الشرقية للضفة الغربية، وبمسافة واسعة تمتد من جنوب الخليل إلى الأغوار الشمالية الفلسطينية، لكنه أكد أن التجمعات البدوية بشكل خاص تأبى، كما كل الفلسطينيين، إلا البقاء في هذه الأراضي.
ويعتبر شعبان القمع الذي لاقته المسيرة جزءاً من مشاركة جيش الاحتلال ومؤسساته، كالإدارة المدنية، في دعم المستوطنين المسلحين.
وكان المجلس الأمني الوزاري المصغر الإسرائيلي (الكابينت) وافق، في الثالث عشر من الشهر الجاري، على شرعنة 9 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، كانت تصنف إسرائيلياً على أنها "غير قانونية".
ووفق تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان السنوي، فقد أقام المستوطنون، العام الماضي، اثنتي عشرة بؤرة استيطانية على أراضي الفلسطينيين بالضفة الغربية، وشرعنوا بؤرتين شرق رام الله.