اختتم وفدا برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة الجولة الثانية من جلسات الحوار الليبي ببوزنيقة المغربية، مساء الثلاثاء، بأحد المراكب السياحية بمنطقة الهرهورة في ضواحي الرباط، بالتوقيع على محضر اتفاق بشأن معايير تولي المناصب السيادية السبعة المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي.
ووقّع كل من رئيس وفد المجلس الأعلى للدولة فوزي العقاب، ورئيس وفد برلمان طبرق يوسف العقوري، على محضر تضمن ما تم التوصل إليه إثر المفاوضات في المغرب بشأن معايير اختيار الشخصيات التي ستشغل المناصب السيادية السبعة، فيما سيجري رفع الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الوفدين إلى رئاسة برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة للمصادقة عليه.
وأكد الوفدان، في البيان الختامي للجولة الثانية من الحوار الليبي، على مواصلة مناقشة المادة 15 من اتفاق الصخيرات، ومعايير اختيار تولي المناصب السيادية والرقابية والتنفيذية، وكذا على ضرورة دعم مسار بوزنيقة والبناء على إنجازاته، للمضي قدماً في اتجاه تسوية سياسية، وإنهاء حالة الانقسام المؤسساتي التي تعيشها ليبيا.
تضمن محضر الاتفاق معايير اختيار الشخصيات التي ستشغل المناصب السيادية السبعة، على أن تجري المصادقة عليه لاحقاً
وفيما اتفق الفرقاء الليبيون على مواصلة الحوار في بوزنيقة بشأن التنسيق المؤسساتي لإنهاء الفترة الانتقالية، قال عضو وفد مجلس النواب الليبي إدريس عمران، في كلمة باسم الوفدين، إن الجولة الثانية من جلسات الحوار بالمغرب توّجت بالتوصل لتفاهمات حول معايير اختيار الشخصيات في المناصب السيادية وضوابطها، وفق الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات في 2015، لافتاً إلى أهمية الاتفاق على معايير تولي المناصب السيادية في تجاوز الانقسام السياسي في ليبيا.
وكشف عمران أن الوفدين يضعان محضري الجولتين الأولى والثانية رهن إشارة مجلس النواب والمجلس الأعلى لتجديد هياكل المؤسسات السيادية، لافتاً إلى أن العملية السياسية لا تزال تنتظر دعماً واضحاً وسياسياً من المجتمع الدولي.
وأكد المتحدث ذاته أن إنجازات جلسات الحوار الليبي في المغرب تشكل رصيداً يمكن البناء عليه للخروج بالبلاد من اللااستقرار ومن حالة الانقسام السياسي، كاشفاً عن الاتفاق على الاستمرار في عقد اللقاءات في المغرب.
وفي رد على الانتقادات التي أعدتها قوى ليبية بشأن معايير تولي المناصب السيادية وفق المادة 15 من الاتفاق السياسي، شدد فوزي العقاب عن وفد مجلس الدولة، على أن ما تم الاتفاق حوله يحتم توافر الكفاءة والمهنية في من يتولى المسؤولية.
إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في كلمة افتتح بها حفل التوقيع على محضر اتفاق بوزنيقة، أنّ الجولة الثانية من الحوار الليبي "انتهت إلى توافقات مهمة تم تضمينها في محضر الجولة الثانية، على أن تتم العودة إلى مؤسساتكم للمصادقة عليها، وربما استئناف هذا الحوار في القريب العاجل".
وقال بوريطة متوجهاً بكلامه إلى الفرقاء الليبيين: "أثبتم أن الروح الإيجابية مكنتكم من التوصل لتوافقات، وأن الحوار السياسي في بوزنيقة مكّن من التوصل إلى توافقات"، معتبراً أن من معايير نجاح حوار بوزنيقة أنه "كان حواراً ليبياً وضعه الليبيون ويقوده الليبيون بدون تدخل أو وصاية". وتابع وزير الخارجية المغربي كلمته بالقول: "ننتظركم قريباً للحوار قريباً في المغرب لتطوير المادة 15 من الاتفاق السياسي".
ويأتي ترسيم تفاهمات بوزنيقة حول معايير تولي المناصب السيادية في وقت كشفت فيه مصادر معنية بجلسات الحوار لـ"العربي الجديد"، أن الفرقاء الليبيين نجحوا خلال المفاوضات الجانبية التي استمرت مساء الإثنين، بعد انتهاء الجلسة الرسمية التي عقدت بحضور وزير الخارجية المغربي، وصباح يوم الثلاثاء، في الاتفاق على ما تبقى من نقاط عالقة بشأن معايير تولي المناصب السيادية التي تتوزع بين الأقاليم الليبية التاريخية الثلاثة.
نجح الفرقاء الليبيون في الاتفاق على ما تبقى من نقاط عالقة بشأن معايير تولي المناصب السيادية التي تتوزع بين الأقاليم الليبية
وتنص المادة 15 في فقرتها الأولى، على أن يقوم مجلس النواب بالتشاور مع مجلس الدولة، للوصول إلى توافق حول شاغلي المناصب القيادية للوظائف السيادية التالية: محافظ مصرف ليبيا المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس جهاز مكافحة الفساد، ورئيس المفوضية العليا للانتخابات وأعضاؤها، ورئيس المحكمة العليا، والنائب العام. فيما تؤكد الفقرة الثانية من المادة 15 من اتفاق الصخيرات على موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب لتعيين المعينين وإعفائهم من المناصب القيادية للوظائف السيادية.
وكانت نقاشات الجولة الأولى من جلسات الحوار الليبي، التي استمرت من 6 إلى 10 من سبتمبر/ أيلول الماضي، قد خلصت إلى الاتفاق حول معايير تعيين المسؤولين في المناصب العليا في البلاد، وهي تخصّ تحديداً المؤسسات المالية والإدارية المهمّة، وإعادة توزيع مقارّ عملها في شرقي ليبيا وجنوبها وغربها.
وخلال جلسات الحوار تم الاتّفاق على أن يكون مقرّ ديوان المحاسبة في العاصمة طرابلس، ومقر هيئة مكافحة الفساد في سبها، فيما اختيرت بنغازي مقرّاً لهيئة الرقابة الإدارية.
وسادت أجواء من الغموض، خلال الأيام الماضية، بخصوص مآل الجولة الثانية من الحوار الليبي في صفوف أعضاء وفدي برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة، الذين كانوا قد وصلوا إلى المغرب ابتداء من الثلاثاء المنصرم، بعدما تم إرجاء انطلاق الجولة لثلاث مرات.
وكان ينتظر أن تعرف الجولة الثانية من جلسات الحوار الليبي بمدينة بوزنيقة مشاركة كل من رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، ورئيس برلمان طبرق عقيلة صالح، من أجل التوقيع على محضر الاتفاق الذي تم التوصل إليه في ختام الجولة الأولى من الحوار الليبي ببوزنيقة في 10 سبتمبر/ أيلول الماضي، وذلك في سياق استكمال مسار المناصب السيادية بالتوقيع على محضر الاتفاق.