الفاشيون القدامى... النازيون الجدد

06 نوفمبر 2023
قارب عدد الشهداء في غزة العشرة آلاف (Getty)
+ الخط -

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بعد اجتماعه بعدد من وزراء الخارجية العرب يوم السبت الماضي، أن "التوصل إلى وقف إطلاق نار الآن يتيح لحماس إمكانية تجميع قواها من جديد"، داعياً إسرائيل إلى "تخفيض عدد الضحايا". ولكنه لا يقول شيئاً عن نسبة التخفيض المعلنة، التي لا تتيح لـ"حماس" أن تتنفس، فقد قارب يومها عدد القتلى الفلسطينيين من طريق الآلة الإسرائيلية والمال الأميركي والصمت العربي، العشرة آلاف، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء.

لا يقول الوزير الأميركي شيئاً عن هؤلاء، هو ومسؤولون غربيون، تفوح منهم رائحة دم الأطفال، بل يذهب إلى حد التأكيد أن "حماس لا تهتم بالشعب الفلسطيني ومستقبله"، بينما يعلن رئيسه جو بايدن أنه يدعو إسرائيل لتقليص عدد الضحايا، فقط لا غير.
يفكر بلينكن في مستقبل الفلسطينيين الذي لا تكترث له "حماس" كما يزعم، بينما يمنح إسرائيل مرة أخرى ضوءاً أخضر أميركياً جديداً لدكّ كل غزة، في أقصر وقت ممكن إذا أمكن، حتى لا يشتد صياح الضمير العالمي.

غير أن آخرين، من داعمي إسرائيل، ألمانيا مثلاً، مثقلة بتاريخها الأسود، يزعجها لاعب كرة قدم أعرب عن دعمه لفلسطين، إذ ينبغي ألّا ينبس صوت بقول شيء ضد إسرائيل أو لصالح فلسطين. يريدون طمس ضوء الشمس ودفن الحقيقة، وينزعون عنهم كل أقنعة السلام وحقوق الإنسان والحرية التي كانوا يزعمون الانتماء إليها، بل كانوا يعاقبون أنظمة في العالم لأنها ليست كذلك، ويضعون معايير لاحترامها، لكن سرعان ما سقطت كل شعاراتهم وخلّفت لدى الشعوب العربية والإسلامية كرهاً لا يمكن محوه.

ما تقوله حرب غزة أن ما بعدها لن يكون كما قبلها، إنسانياً أساساً، فقد رأينا كرهاً وحقداً واحتقاراً لنا ولمشاعرنا ولحقوقنا كبشر، لم يسبق لها مثيل. وإذا تجوّلت في بعض الشوارع العربية التي ثارت من أجل غزة، وهي قليلة، فسترى كمية هذا الغضب الذي يتراكم في صدور جيل جديد سيحمل هذه الحرب وصور مجازرها وأطفالها في صدره ولن ينساها بالتأكيد.

عرّت هذه الحرب أولئك الفاشيين القدامى، وكشفت النازيين الجدد، ولكنها عرّفتنا أيضاً بشخصيات ومسؤولين في مدن عديدة، في أوروبا وفي دول لاتينية، انتصروا للحق ولم يكترثوا كثيراً للحسابات السياسية، عكس عرب باعوا وخانوا وصمتوا وأيّدوا تدمير "حماس"، على أمل قتل كل مقاومة ممكنة ووأد كل نفس حر، ولكنها ليست كما يأملون، فهذه الحرب تبني وطناً جديداً ليس في فلسطين وحدها، بل في بقع كثيرة من العالم.
 

المساهمون