مع توالي المؤشرات حول تصميم تركيا على القيام بعملية عسكرية جديدة في شمال سورية ضد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) تسعى مجمل الأطراف المعنية لتعزيز مواقعها واستعداداتها لمثل هذه العملية، فيما شمل التسخين الميداني أيضاً مناطق سيطرة قوات النظام السوري في محافظة إدلب وريف حلب الغربي.
وذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن اشتباكات جرت صباح اليوم بالرشاشات الثقيلة بين فصائل المعارضة في إدلب والقوات التركية من جهة، وقوات النظام من جهة أخرى، على محور بلدة آفس بريف إدلب، وعلى محور كفرنوران بريف حلب الغربي، فيما استهدفت الفصائل تجمعات قوات النظام على محور الفوج 46 غربي حلب.
من جهتها، قصفت قوات النظام بالمدفعية بلدة معارة النعسان بريف إدلب الشرقي، وقرية فليفل بريف إدلب الجنوبي. كما طاول القصف المكثف حرش وقرية بينين وقرية الرويحة شرقي جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، حيث تنتشر القواعد والنقاط التركية في المنطقة.
وفي السياق، أشارت المصادر إلى دخول رتل عسكري للقوات التركية الليلة الماضية من معبر كفرلوسين شمالي إدلب، مكون من نحو 20 شاحنة محملة بكتل أسمنتية واتجه نحو نقطة القيادة التركية في بلدة المسطومة، قبل إرسال التعزيزات باتجاه نقاط التماس مع قوات النظام في المحور الشرقي لجبل الزاوية بريف إدلب.
وأكدت المصادر وصول تعزيزات عسكرية لقوات النظام السوري إلى ناحية عين عيسى في ريف الرقة الشمالي، تشتمل على دبابات ومدفعية وأسلحة ثقيلة، إضافة إلى عشرات الجنود.
وكانت روسيا قد عملت خلال الأيام الماضية على تعزيز قواتها شمال شرقي سورية بالتزامن مع التهديدات التركية بشن عملية عسكرية، ونفذت طلعات استطلاعية فوق مدينة تل رفعت بريف محافظة حلب الشمالي، فيما نشرت منظومة دفاع جوي في القامشلي أقصى شمال شرقي سورية الخاضعة لسيطرة قوات "قسد".
أردوغان: نقوم بخطوات ولا نريد أن يزعجنا أحد
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد جدّد أمس السبت التهديد بعملية عسكرية جديدة شمالي سورية، وقال إن بلاده تقوم بـ"خطوات لازمة" في المنطقة و"لا نريد أن يزعجنا أحد".
ونقلت وسائل إعلام تركية عن أردوغان قوله خلال مشاركته في اجتماع تشاوري لحزب العدالة والتنمية في أنقرة إنه "مزّق الممر الإرهابي المراد تشكيله على حدود تركيا من خلال عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ودرع الربيع والمخلب في سورية، والقفل في العراق".
وأضاف: "المنطقة الممتدة بعمق 30 كيلومتراً، بمحاذاة الحدود الجنوبية، هي منطقة أمنية، ولا نريد أن يزعجنا أحد هناك، لذا نقوم بالخطوات اللازمة بهذا الخصوص".
تركيز على تل رفعت
وفي وقت تنشر وسائل إعلام تركية معلومات عن استقدام تعزيزات تركية إلى محيط منبج وتل رفعت بريف حلب الشّمالي تحدثت وكالة الأناضول التركية شبه الرسمية عن قيام "قسد" بحفر أنفاق وإخفاء أسلحة في المناطق السكنية بمدينة تل رفعت والقرى المحيطة بها، وأنها تخطط لاستخدام المدنيين دروعاً بشرية.
وذكرت الوكالة أنه من خلال رصد عدة قرى محيطة بتل رفعت، وهي الشيخ عيسى ومنغ والعلقمية وعين دقنة وكشتعار وطاط مراش من الجو، ظهرت أعمال حفر أنفاق فيها وإخفاء دبابات وأسلحة في البيوت، وتحركات لمقاتلين حول الأنفاق وتجمعات لهم في القرى، إضافة إلى زرع ألغام عند مداخل الطرق المؤدية إلى مركز مدينة تل رفعت وفي بعض مباني المؤسسات لعرقلة تقدم محتمل للجيش التركي والجيش الوطني السوري باتجاه المدنية.
كذلك عمد عناصر "قسد" إلى تكثيف أنشطة التفخيخ بألغام مضادة للدبابات والأفراد في مداخل ومخارج تل رفعت إضافة إلى تفخيخ مبانٍ لمؤسسات لتفجيرها إذا ما انسحبوا وأخلوا المدينة، وفق الوكالة.
ولفتت إلى أن الوحدات الكردية عملت خلال السنوات الماضية على حفر شبكة أنفاق معقدة في تل رفعت ومحيطها، كما استقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة من مناطق سيطرتها شرق الفرات إلى المنطقة.
وتخضع تل رفعت التابعة لمحافظة حلب لسيطرة "قسد" منذ عام 2016، وتقول تركيا إنها تستخدم منطلقاً لتنفيذ هجمات على مناطق سيطرة القوات التركية و"الجيش الوطني السوري".
النظام السوري يحذر
من جهتها، نددت وزارة الخارجية التابعة للنظام السوري بما سمته "الهجمات التركية على أراضي شمال سورية" ووصفتها بأنها "انتهاك سافر للقانون الدولي والسيادة السورية".
ونقلت وكالة "سانا" الرسمية عن مصدر في الخارجية قوله إن حكومة النظام تتابع "الاعتداءات التركية على الأراضي السورية" و"التصريحات العدوانية للنظام التركي بشأن المنطقة الآمنة شمال سورية"، معتبرة أن ذلك يتناقض مع تفاهمات ومخرجات مسار أستانة، ويشكل "تهديداً للسلم وأمن المنطقة".
وحذّر من أن مواصلة تركيا الهجمات "ستؤدي إلى نسف كل التفاهمات السابقة برعاية دولية فيما يخص خطوط مناطق خفض التصعيد".
بايدن يفوّض وزير الدفاع بصلاحيات جديدة
من جهة أخرى، فوّض الرئيس الأميركي جو بايدن وزير الدفاع لويد أوستن بالصلاحيات واتخاذ القرارات بشأن الترخيص الذي أصدرته الإدارة الأميركية بشأن استثناء مناطق شمال شرقي وشمال غربي سورية من العقوبات الأميركية على نظام الأسد.
وقال بيان صادر عن البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي "بموجب السلطة المخولة له وفق دستور وقوانين الولايات المتحدة فوّض وزير الدفاع بالسلطة والمهام المخوّلة للرئيس لتفويض الدفاع الوطني للتنازل عن قيود معينة على تكلفة مشاريع البناء والإصلاح لدعم حملة مكافحة داعش في العراق وسورية".
وأوضح البيان أن التفويض "يتضمن اتخاذ أي قرارات متعلقة، وتقديم أي إخطارات متعلقة بالترخيص بشأن العقوبات للكونغرس الأميركي".
وفي 12 مايو/ أيار الماضي، أعلنت الولايات المتحدة عن استثناء قطاعات ومناطق في شمال شرقي وشمال غربي سورية من عقوبات "قانون قيصر" للمساهمة في تنمية تلك المناطق والحد من خطر عودة ظهور تنظيم "داعش"، حيث شمل الاستثناء 12 قطاعاً مثل الزراعة والاتصالات والبنية التحتية (كهرباء - ماء - نفايات) والبناء والطاقة النظيفة، والتمويل والنقل والتخزين.