لم يكد يمضي على عودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، سوى أقل من أسبوعين، حتى غادرها من جديد، اليوم السبت، على الرغم من تصريحه لدى عودته في 28 يناير/كانون الثاني الماضي أنه عاد للعمل من الداخل اليمني بعد أشهر قضاها في الرياض وعواصم أخرى ضمن جولات رسمية.
وذكرت وكالة "سبأ" التابعة للحكومة المعترف بها دولياً أن العليمي، ومعه عضو المجلس عبد الرحمن المحرمي، غادرا عدن إلى الرياض في طريقهما إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، ضمن جولة خارجية تشمل أيضاً ألمانيا بدعوتين رسميتين.
ونقلت الوكالة عن مصدر في رئاسة الجمهورية قوله إن رئيس المجلس الرئاسي سيعقد مباحثات مع كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، "حول العلاقات الثنائية، والمستجدات اليمنية وسبل تنسيق ومضاعفة الجهود الرامية إلى تحقيق السلام، وإنهاء الحرب والمعاناة الإنسانية التي صنعتها المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني". كما سيشارك العليمي في مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث يناقش زعماء وقادة، ورؤساء منظمات ومفكرون من مختلف البلدان التحديات الأمنية الراهنة والسياسات المطلوب تشاركها على كافة المستويات، وفق المصدر الرئاسي للوكالة.
وتعليقاً على الزيارة، قال المحلل السياسي فؤاد مسعد، لـ"العربي الجديد"، إنها تأتي ضمن الجهود اليمنية الرسمية لحشد موقف دولي يدعم اليمن في الوضع الراهن لمواجهة التحديات، وفي مقدمتها الحرب التي مضى عليها نحو 8 سنوات. وأضاف أنه في ضوء المحاولات والجهود المبذولة لوقف الحرب وإحلال السلام في اليمن، تسعى السلطات اليمنية للحصول على دعم الاتحاد الأوروبي وموقفه في مواجهة الحوثيين الذين لا يزالون يراوحون في المكان نفسه في ما يتعلق بجهود الأمم المتحدة لوقف الحرب.
ولفت مسعد إلى أن "الرئيس العليمي يسعى للحصول على دعم أوروبي قوي لليمن، سواء في جهود التسوية، أو في جهود تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، خصوصاً أن الدور الأوروبي تجاه اليمن تراجع العام الماضي بسبب الحرب في أوكرانيا".
ويبدو أن العليمي يعطي الملف الدبلوماسي أولوية في تحركاته لإدارة ملف الأزمة اليمنية، ويفضّل أن يقود هذا الملف شخصياً، على عكس ما كان يحدث في السابق من خلال وزراء أو مسؤولين حكوميين، في مقدمتهم وزير الخارجية أحمد بن مبارك، أو حتى رئيس الحكومة معين عبد الملك، وفق مصادر مقربة من قصر المعاشيق الرئاسي.
وأكدت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن العليمي اختار أن يقود الدبلوماسية الخارجية شخصياً، واضعاً في أجندته ملف السلام والحرب والأزمة الإنسانية والاقتصادية في البلاد، لتحشيد المواقف الدولية لمساعدة اليمن للخروج من هذه الأزمة، إضافة إلى كسب مزيد من الدعم الدبلوماسي والاقتصادي، والضغط على إيران لوقف حصولها على دعم منظمات ومؤسسات غربية.
وقال أحد هذه المصادر، إن العليمي يريد أن يدير الملف الدبلوماسي بنفسه، فهو يدرك أن هناك إخفاقاً في هذا الملف خلال السنوات الماضية. وأضاف أن أي زيارة جديدة له إلى الخارج، سواء أكانت إلى بروكسل أم إلى عواصم أخرى، تأتي في إطار تفعيل دور الدبلوماسية وتحسين العلاقات بين اليمن وباقي الدول، وبينها الأوروبية، التي سيطلب منها أن تدعم مجلسه الرئاسي والاقتصاد اليمني، إلى جانب الدفع نحو تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية.
وأكد المصدر أن العليمي سيحاول في مؤتمر ميونيخ للأمن تقديم وجهة نظر الحكومة الشرعية، وتقديم شرح وافٍ من خلال ملف متكامل عن الخطورة الكبيرة التي يسبّبها الحوثيون على الأمن العالمي، وتداعيات ذلك على خطوط نقل موارد الطاقة وممرات التجارة العالمي بدعم من إيران.
في موازاة ذلك، يذهب مراقبون إلى القول إن العليمي يستغل التقارب الأخير الذي حدث بين قيادة الشرعية والاتحاد الأوروبي بعد موقف الشرعية الرافض للحرب الروسية على أوكرانيا، لدفع الأوروبيين إلى تأكيد دعمهم الكامل لمجلس القيادة الرئاسي وحكومته. ومن المحتمل مناقشة موضوع تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، وحظر تحركات عناصرها في أوروبا خلال زيارة العليمي.