العقوبات الجماعية ضد الفلسطينيين... حرب إسرائيلية معلنة

31 يناير 2023
صعّد الاحتلال الإسرائيلي في سياسة العقوبات على الفلسطينيين (Getty)
+ الخط -

على الرغم من أنه لا جديد في سياسة العقوبات والردع التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين بشكل جماعي أو فردي، لكن ما يميّز هذه المرحلة من العقوبات أنها "البرنامج اليومي الوحيد لحكومة اليمين المتطرف التي يقودها بنيامين نتنياهو"، وفق ما أكده خبراء وحقوقيون في القانون الدولي.

ويرى هؤلاء أن هذه العقوبات بمثابة "إعلان حرب" على الفلسطينيين، ويجب أن تُقابل بخطة "إنقاذ سياسي شاملة"، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

ويرى الخبير بالقانون الدولي رائد أبو بدوية، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ما يحدث حالياً في برنامج الحكومة اليمينية، إعلان حرب على الفلسطينيين، سواء بموضوع ضمّ للضفة الغربية، وتعزيز المستوطنين وزيادة تسليحهم وتصاعد اقتحامات المستوطنين للأقصى ورفض أي سيادة غير إسرائيلية عليه، أو بموضوع الممارسات القمعية الجماعية والاغتيالات الفردية، في ظل انسداد في أفق سياسي، لأن جميع مكونات الحكومة الإسرائيلية ترفض قيام دولة فلسطينية".

ويتابع أبو بدوية، وهو محاضر في القانون الدولي في الجامعة العربية الأميركية: "نحن أمام إعلان حرب على الشعب الفلسطيني وعلى السلطة ومؤسساتها، والمفروض على قيادة الشعب الفلسطيني، سواء الرسمية أو الحزبية، أن ترتقي ببرنامج جديد لمقاومة هذه الحرب والوقف في وجه هذه الحكومة"، مشدداً على أن "المطلوب خطة إنقاذ وطني، عبر إصلاح منظمة التحرير سريعاً وإعادة تشكيلها، وإبعاد مؤسسات منظمة التحرير جغرافياً عن الاحتلال عبر نقلها من الضفة الغربية إلى قطاع غزة".

ويقول أبو بدوية: "لا أعتقد أن وقف التنسيق الأمني كافٍ، يجب حلّ الأجهزة الأمنية الفلسطينية، والإبقاء على المؤسسات الخدماتية في السلطة، وتجريد السلطة من أي صلاحيات أمنية وسياسية، واقتصار عملها على العمل الخدماتي، دون أي وظيفة أمنية أو سياسية، وعودة الوظيفة السياسية إلى البيت الأم، أي منظمة التحرير".

ويرى أن "النخبة الفلسطينية المستفيدة من الامتيازات في الضفة الغربية تعيش حالة فقدان الثقة من الجمهور الفلسطيني من أطيافه كافة، وهذا يضعها أمام مفترق طرق، إما تنتظر وتنهار، أو تضطر إلى لعب الوظيفة التي تريدها إسرائيل بأن تكون وكيلة للاحتلال، أو تختار طريقاً آخر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه أمام هذه الحكومة الاستيطانية".

وتقوم كل مكونات حكومة نتنياهو منذ تشكيلها من وزراء وأعضاء كنيست، بتقديم توصيات يومية تتضمن اقتراحات لعقوبات على الفلسطينيين، حيث وصلت العقوبات إلى حد غريب، انعكس في نشر ضباط المخابرات الإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي تهديداً لكل من يظهر مظاهر الفرح بالعمليات المقاومة. وكتب مسؤول المخابرات الإسرائيلية غرب رام الله: "نحن نرى بكل من يفرح بالقتل محرضاً مقرفاً ويستحق العقاب، أياً كان مكانه، وسنعمل على ذلك، وسنحاسب كل من يفكر حتى بالمساس بأمتنا وسلامة مواطنينا".

ولخص تسفيكا فوغل، عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب "القوة اليهودية" المتطرف الذي يتزعمه إيتمار بن غفير، وشغل منصب قائد تشكيل في سلاح المدفعية بجيش الاحتلال، وقائد المنطقة الجنوبية، ما يجب فعله ضد الفلسطينيين بأربع كلمات: "إغلاق، وهدم، واغتيالات، وطرد".

وقال فوغل للإذاعة العبرية، الأحد الماضي، حسب ما ترجم موقع "ألترا فلسطين": "إذا انطلق المنفّذ من سلوان أو شعفاط، عندها يجب حصار شعفاط لمدة شهر، مع إجراء تفتيش من منزل إلى آخر، والهدم يعني أن نهدم منزل من ينفّذ عملية، بغضّ النظر سواء كان عمره 13 عاماً أو 30 عاماً".

وأوضح أنه "يجب طرد وإبعاد كل أسرة لديها قريب من الدرجة الأولى، نفّذ عملية، ولو كانت تحمل هوية إسرائيلية يتم إبعادها إلى قطاع غزة أو سورية أو اليمن".

المقدسيون مهدّدون باقتلاعهم من مدينتهم

وتهدف عقوبات الاحتلال في القدس إلى اقتلاع المقدسيين من المدينة بشكل أساسي، عبر هدم البيوت التي لا يُسمح ببنائها في الظروف العادية للمقدسيين إلا بشروط معقدة وتكلفة كبيرة جداً، ما يعني أن هدم بيت عائلة أي منفذ لعملية مقاومة لن يُسمح بإعادة بنائه أبداً، ورغم فداحة العقوبة الجماعية لكل أفراد العائلة، إلا أن سحب الهوية المقدسية من عائلة منفذي عمليات المقاومة، عقوبة اقتلاع جماعي ونفي العائلة إلى خارج أسوار مدينة القدس.

ويقول مدير فرع القدس لمركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان في القدس رامي صالح لـ"العربي الجديد"، إن "سحب الهوية المقدسية يعني إسقاط حق الإقامة للمقدسي داخل مدينة القدس، وبذلك هو لا يستطيع أن يسكن داخل المدينة، ولا يستطيع أن يزور أملاكه إن كان لديه بيت مثلاً وغيره، ولا يستطيع تلقي العلاج والذهاب إلى المدارس، ولا يستطيع حتى أن يصلي في المسجد الأقصى".

ويتابع: "ببساطة، تستطيع إسرائيل أن تقتلع مقدسياً وُلد وتربى هو ووالده وجده في المدينة، وتلقي به خارج المدينة، وتسمح ليهودي جاء من آخر بقعة في العالم بأن يعيش في المدينة ويحظى بامتيازات خيالية".

ويضيف: "حالياً، اخترع الاحتلال بحكومته المتطرفة مسوّغاً جديداً لسحب الهوية من المقدسي، وهي عدم الولاء لدولة إسرائيل"، لافتاً إلى أن "عائلات منفذي عمليات المقاومة مستهدفة بالعقوبات الجماعية من حكومة الاحتلال بسحب الهوية، وكذلك هذا الاتهام يوجه لعائلات بأكملها بأنها تدعم المقاومة، وهي مهددة بسحب الهوية حتى وإن لم يقم أحد أفرادها بالمقاومة".

ويرى أن "ما تقوم به الحكومة الحالية، توجيه القوانين الإسرائيلية لسحب الإقامة للفلسطينيين لأنهم يطالبون بحقوقهم الطبيعية".

وبحسب إحصائيات مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، فقد سُحبَت هويات نحو 14 ألفاً و500 مقدسي، منذ عام 1967 حتى الآن، كعقوبة سياسية.

وحول ما هو المطلوب من السلطة الفلسطينية، يقول صالح: "يجب أن تعمل السلطة قدر الإمكان في المحافل الدولية، على تسليط الضوء على العقوبات الإسرائيلية في سحب الهويات وهدم المنازل في القدس، لأن كلتا العقوبتين تندرج تحت مخالفة للقانون الدولي والعقوبات الجماعية المحرمة دولياً".

ويتابع صالح: "لكن يبقى إدراك سقف توقعاتنا الحقيقي في ظل معرفتنا بالإمكانات المتاحة للسلطة، إن كل ما نأمله أن تستمر في الضغط على الدول المختلفة لمجابهة هذا الموضوع، لكن نحن نعلم أن جميع الدول داعمة للاحتلال، وتؤيد إسرائيل، وتستخدم القانون الدولي في معايير مزدوجة حسب مصلحتها".

يشار إلى أن "العربي الجديد" حاول الاتصال بوزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية لاستيضاح أية خطوات قامت بها على الصعيد الدولي، لكنها لم تستجب لتلك الاتصالات.

المساهمون