لم تهدأ المعارك ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق، من المحور الغربي إلى الشمالي، منذ أكبر من أسبوع، حيث تستمر الاشتباكات وعمليات القصف من دون توقف، وسط تراجع ملحوظ للتنظيم الذي بات يعتمد على الانتحاريين أكثر من أي وقت مضى لصدّ الزحف العسكري على مناطقه ومعاقله الرئيسية كالفلوجة ومناطق أعالي الفرات.
يأتي ذلك بعدما عمدت الولايات المتحدة الأميركية إلى زيادة ثقلها العسكري في العراق، مستفيدة من الأزمة السياسية في البلاد وشلل البرلمان ومجلس الوزراء للأسبوع الثاني على التوالي، من دون أي اعتراض أو تحفّظ على التحركات الأميركية من قِبل أطراف التحالف الوطني الحاكم، وعلى وجه التحديد الجناح المحافظ الموالي لإيران بزعامة نوري المالكي وأذرعه المتمثّلة بمليشيات "الحشد الشعبي". فيما ألقى الثقل العسكري الأميركي الجديد نتائج إيجابية على الساحة العراقية لصالح بغداد في حربها ضد "داعش".
ومع الاستمرار في التقدّم ضد التنظيم الذي تراجعت مساحة سيطرته في العراق إلى أقل من 30 في المائة من مجمل مساحة العراق، بعد خسارته عدداً كبيراً من المدن والمناطق المهمة، خلال الأشهر الستة الماضية، مثل الرمادي وبيجي والصينية وهيت وكبيسة والبشير وحمرين وحوران ومناطق عدة غرب بغداد. تبدو مليشيات "الحشد" أكثر تهميشاً في تلك المعارك، إذ تتولى قوات الجيش والعشائر والبشمركة الجهد الأكبر في تلك العمليات بغطاء جوي أميركي مستمر من مقاتلات ومروحيات، وآخرها مشاركة برية شمال الموصل، أول أمس الأربعاء. يضاف إلى ذلك انسحاب أعداد وفصائل كبيرة من تلك المليشيات إلى بغداد بسبب الأزمة السياسية، ومحاولة بعض كتل التحالف الوطني استخدام فصائلها وأجنحتها العسكرية المنضوية في "الحشد" حالياً كورقة ضغط أو استعراض للقوة أمام خصومها الآخرين.
يأتي ذلك بعدما عمدت الولايات المتحدة الأميركية إلى زيادة ثقلها العسكري في العراق، مستفيدة من الأزمة السياسية في البلاد وشلل البرلمان ومجلس الوزراء للأسبوع الثاني على التوالي، من دون أي اعتراض أو تحفّظ على التحركات الأميركية من قِبل أطراف التحالف الوطني الحاكم، وعلى وجه التحديد الجناح المحافظ الموالي لإيران بزعامة نوري المالكي وأذرعه المتمثّلة بمليشيات "الحشد الشعبي". فيما ألقى الثقل العسكري الأميركي الجديد نتائج إيجابية على الساحة العراقية لصالح بغداد في حربها ضد "داعش".
وأعلن المتحدث باسم التحالف الدولي ستيف وارن في مؤتمر صحافي عقده، أمس الخميس، داخل السفارة الأميركية في بغداد، عن انطلاق عملية جديدة أطلق عليها اسم "وشق الصحراء" في مناطق حوض الفرات، في إشارة إلى المناطق المحصورة بين مدينة هيت، 80 كيلومتراً غرب الرمادي، صعوداً إلى الرطبة حيث الحدود مع الأردن. وتهدف العملية إلى تحرير مناطق عدة أبرزها البغدادي وجبة وعنّة وراوة والسنجق، وآلوس.
ويثير اسم العملية علامات استفهام عدة حول الدور الأميركي المباشر والمتزايد في المعارك، فحيوان الوشق الذي أُطلقت العملية على اسمه لا يتواجد في بيئة الأنبار، ويكاد يكون غير معروف لدى أهلها، وهو عكس ما درجت القوات العراقية من تسميات لعمليات تقوم بها.
وأوضح وارن أن "العملية العسكرية انطلقت وستستمر لحين تحرير المنطقة"، مؤكداً أن "طائرات (A-10) تحلق في الأجواء العراقية منذ ستة أشهر، وهي طائرات قوية وشرسة وتمكنت من تدمير سيارات داعش المفخخة وشاحناتهم"، لافتاً إلى أن مروحيات الاباتشي جاهزة للتدخل بالحرب في أية لحظة.
في السياق نفسه، أكدت مصادر عسكرية من بغداد لـ"العربي الجديد" قرب وصول قوات أميركية برية ذات طابع قتالي إلى العراق، ليرتفع عديد القوات القتالية إلى نحو أربعة آلاف جندي من أصل 9 آلاف يتواجدون في العراق ما بين استشاريين وخبراء وفنيين. ووفقاً للمصادر، فإن سرب طائرات أباتشي يتواجد شمال العراق ومثله في المحور الغربي في الأنبار فضلاً عن كتيبتي مدفعية طويلة المدى تابعة للفرقة 101 الأميركية "مارينز".
وقال العميد الركن محمد الحمداني، من قيادة القوة البرية العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن "تنظيم داعش دخل مرحلة الانكماش في العراق ونسعى لاستغلال ذلك بزيادة الضغط عليه"، مبيناً أن "المعارك ستتواصل ولن نسمح له باستغلال شهر رمضان لتحشيد المتطرفين للقتال لصالحه"، على حد قوله.
وفيما كشفت مصادر عسكرية أخرى عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن 300 عنصر أمن عراقي من الجيش والشرطة والبشمركة وأبناء العشائر، وإصابة عدد مقارب، خلال الأيام العشرة الماضية، في الأنبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك، رفض العميد الحمداني أن يؤكد ذلك، مكتفياً بالقول: "إنها معركة وليست نزهة ويجب أن تكون فيها تضحيات".
أما عن الأوضاع في غرب العراق، فأعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "القوات العراقية حقّقت تقدّماً كبيراً على تنظيم داعش في مناطق جنوب وجنوب شرق الفلوجة وفي مناطق أخرى من الأنبار"، لافتاً إلى أن "وضعنا اليوم هجومي بشكل كامل وداعش يسعى للحفاظ على مواقعه بشتى الطرق، لكن في النهاية لن يتمكّن من الصمود".
شمالاً، تحوّلت المعارك إلى كر وفر بين الطرف العراقي ممثلاً بقوات الجيش والبشمركة والعشائر من جهة، وتنظيم "داعش" من جهة أخرى. وقال قائد عمليات تحرير نينوى اللواء الركن نجم الدين كريم الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن القوات العراقية المشتركة "أدخلت داعش في مرحلة الاستنزاف"، مضيفاً أن "القوات الأميركية سلّمت معدات وذخيرة للجيش العراقي من بينها صواريخ ذكية لاستهداف مواقع داعش". ولفت إلى أن "المعارك تنحصر حالياً في مناطق شمال وغرب الموصل، فيما بادر التنظيم إلى الهجوم لمنع أو مشاغلة القوات عن التقدّم إلى الموصل وهذا أمر طبيعي، لكنه لن يستمر"، مشيراً إلى أن "داعش استخدم 30 انتحارياً في يومين في محاولة للحفاظ على مواقع غير مهمة، لكنه خسرها في النهاية".