العراق: هل يحصل الصدر على مساندين من غير أنصاره؟

04 اغسطس 2022
الناشطون والمتظاهرون يطالبون بتطمينات من الصدر (قاسم الكعبي/فرانس برس)
+ الخط -

لم تكن كلمة زعيم "التيار الصدري" العراقي مقتدى الصدر، أمس الأربعاء، عن احتجاجات أنصاره في المنطقة الخضراء، وسط بغداد، موجهة إلى تياره أو الأحزاب المنضوية ضمن قوى "الإطار التنسيقي" القريب من إيران فحسب، بل توجه الصدر إلى حث الشعب العراقي على الاحتجاج ضدّ "الطبقة السياسية"، وفقاً لتعبيره، إلا أن شكوكاً لدى أوساط الناشطين والمراقبين من استمرار تأييد الصدر لفكرة "التغيير الجذري" و"الإصلاح"، التي تكرّرت في خطاباته.

ودعا الصدر في أول ظهور له منذ اتساع حدة الأزمة السياسية، عقب اقتحام الآلاف من أنصاره المنطقة الخضراء وسيطرتهم على مبنى البرلمان السبت الماضي، إلى "حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة نزيهة".

وأضاف "لدينا الرجال الأشداء والعدد الكبير المستعد للتضحية، وأنا على يقين أن الشعب سئم الطبقة السياسية بأكملها بما فيها بعض شخصيات التيار الصدري"، مخاطباً العراقيين بالقول إنه "إذا أردتم التغيير فأنا بانتظاركم. استغلوا وجودي لإزالة الطبقة الحالية، ولن يكون للوجوه القديمة أي وجود من خلال عملية ديمقراطية سلمية"، فيما وجه شكره لقوات الأمن الذين وصفهم بأنهم "مساندون للثورة".

يبدو أن الصدر يسعى إلى إضافة قوة شعبية أخرى إلى احتجاجات أنصاره في بغداد، عبر مشاركة تيارات مختلفة فيها، لتثبيت مطالبه التي حظيت بمباركة سياسية من بعض خصومه في الإطار مثل زعيم "ائتلاف النصر" الذي أعلن تأييده للصدر، والكيانات المعروفة باسم "التشرينية" التي تشكلت خلال العامين الماضيين وبعض النواب المستقلين، والحزب الشيوعي العراقي.

وعقب بيان الصدر، صدر بيان موحد جمع ناشطين من محافظات متفرقة، أطلقوا عليه اسم "قوى تشرين"، ردّاً على زعيم التيار الصدري، على مطلب اشتراك الشعب في الاحتجاجات "الصدرية"، وجاء فيه أن "المتظاهرين المدنيين اجتمعوا في محافظة واسط، وأن مطالب الصدر كانت الهدف الذي خرجَ لأجله الشعب في (انتفاضة تشرين)/أكتوبر عام 2019، ولم تتحقق بفعل وحشية النظام واندساس الأحزاب في صفوف المتظاهرين".

وأضاف البيان أن "التجارب العديدة بين الشعب والتيار الصدري خلَّفت فجوة تحتاج إلى ردمٍ جاد وحقيقي، فضلاً عن تذبذب القرارات القيادية للتيار وعدم وجود خارطة طريق واضحة للاحتجاجات الحالية، وهو ما يستلزم وجود تطمينات وضمانات حقيقية للجماهير للوقوف جنباً إلى جنب مع مطالب الصدر".

ولفت إلى أن "المتظاهرين والناشطين المدنيين يطالبون بتطمينات من زعيم (الكتلة الصدرية) ببيان موقفه من مطالب تغيير النظام والدستور بشكل واضح ورسمي، وأن يتعهد لأبناء الشعب بمحاسبة الفاسدين جميعاً بمن فيهم فاسدو التيار الصدري، من خلال وثيقة موقعة منه أو عبر بيان صحافي مصور، وضرورة أن يطلع الشعب أو ممثلون عنه على خارطة طريق واضحة المعالم للخطوات والبدائل المقبلة".

وأكد البيان أن قوى تشرين "ستبادر للتأكيد على مطالب الصدر المشتركة معهم، وستخرج القوى التشرينية بتظاهرة كبيرة منفصلةٍ عن بقية المحتجين، يوم الجمعة المقبل، تحت وسم "جمعة قلب المعادلة"، سيكون تجمعها في ساحة النسور ببغداد، وسيكون استمرارنا أو اعتصامنا أو ما يتطلبه تحقيق المطالب أعلاه، مرهونا بالتطمينات والضمانات من قبل مقتدى الصدر، وستكون مشاركته وفق آلياتنا الخاصة المنضوية تحت أسس التظاهر السلمي والمنضبط".

في السياق، قال الناشط وعضو حزب "البيت الوطني" طلال العمري، إن "التيارات المدنية والعلمانية والوطنية تعتبر الصدر مشاركاً في تثبيت النظام الحالي من خلال الاشتراك بالحكومات السابقة والتعاطي مع الأحزاب والكيانات المتنفذة عبر المحاصصة، بالتالي فإن المشاركة بتظاهرات التيار الصدري يعني أننا نشارك في تظاهرات سياسية لا تختلف عن أي تظاهرة يقدم عليها الإطار التنسيقي".

وأكمل في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "التيار الصدري تحدث عن مطالب مهمة، وهي امتداد لرؤية العراقيين والجماهير المدنية، لكن نحن لا نعلم إلى أي مدى ستستمر هذه المطالبات، وأننا لا نستبعد أن تنتهي احتجاجات التيار الصدري في أي لحظة، ما إذا اتفق التيار الصدري مع قوى "الإطار التنسيقي" على تفاهمات جديدة، بالتالي فإن المشاركة مع الصدر تعتبر مجازفة".

من جهته، لفت الناشط والحقوقي من محافظة بابل حسنين الجبوري إلى أن "الذي يمنع التيارات المدنية والتنظيمات العلمانية والليبرالية من الخروج إلى الشارع ومساندة الصدر هو التساؤلات التي لم نجد لها إجابة، بضمنها الدعوة إلى حل البرلمان التي يدعو لها الصدر حالياً، فلماذا لم تقم "الكتلة الصدرية بحل البرلمان عندما كانت جزءاً من مجلس النواب، وقد كان متاحاً لها ذلك، لا سيما وأنها أكبر كتلة من حيث العدد، ناهيك عن كون التيار الصدري مشاركا بالعملية السياسية منذ الاحتلال الأميركي عام 2003، فلماذا الآن بات الإصلاح مطلباً صدرياً؟".

وأوضح في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "الصدر تطرق إلى أمور مهمة في بيانه الأخير، ومنها الدماء الجديدة التي لا بد أن تصل إلى دكة الحكم، وعدم استثناء الصدريين من شبهات الفساد، لكنه لم يتطرق إلى التعديلات الدستورية المهمة، ولو أنه ذكر هذه الأخيرة، لكان التيار قد حظي ببعض الدعم المدني، في سبيل تحقيق المطالب".

بدوره، ذكر الباحث في الشأن السياسي عبد الله الركابي، أن "الصدر كان قد دعا التيارات المدنية والجماهير العراقية إلى مساندته في أكثر من مرة، قبل انسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان، من أجل دعم فكرة (حكومة الأغلبية الوطنية)، لكن القوى المدنية لم يصدر عنها أي حراك شعبي بالرغم من الدعم السياسي للفكرة".

مستكملاً حديثه مع "العربي الجديد"، أن "أكثر ما يخشاه المدنيون في مشاركتهم مع الصدر في احتجاجاته هو الانقلاب أو محاولة وضعهم على الهامش، ولعل التجربة مع الحزب الشيوعي كانت مثالاً على ذلك عام 2016، والتجربة مع متظاهري "تشرين" عام 2019، خير مثال على عدم بقاء الصدر بموقف واحد".

المساهمون