تشهد مدينة سنجار العراقية (115 كيلومترا غربي الموصل) ضمن محافظة نينوى (شمالاً)، والتي دارت في أجزاء منها باليومين الماضيين اشتباكات متقطعة بين الجيش العراقي، ومليشيات تابعة لمسلحي "العمال الكردستاني"، هدوءا حذراً، منذ ليلة أمس الإثنين، وسط استمرار المخاوف من تجدد الاشتباكات، في وقت وصل وفد عسكري رفيع إلى البلدة، بحسب ما أفاد به مسؤولون محليون.
وكانت الاشتباكات قد بدأت، مساء أول من أمس الأحد، بالتزامن مع بدء الجيش العراقي خطة انتشار جديدة في ناحية سنوني شمالي مدينة سنجار، والتي تخضع لنفوذ فصائل مسلحة مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وترفض وجود قوات الجيش أو الشرطة فيها.
وأقدمت مجموعة مسلحة تابعة لمليشيات "وحدات حماية سنجار"، المعروفة اختصاراً بـ(اليبشة)، على مهاجمة موكب ضابط رفيع في اللواء 72 بالجيش العراقي، وأسفر الهجوم عن إصابة جنديين اثنين، قبل أن تغلق عدداً من الطرق بواسطة متاريس ومصدات إسمنتية، لتندلع مواجهات بين الطرفين أسفرت عن مقتل جندي عراقي وثلاثة من أعضاء مليشيات وحدات حماية سنجار، مع تسجيل جرحى من المليشيات ذاتها.
وصباح اليوم الثلاثاء، وصل وفد عسكري رفيع إلى البلدة لتفقد الوضع الأمني وانتشار القوات العسكرية فيها، وذكر بيان لقيادة العمليات المشتركة، أن "وفداً أمنياً رفيعاً برئاسة نائب قائد العمليات المشتركة الفريق الأول الركن عبد الأمير الشمري ورئيس أركان الجيش الفريق أول ركن عبد الأمير يار الله، يرافقهم كبار القادة العسكريين وصل إلى قضاء سنجار لتفقد الوضع الأمني والقطعات العسكرية"، مبيناً أن "الزيارة تأتي بعد يوم من فرض القانون من قبل القطعات الأمنية على قضاء سنجار".
رئيس أركان الجيش ونائب قائد العمليات المشتركة يصلان إلى #سنجار لتفقد الوضع الأمني والقطعات العسكرية في القضاء pic.twitter.com/QsFMWYyCUA
— شبكة الإعلام العراقي (@iraqmedianet) May 3, 2022
ووفقاً لمسؤول محلي في ديوان محافظة نينوى، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "الجيش واصل ليل أمس انتشاره المكثف في غالبية المناطق التي شهدت توتراً ضمن ناحية سنوني ومجمع حطين وقرى مجاورة كما ستبقى عملية تغطية وحدات الجيش بالمروحيات حتى إشعار آخر".
وأشار إلى أن "قوات الجيش خارج الأحياء السكنية حالياً، لدواعٍ تتعلق بالأهالي والحفاظ على سلامتهم، وهناك قائمة مطلوبين من أعضاء المليشيات التي رفعت سلاحها بوجه الجيش وسيتم ملاحقتهم واعتقالهم".
وبيّن أنه "لم تحصل أي اشتباكات طيلة الليل، كما أن قوات الجيش لم تنفذ أي عمليات تمشيط أو مداهمات، إلا أنه سمع صوت طلقات نارية متفرقة لم تعرف مصادرها".
وأشار إلى أن "الوضع العام في منطقة سنوني شمالي سنجار ما زال قلقاً، ويوجد تخوف من قبل الأهالي من تجدد الاشتباكات في حال قرر الجيش الدخول للأحياء التي يتحصن بها مسلحو المليشيات، وأن الكثير من العوائل حزمت أمتعتها المهمة، وتهيأت للنزوح في أي لحظة".
وأشار إلى أن "الجيش حاول طمأنة الأهالي، عبر مكبرات الصوت، إذ أبلغهم بأنه سيتولى تنفيذ خطة سيادة القانون والنظام بالمدينة حتى يتم استتباب الأمن بشكل كامل".
إلى ذلك، دعا سياسيون من أهالي سنجار إلى وضع حد لوجود عناصر "العمال الكردستاني" في البلدة، محملين حكومتي بغداد وأربيل مسؤولية ذلك.
وقال عضو البرلمان السابق عن المكون الأيزيدي عن سنجار، حجي كندور الشيخ، إن "عدة حركات تتبع حزب العمال الكردستاني تتحدى الدولة في سنجار وتهدد الأمن والاستقرار للمدنيين والقوات الأمنية بشكل خاص"، مؤكداً في تصريح صحافي، أن "أوضاع البلدة مقلقة وخارجة عن سيطرة الدولة العراقية".
وحمل الحكومة العراقية وحكومة كردستان "مسؤولية تردي أوضاع البلدة، وعدم تنفيذ اتفاق التطبيع فيها، والذي يسهم في إعادة إعمار سنجار وعودة النازحين"، مشيراً إلى أن "أكثر من 200 ألف نازح من أهالي سنجار لا يزالون في إقليم كردستان إلى جانب وجود 100 نازح آخر خارج البلاد".
وشدد على "ضرورة حل ملف سنجار الذي بات ساحة للصراعات الإقليمية وتدخلات 3 دول متصارعة من أجل النفوذ، وهي تركيا وسورية وإيران".
وكانت قيادة الجيش العراقي قد أصدرت أمس توجيهات لوحداتها في سنجار، بالتعامل بحزم ووفق قواعد الاشتباك مع عناصر "اليبشه"، وصدّ أي تصرف أو ممارسة من شأنها زعزعة الأمن والنظام وحماية المواطنين هناك.
وخلال الشهر الماضي، وصل وفدان أمنيان رفيعان إلى سنجار، لمحاولة التوصل إلى تفاهمات بعدم اعتراض قوات الجيش، في خطة تطبيق القانون التي يتولى تنفيذها حالياً.