العراق: هجوم الطارمية يثير مخاوف من عمليات انتقامية ودعوات لوقف التحريض

17 فبراير 2023
تنفذ القوات العراقية عمليات تمشيط وبحث وتفتيش في البلدة (علي مكرم غريب/الأناضول)
+ الخط -

أعاد الهجوم الذي وقع يوم أمس الخميس في بلدة الطارمية، والذي أوقع 10 قتلى وجرحى من الجيش العراقي، المخاوف من عمليات ذات طابع انتقامي قد تقدم على تنفيذها فصائل مسلحة حليفة لإيران ضد البلدة التي تقع في المحور الشمالي للعاصمة بغداد، وسط دعوات لوقف حملة التحريض عليها، والتي تقودها أطراف سياسية ومليشياوية عبر وسائل الإعلام المحلية ومنصات التواصل الاجتماعي.

وعلى أثر الهجوم، تنفذ قوات من عمليات بغداد، منذ أمس الخميس، عمليات تمشيط وبحث وتفتيش واستطلاع مسلّح في البلدة، وأكدت في بيان أنّ "العملية جاءت لتجفيف منابع الإرهاب، ومنع تسللهم وإحباط محاولاتهم التي يرومون بها العبث بالأمن والاستقرار، وتعكير صفو أجواء الزيارة".

وتنفذ القوات الأمنية العراقية، منذ عدة أيام، خطة مشددة في بغداد، لحماية آلاف الزوار المتجهين من المحافظات الأخرى نحو منطقة الكاظمية، شمالي العاصمة، لإحياء مراسم وفاة الإمام الكاظم، وقد قطعت الكثير من الطرق والتقاطعات كإجراء لحماية الزوار من الاستهداف.

وكان المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء، اللواء يحيى رسول، قد أكد، في بيان ليل أمس، أنّ "الطبيعة الجغرافية لقضاء الطارمية معقدة، إذ إنها تحتوي على مسطحات مائية وبساتين كثيفة وأحراش، ويحاول الإرهابيون استغلال هذه الطبيعة لتنفيذ عملياتهم"، مبيناً أنّ "القوات الأمنية والجهد الاستخباراتي كانا حاضرين، وجرى تطويق العصابة الإرهابية التي حاولت استهداف الزيارة، وقتل جميع عناصرها الذين كانوا يرتدون أحزمة ناسفة، وقدمنا على أثر ذلك شهداء وجرحى".

وأضاف أنّ "الوضع الأمني عامة بالتزامن مع الزيارة جيد جداً وتحت سيطرة القوات الموجودة، وأن واجبنا هو الدفاع عن العراق وعن الشعب العراقي".

وتعيش البلدة، منذ أمس الخميس، وضعاً أمنياً مرتبكاً، وسط انتشار عسكري في شوارعها ومنافذها وفي البساتين، فيما شُلّت الحياة فيها مساء، بعد أن بقي الأهالي في منازلهم خوفاً من تنفيذ هجمات وعمليات اعتقال من قبل بعض الفصائل المسلّحة.

من جهته، أكد ضابط في شرطة الطارمية أنّ "الوضع مرتبك، وأن الأهالي يعيشون في رعب، لا سيما مع تصاعد حملات التحريض ضدهم"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، ومشترطاً عدم ذكر اسمه، أنّ "الهجوم الذي وقع يوم أمس هو خرق أمني لا يمكن أن يتحمله الأهالي، ولا يمكن أن يُتهم الأهالي بتنفيذه".

وأوضح أنّ "الأهالي متعاونون بشكل كبير مع القوات الأمنية، وأنهم غير مسؤولين عن حماية المنطقة، إذ إن المسؤولية كلها تتحملها القوات الأمنية التي تتحمل مسؤولية توفير الأمن فيها"، مشدداً على أنّ "أغلب الأهالي يحاولون إخراج أبنائهم من البلدة، ويخشون من عمليات دهم قد تقدم على تنفيذها فصائل مسلحة رداً على الهجوم".

ودعا الضابط إلى "تعزيز وجود الجيش في المنطقة، ومنع دخولها من قبل الفصائل غير المنضبطة حفاظاً على السلم المجتمعي".

من جهته، حذر الأمين العام للمشروع الوطني جمال الضاري من إجراءات عقابية تطاول أهالي البلدة، وقال في تغريدة على "تويتر"، "تكرار التعرضات الإرهابية في الطارمية من دون معالجة حقيقية يستوجب تغيير الخطط الأمنية وتفعيل الجهد الاستخباري، وإشراك الأهالي في عمليات إغلاق الثغرات وملاحقة الخلايا النائمة"، مشدداً على "ضرورة "ألا تكون العمليات الأمنية عقاباً جماعياً للمدنيين".

ومنذ ليل أمس، استمرت جهات سياسية وقيادات بالفصائل حملة تحريض ضد البلدة، والدعوة لاستنساخ تجربة بلدة جرف الصخر فيها، أي اجتياحها من قبل الفصائل، وتهجير أهلها، ومنعهم من العودة.

وعدّ الأمين العام لمليشيا "سيد الشهداء"، أبو الولاء الولائي، البلدة "موبوءة بالإرهاب"، وقال في تغريدة له: "ما زالت قواتنا الأمنية البطلة تزف قرابين الفداء لأجل عراق آمن مستقر، يمارس فيه الشعب طقوسه الدينية بأمن وسلام، وما انفك العدو يتربص الدوائر لتعكير صفو تلك الشعائر، لا سيما في الطارمية الموبوءة بالإرهاب، والتي لطالما حذرنا من هشاشة الوضع الأمني فيها".

وتواجه الطارمية حملة تحريض مستمرة من قبل الفصائل المسلحة والجهات السياسية المرتبطة بها، والتي تعتبر البلدة "معقلاً للإرهاب".

وتعيش البلدة التي تقع في المحور الشمالي للعاصمة بغداد، منذ عدّة سنوات، تضييقاً أمنياً وأجواء عسكرية مستمرة، وقد سجلت خلال الفترة السابقة انتهاكات كثيرة، من عمليات دهم من دون أوامر قضائية واعتقالات عشوائية لأبنائها من قبل فصائل مسلّحة.