أعلنت مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية، إحدى أبرز الفصائل المسلّحة المدعومة من طهران في العراق، أنّ الأوضاع في مدينتي الطارمية والمخيسة، شمالي بغداد وشرق ديالى، لن تستقر إلا باستنساخ تجربة مدينة جرف الصخر جنوبي بغداد، والتي تحتلها المليشيا منذ ما يزيد عن ست سنوات، وتمنع أهلها من العودة إليها، والبالغ عددهم نحو 180 ألف شخص.
وذكر المسؤول الأمني لمليشيا "كتائب حزب الله"، أبو علي العسكري، في بيان نقلته وسائل إعلام عراقية محلية، الأحد، في معرض تعليقه على الهجمات الإرهابية الأخيرة لتنظيم "داعش" في بلدتي الطارمية 25 كيلومتراً شمالي بغداد، والمخيسة 30 كيلومتراً شمال شرقي محافظة ديالى، أن "الوضع لن يستقر إلا باستنساخ تجربة جرف النصر فيها"، في إشارة إلى بلدة جرف الصخر. وأضاف العسكري أنه "على الرغم من المخاطر الأمنية الكبيرة، والتحديات التي تواجه القوات العراقية الماسكة للأرض في قاطع جرف النصر، (مدينة جرف الصخر) كنا قد دعونا الشرفاء إلى زيارة القاطع والاطلاع على وضعه الأمني لطمأنة أهلنا في مدينة عامرية الفلوجة".
واعتبر أن ما تم طرحه، خلال لقاء السياسي العراقي خميس الخنجر مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الأسبوع الماضي، "قد أربك الأمر، وجعل إمكانية الحديث في أمن أطراف القاطع أكثر صعوبة وتعقيداً"، بحسب زعمه، مضيفاً أن "الوضع الأمني في الطارمية والمخيسة في ديالى لن يستقر إلا باستنساخ تجربة جرف الصخر".
وتقع بلدة جرف الصخر شمال محافظة بابل، على بعد نحو 50 كيلومتراً جنوبي العاصمة بغداد، وتسيطر على المنطقة مجموعة من المليشيات المرتبطة بإيران، أبرزها "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"جند الإمام"، و"الخراساني"، و"عصائب أهل الحق"، التي تمنع القوات العراقية الحكومية من دخولها منذ استعادة السيطرة على البلدة نهاية 2014. وجرت محاولات سابقة في حكومتي حيدر العبادي وعادل عبد المهدي، بدفع من الأمم المتحدة وأطراف سياسية، لحلّ موضوع جرف الصخر، إلا أنها باءت بالفشل.
ويُعتبر بيان المليشيا الأول من نوعه الذي تقرّ فيه باحتلال المدينة وطرد أهلها منها منذ سنوات، إذ سبق أن تحدث مسؤولون عن مشاكل تتعلق بوجود ألغام في المدينة تحول دون عودة الأهالي، ووفقاً للسياسي العراقي عن محافظة صلاح الدين، ناجح الميزان، فإن "نوايا المليشيات في الاستيلاء على بلدات أخرى تحظى بمواقع جغرافية مهمة ما زالت قائمة، وهو ما يفهم من كلام مليشيا كتائب حزب الله"، متسائلاً عن "دور الحكومة وموقفها من تهديد مئات آلاف المواطنين بالطرد والتهجير والإقرار باحتلال مدينة وإبعاد أهلها منها".
وبيّن، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "المليشيات، منذ تحرير المناطق وطرد تنظيم "داعش" الارهابي، تعمل على إجراء عمليات التغيير الديمغرافي في المناطق التي تدخلها وتسطير عليها بدل "داعش"، وهذا الأمر يشكل خطورة على الوضع العراقي العام، ويهدد السلم المجتمعي والأهلي".
وأضاف أن "الحكومة العراقية، وكذلك المجتمع الدولي، مطالبان بالوقوف بوجه كل محاولات التغيير الديمغرافي التي تسعى إلى العمل عليها المليشيات الموالية لطهران، كما يجب تحرير جرف الصخر، من سيطرة المليشيات وعودة أهالي الجرف إلى منازلهم، الذين يمنعون من العودة إليها منذ سنين، رغم تحرير مناطقهم".
في المقابل، قال الخبير في الشأن العراقي مؤيد الجحيشي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "المليشيات الموالية لإيران لديها أهداف سياسية واقتصادية بالسيطرة على مناطق مهمة، بحجة محاربة تنظيم داعش".
وأكد الجحيشي أن "عمل المليشيات في السيطرة على المدن مستمرّ ولم يتوقف، بسبب ضعف الحكومة العراقية في مواجهة هذه التحركات، فهذه المليشيات تريد السيطرة على أصوات تلك المناطق، حتى تتلاعب بإرادة الناخبين كما تشاء وتعطيها للجهات السياسية، التي توفر لها الغطاء والحماية". وحذر من أن "استمرار المليشيات في السيطرة على المدن العراقية، وإفراغها من الأهالي، سوف يزيد المشهد الأمني تعقيداً، وسوف يدفع ربما إلى زيادة نشاط الجماعات الارهابية، ولهذا يجب إيقاف تلك التحركات، ومنعها".