بدت ملامح أزمة جديدة تلوح في الأفق بين البرلمان العراقي، وحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، والتي تتهمها أطراف سياسية بإبرام اتفاقيات وتفاهمات دولية، بمعزل عن السلطة التشريعية. وفيما تدفع تلك القوى باتجاه فرض نفسها للاطلاع على كافة الاتفاقيات، حذّرت قوى أخرى من محاولات فرض الأجندات السياسية على الاتفاقيات الحكومية.
وخلال الأسابيع الماضية، اتجهت الحكومة إلى ابرام عدد من التفاهمات ذات الصلة بمجالات اقتصادية وتجارية واستثمارية مع السعودية ومصر والأردن، في وقت تستعدّ للتوجه صوب الكويت وتركيا، للتوصل إلى مذكرات تفاهم مماثلة.
واتهمت لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية، الحكومة، بأنها تجري تفاهماتها بمعزل عن البرلمان. وقال عضو اللجنة، النائب رامي السكيني، إن "الحكومة تبرم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، من دون علم السلطة التشريعية، مما يجعلها تصطدم بتفاصيل المعاهدات عند أي تحرك تشريعي".
وأكد، في إيجاز صحافي، اليوم الأحد، أن "البرلمان مع الانفتاح على دول العالم، وتطوير العلاقات، واستخدامها بما يصبّ في مصلحة العراق وتطور اقتصاده، إلا أن تلك الاتفاقيات يجب أن تراعي مصلحة البلاد، وأن يكون للسلطة التشريعية علم بتفاصيلها"، مؤكداً أن "الحكومة لم تطلع البرلمان على تفاصيل أي اتفاقية أو معاهدة أبرمتها".
وأشار إلى أنه "غالباً ما يصطدم البرلمان بتفاصيل تلك المعاهدات، عند الاتجاه نحو تشريع القوانين والتشريعات، ومن بينها الاتفاقيات التي توجهت الحكومة لإبرامها أخيراً مع الأردن ومصر"، مؤكداً أن "لجنة العلاقات الخارجية رفعت توصية إلى الحكومة، بضرورة وجود تمثيل برلماني عند عقد الاتفاقيات، ويجب أن يتم الاطلاع على تفاصيلها".
وأكد نائب عن تحالف القوى العراقية، أن إثارة الملف، ومحاولة فرض الإرادات على الحكومة، يتم وفق أجندة سياسية من قبل بعض الأطراف التي كانت تدير الحكومات السابقة، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "تلك القوى لا تريد أن تكون بمعزل عن اتفاقيات الحكومة الحالية، وتريد أن تطلع على تفاصيلها، عبر البرلمان".
وأوضح أن "عمل الحكومة هو عمل تنفيذي، وأن القانون كفل لها إجراء الاتفاقيات والتفاهمات، وهذا في صلب عملها، وعلى البرلمان أن يقوم بدوره الرقابي، بالتصويت على القوانين التي تأتيه من الحكومة"، مشيراً إلى أن "أي تدخل من تلك القوى بالاطلاع على التفاهمات، سيكون تدخلاً سياسياً في عمل الحكومة، وهو أمر مرفوض".
في المقابل، أكد النائب عن كتلة "عراقيون" علي البديري، ضرورة أن "يبعد الملف عن التأزيم، وأن يتم اعتماد السياق القانوني والدستوري في حل الإشكال". وقال لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة تعي خطورة إبرام الاتفاقيات بمعزل عن البرلمان، لا سيما وأن أي اتفاق تبرمه الحكومة سيعرض لاحقاً على البرلمان للتصويت عليه، وهذا سياق دستوري، وأن من الصعوبة أن ترتكب الحكومة هذه الأخطاء بتجاوز السلطة التشريعية".
وأكد "ضرورة عدم الدفع باتجاه تأزيم الموقف بين السلطتين، وفي حال كان هناك اختلاف في الرؤى بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، أو شد وجذب فإنه في النهاية يجب أن يتم حلّ ذلك عبر الحوار بينهما، بعيداً عن التأزم، وعبر الدستور"، معتبراً أن "جميع الاتفاقيات يجب أن تمر عبر البرلمان للتصويت عليها".
وشدد على أن "النص القانوني واضح وصريح في هذا الصدد، ويجب على الحكومة أن ترسل اتفاقياتها إلى البرلمان للتصويت عليها وتأطيرها بإطار قانوني بعد المصادقة عليها من قبل رئاسة الجمهورية".