العراق: مشاورات بين الفائزين في الانتخابات المحلية لاختيار المحافظين الجدد

27 ديسمبر 2023
أجريت الانتخابات المحلية العراقية بمشاركة أكثر من 6 ملايين ناخب عراقي (Getty)
+ الخط -

تشهد العاصمة بغداد مشاورات وُصفت بأنها "أولية" بين الأحزاب والتحالفات السياسية الفائزة بالانتخابات المحلية العراقية، لاختيار الحكومات الجديدة لخمس عشرة محافظة شملتها الانتخابات.

وأجريت الانتخابات المحلية العراقية في 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بمشاركة أكثر من 6 ملايين ناخب عراقي من أصل أكثر من 23 مليون شخص يحق لهم التصويت. وتنافس في الانتخابات المحلية 296 حزباً سياسياً، انتظمت في 50 تحالفاً، على 275 مقعداً هي مجموع مقاعد مجالس المحافظات بشكل عام. وقد جرى تخصيص 75 منها ضمن "كوتا" للنساء 10 مقاعد للأقليات العرقية والدينية في العراق.

وحقق حزب "تقدّم" بقيادة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، المرتبة الأولى في بغداد، يتبعه ائتلاف "نبني" بزعامة هادي العامري، ومن ثم حزب "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ثم قوى بارزة مثل "السيادة"، و"عزم".

ويرى مراقبون أن تشكيل الحكومات المحلية لن يكون سهلا بسبب الصراعات ما بين القوى السياسية، حتى القوى السياسية التي قد تدخل في تحالف واحد، مثل "الإطار التنسيقي" الذي يضم الأحزاب الشيعية والأجنحة السياسية للفصائل المسلحة، قد تتعقد أمورها.

وقال عضو التحالف الحاكم "الإطار التنسيقي"، والنائب في البرلمان محمد الصيهود، إن تحالفه أعلن عن تشكيل كتلة موحدة له في جميع المحافظات للإسراع بتشكيل المجالس المحلية.

وأضاف الصيهود لـ"العربي الجديد": "ينبغي اختيار المحافظين الجدد بعيدا عن المحاصصة الحزبية. ربما سيتم اختيار المحافظ من خارج مجلس المحافظة (خارج الفائزين بالانتخابات الأخيرة)، بعد التوافقات السياسية بين التحالفات".

وينص قانون مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم على قيام المحافظ بدعوة مجلس المحافظة لعقد الجلسة الأولى ليتم خلالها انتخاب رئيس مجلس المحافظة ونائبيه. ووفقا للقانون فإن الجلسة الأولى لمجلس المحافظة الجديد تعقد برئاسة أكبر الأعضاء سناً ليتم انتخاب رئيس المجلس ونائبه بالأغلبية، وبعدها يؤدي أعضاء المجلس والرئيس اليمين الدستورية الواردة في المادة 50 من الدستور أمام رئيس محكمة الاستئناف في المحافظة وأمام المحافظ.

وبحسب القانون يفرض على المجلس المشكل حديثاً اختيار المحافظ الجديد خلال مدة 30 يوماً من تاريخ عقد الجلسة الأولى، حيث يتم انتخاب المحافظ بالأغلبية المطلقة من عدد أصوات المجلس.

الانتخابات المحلية العراقية "أظهرت الأوزان الحقيقية للمكونات"

من جانبه، قال عضو الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو، إن قانون مجالس المحافظات يشير إلى أن مجلس المحافظة ينتخب المحافظ، بالتالي فإن أي تحالف يحصل على النصف زائد واحد من الأصوات له الحق في أن يرشح أحداً لمنصب المحافظ، فالانتخابات أظهرت الأوزان الحقيقية للمكونات، وإذا لم تستطع كتلة أو مكون تشكيل تحالف فستضطر للتحالف مع الآخرين.

وأضاف خوشناو في حديثه لـ"العربي الجديد" أن المفاوضات ستتركز على جميع المناصب في محافظة كركوك، أما منصب المحافظ وبما أن الكرد الأكثرية ولديهم 6 مقاعد من أصل 16 مقعدا، فيفترض أن يكون من الاتحاد الوطني الكردستاني.

وبخصوص منصب المحافظ في محافظة كركوك، بيّن أن الحزب الديمقراطي الكردستاني سيتحالف مع التحالفات والقوائم الأخرى التركمانية والعربية، لحل مشاكل كركوك.

الانتخابات المحلية العراقية: سيناريوهات ومحاصصات حزبية

إلى ذلك، لفت الباحث في الشأن السياسي العراقي محمود النجار، إلى أن "مناصب المحافظين في هذه التوقيت تقع تحت السيناريوهات والتوقعات، على عكس مناصب أخرى، التي تقع تحت المحاصصة الحزبية والاتفاقات السياسية، مثل النائبين الأول والثاني للمحافظ، ورئيس مجلس المحافظة، هذا ما نشهده منذ عام 2003".

واعتبر النجار لـ"العربي الجديد"، أن بعض المحافظات إلى حد ما يحافظ المحافظون فيها على مقاعدهم في كل انتخابات، مثل محافظة النجف عادة ما يكون المحافظ قريباً من "حزب الدعوة" بزعامة نوري المالكي، أو "تيار الحكمة" الذي يترأسه عمار الحكيم، والبصرة يبقى منصب المحافظ قريباً من "المؤتمر الوطني" و"تيار الحكمة" و"حزب الدعوة"، وكذلك الحال في محافظة نينوى، يبقى منصب المحافظ قريباً من العرب السنّة المتحالفين مع الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وتوقع النجار أن تشهد بغداد منافسة شديدة بين القوى السياسية لا سيما أن حزب "تقدّم" بزعامة المقال من رئاسة مجلس النواب محمد الحلبوسي تصدر المركز الأول، واعتبر منصب محافظ بغداد حساسا وقريبا من مراكز صنع القرار، وربما القوى السياسية الشيعية الحاكمة ستعطي مناصب مهمة وامتيازات عالية المستوى إلى حزب "تقدّم" كمنصب النائب الأول أو الثاني أو رئاسة مجلس المحافظة وليس منصب المحافظ.

وتتمتع مجالس المحافظات التي أنشئت بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، بصلاحيات واسعة على رأسها انتخاب المحافظ، ووضع ميزانيات في الصحة والنقل والتعليم عبر موازنات مخصصة لها في الموازنة العامة، وإصدار التشريعات المحلية، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، دون أن يتعارض ذلك مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات.

المساهمون