العراق: مرشح الصدر لرئاسة الوزراء يدعو لتطبيق الدستور بكل مواده ويؤكد على "الأغلبية الوطنية"

04 يونيو 2022
طرح جعفر الصدر في مقال موسع رؤيته لإدارة الدولة (فيسبوك)
+ الخط -

دعا مرشح زعيم التيار الصدري لرئاسة الوزراء، محمد جعفر الصدر، إلى وقفة لتطبيق الدستور بكل مواده وإخراجه من "المساومات السياسية الضيقة"، مشدداً على أن "الأغلبية الوطنية" هي الآلية الأنسب لنجاح إدارة الدولة.

وقال الصدر في مقال موسّع نشرته صحيفة الصباح العراقية الرسمية، اليوم السبت: "يواجهنا استحقاقان، الأول هو إكمال مشروع بناء الدولة الذي لم ينجز بعد، والثاني هو انتخاب الرئاسات الثلاث من جهة، وإعداد البرنامج الحكومي من جهة أخرى، أي إدارة الدولة".

وأكد أنه "في كل مرة يُغفل الاستحقاق الأهم، وننشغل بالاستحقاق الثاني للتوصل إلى توافق على حكومة لا يتجاوز عمرها الأربع سنوات، ونترك العمل على التوافق على مشروع بناء الدولة المؤجل دوماً"، متسائلاً "هل حانت الفرصة ومن خلال الأغلبية الوطنية وتحالف إنقاذ وطنٍ (تحالف الصدر مع الحزب الديموقراطي الكردستاني وتحالف السيادة) أن نبدأ؟".

وأضاف الصدر أن "مشروع بناء الدولة تشترط فيه مشاركة جميع أبناء الوطن، بجميع أطيافه وقواه المدنية وفاعلياته المختلفة، وفي ضمنها الأحزاب، أي المجتمع المدني"، مبيناً أنه "يحتاج صياغة وثيقة دستور البلاد، وتحدد ماهية الدولة، وفلسفة الحكم، ونوع النظام، والحقوق والواجبات بين الحاكم والمحكوم، وبين سلطات الحكم المختلفة. ثم تبدأ مرحلة تطبيق الدستور بعد إقراره، من خلال نفس القوى مجتمعة، والتي ينبغي أن تستمر في عملية البناء والتطوير والتعديل، بل التغيير إذا لزم الأمر مراعاة لمصالح البلد العليا، وتكيفاً مع المتغيرات".

وأوضح مرشح التيار الصدري لرئاسة الوزراء أن "لهذه القوى الحق في المشاركة الفاعلة برسم السياسات المصيرية، والعالية الأهمية للبلد، من خلال الحوار والتواصل، وعبر المؤسسات الرسمية والشعبية المختلفة، حتى يشعر الجميع بدورهم بل واجبهم في بناء بلدهم، وتحديد خياراته، ورسم مستقبله".

وأشار إلى أن "إدارة الدولة عبر مؤسساتها المختلفة (التشريعية والقضائية، وصولاً إلى السلطة التنفيذية)، يجب أن يُستلهم من استراتيجية بناء الدولة، والحراك السياسي، متمثلاً بالأحزاب والقوى السياسية، المنخرطة في العمل السياسي برامج ورؤى، والموجودة في المؤسسات الدستورية كالبرلمان، والمعبرة عن شريحة من أبناء الشعب"، مشدداً على أنه "يتوجب العمل مع هذه القوى ضمن القواعد الدستورية، والعمل السياسي كالأغلبية والمعارضة، والتحالفات وأمثاله".

ودعا الصدر إلى "تحقيق الاستحقاقين وأن لا نكتفي ببرنامج الحكومة المرتقبة من خلال التفاهمات أو التحالفات بين القوى السياسية، ويجب أن نعود أيضاً وبشكل جدي إلى أصل مشروع بناء الدولة، والتي كتبنا دستورها بمباركة مرجعيتنا، وقبول أغلبية الشعب، ويجب أيضاً أن نجري حواراً جاداً بين أبناء شعبنا".

لا نزال نتعثر في تطبيق الدستور بالشكل الكامل والصحيح

واستدرك القول: "لا نزال نتعثر في تطبيق الدستور بالشكل الكامل والصحيح، الأمر الذي جرّ إلى استصعاب ملء فجواته أو تغيير بعض مواده التي يشوبها الغموض، مع أنه الوثيقة التي تتضمن كل المفاهيم التي يجب أن يسير عليها بناء البلد"، متسائلاً "هل سنمتلك الجرأة على تطبيق الدستور ليتسنى لنا القول إننا شرعنا في الخطوة الأولى بالاتجاه الصحيح؟ وأن نكف عن تضييع الوقت، والقفز على الاستحقاقات، والتمسك بمطالب فئوية ضيقة، ومحاولة التهرب من استحقاق الالتزام الكامل به؟".

وتابع "للأسف ما زلنا مشغولين في مواد الدستور الشكلية دون المضمون والمحتوى، لأنّنا لم ننتقل بعد من مرحلة السلطة وإدارتها إلى مرحلة الدولة وبنائها"، داعياً إلى "وقفة لتطبيق الدستور بكل موادّه، والمضي قدماً في بناء الدولة".

وأكد الصدر "أننا بحاجة وبشكل جاد ومستمر إلى حوار مجتمعي بين جميع القوى المجتمعية، لنعمل على بلورة رؤى مشتركة ومتفق عليها لما يحتاجه البلد، مع حفظ الاختلافات، بما لا يعرقل مسيرة بناء الدولة، شرط الاتفاق على أن يكون قرارنا عراقياً مستقلاً، لا تابعاً، وأن العراق هو المصلحة العليا، وأن نبتعد عن سياسة المحاور، وأن العراق دولة اتحادية، ينظم الدستور فيها العلاقة بين المركز والإقليم، وأن من الضروري التوافق المجتمعي وبالحوار والثقة المتبادلة على ما يعترض تطبيق الدستور من مشكلات ومعوقات، وإخراج هذا الملف من المساومات السياسية الضيقة، وأن نتخلّى عن أي مرجعية خارج البلد، أن يطبّق القانون على الجميع دون استثناء".

حصر السلاح بيد الدولة

وفي السياق، شدّد الصدر أيضاً على "حصر السلاح بيد الدولة، وأن يكون السلاح لخدمة الوطن، وخضوع القوات الأمنية بكل مسمياتها لسلطة الدولة، وائتمارها بأوامر القائد العام، وتحديد صلاحياتها وإعادة هيكلتها وتطويرها، ومحاربة الفساد، وإيقافه عبر آليات متخصصة".

وأضاف "من الضروري جداً أن يكون البرنامج واضحاً محدداً وعملياً، وأن تتولّى جهة معينة تطبيقه، وتحمّل مسؤوليته، وأن يخضع للتقييم والمراجعة. وهذا الأمر لا يحصل إلّا إذا كانت الجهة محددة، آخذة على عاتقها هذا البرنامج، لتستطيع تطبيقه وتحمّل مسؤولياته. لذلك فإن طرح الأغلبية الوطنية هو الآلية الأنسب لنجاح البرنامج الحكومي، والطريق الأمثل لإدارة الدولة".

وكان تحالف "إنقاذ وطن"، الذي شكلته ثلاث قوى سياسية عراقية، هي "التيار الصدري"، وتحالف "السيادة"، والحزب "الديموقراطي" الكردستاني، قد أعلن في مارس/ آذار الماضي ترشيح جعفر الصدر لمنصب رئاسة الحكومة الجديدة.

ومنذ الإعلان عن النتائج النهائية الرسمية للانتخابات في العراق، في الثلاثين من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي (بعد 50 يوماً من إجراء عملية الاقتراع في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2021)، تتواصل الأزمة السياسية في البلاد، مسجلة بذلك إحدى أطول الأزمات التي يشهدها العراق، منذ الغزو الأميركي عام 2003.