تؤكد أطراف سياسية عراقية مختلفة في بغداد وأربيل، لـ"العربي الجديد"، عدم وجود أي ضمانات بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في بغداد بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، وسط تحذيرات من تكرار السيناريو الذي واجه حكومة عادل عبد المهدي، إذ اضطر إلى الاستقالة بعد تظاهرات شعبية، إذا ما أخلّت الحكومة الجديدة بوعدها إجراء انتخابات مبكرة.
واستندت طروحات قوى "الإطار التنسيقي" في الذهاب إلى تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات، إلى مسألة إجراء انتخابات جديدة بعد نحو عام من تشكيلها، على اعتبار أن حكومة مصطفى الكاظمي الحالية لا يمكنها إجراء انتخابات، كونها حكومة تصريف أعمال.
إلا أن أطرافاً سياسية عدة تعتبر إجراء انتخابات مبكرة بعد تشكيل الحكومة الجديدة غير محسوم، ولم يتم التطرق له في الاجتماعات الأخيرة للقوى السياسية، وهو ما قد يكون سبباً آخر يدفع التيار الصدري للعودة إلى التصعيد مجدداً.
ويُعدّ التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، من أشد المعارضين لحكومة السوداني، وقد عطّل بعد إعلان ترشحه لرئاسة الحكومة عمل البرلمان، عبر اقتحام أنصاره له واعتصامهم فيه لأكثر من شهر، وطالب بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. وتُعد الانتخابات المبكرة من أبرز مطالب الصدريين لحل الأزمة السياسية طيلة الأشهر الماضية.
تنافس على الحقائب الوزارية
وقال قيادي بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك قوى سياسية من كيانات ومكونات مختلفة تدفع باتجاه أن تكون حكومة محمد شياع السوداني حكومة كاملة، وليست مؤقتة يقتصر عملها على إجراء الانتخابات المبكرة، وهو ما تعكسه حدة التنافس على الحقائب الوزارية في هذه الحكومة".
قوى سياسية مختلفة تدفع باتجاه أن تبقى حكومة السوداني لفترة كاملة
وبيّن القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "القوى السياسية حتى هذه الساعة لم تحسم قضية إجراء الانتخابات المبكرة بعد سنة أو سنة ونصف من تشكيل الحكومة الجديدة، فلا ضمانات على ذلك، خصوصاً أن الكثير من الاتفاقيات السياسية لا يتم تطبيقها واحترامها من الكثير من الكتل والأحزاب".
واعتبر أن "وعود السوداني بالانتخابات المبكرة، لا يمكن تحقيقها من دون وجود رغبة سياسية بذلك، خصوصاً من قبل الإطار التنسيقي، الذي ترفض أغلب قواه هذه الخطوة، عكس ما تعلن عنه من خلال التصريحات".
وأضاف أن "عدم إجراء الانتخابات المبكرة بعد فترة من تشكيل الحكومة، سيدفع إلى احتجاجات جديدة من قبل الصدريين وقوى تشرين أيضاً"، معتبراً أن "سيناريو حكومة عادل عبد المهدي ربما يتكرر مع حكومة السوداني، وهذا الأمر تم إبلاغ القوى السياسية به، خصوصاً الإطار التنسيقي، فلا يمكن تجاهل مطلب التيار الصدري، الذي على أساسه قرر عدم المشاركة في الحكومة، كونها مؤقتة ولا تلبي طموحاته السياسية".
من جهته، قال النائب عن ائتلاف "دولة القانون" عارف الحمامي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنه "لا يوجد أي اتفاق سياسي على أن تكون حكومة السوداني مؤقتة ومهامها إجراء الانتخابات المبكرة، فهذا الأمر سابق لأوانه، وعلى الأغلب ستكون حكومة بكامل عمرها، أي تكمل الثلاث سنوات".
وأضاف الحمامي أن "الذهاب إلى انتخابات مبكرة ربما يحصل في حال أخفق رئيس الوزراء الجديد في مهامه، فهذا الإخفاق ربما يدفع القوى السياسية إلى الذهاب لخيار الانتخابات المبكرة، لكن حتى الساعة لا ضمانات بذلك". وأكد أن "نجاح حكومة السوداني سيدفع القوى السياسية إلى التمسك بها ودعمها إلى حين إكمال دورتها بشكل كامل من دون الذهاب إلى انتخابات مبكرة، ولهذا تقييم عمل الحكومة هو ما سيحدد عمرها".
استبعاد إجراء انتخابات عراقية مبكرة
من جهته، قال العضو البارز في تحالف "السيادة"، حسن الجبوري، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "هناك اتفاقاً سياسياً على إجراء الانتخابات المبكرة بعد سنة ونصف من تشكيل الحكومة الجديدة، لكن بصراحة الكثير من القوى لا تلتزم بما تتفق عليه بشكل مسبق".
لكن الجبوري أضاف: "نعتقد أن الانتخابات المبكرة لن تجري بعد تشكيل الحكومة الجديدة، والكثير من القوى السياسية ستعمل على جعل حكومة السوداني غير مؤقتة، وهذا الأمر قد يؤدي إلى أزمة كونه يعاكس الاتفاقات، وربما يثير الشارع ضد الحكومة كما حصل مع عبد المهدي".
وتابع "بصراحة لا توجد أي ضمانات على إجراء الانتخابات المبكرة بعد تشكيل حكومة السوداني، وهذا الأمر سيعتمد على الاتفاق السياسي بعد تشكيل الحكومة ومراقبة عملها وأدائها، ومن المتوقع أن تكمل الحكومة مدتها الدستورية بشكل كامل ولا تكون مؤقتة".
الجبوري: عدم إجراء انتخابات مبكرة قد يؤدي إلى أزمة ويثير الشارع كما حصل مع عبد المهدي
وتعليقاً على هذا الوضع، لفت رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إلى "وجود وعود وتصريحات من بعض القيادات السياسية بإجراء انتخابات مبكرة بعد سنة ونصف من تشكيل الحكومة الجديدة"، لكنه لفت إلى أن "هناك قوى سياسية تحاول إبقاء البرلمان والحكومة المقبلة لثلاث سنوات مقبلة، من دون إجراء انتخابات مبكرة".
وأضاف الشمري أن "من أهم التحديات التي ستواجه الحكومة الجديدة، هي إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة"، مشيراً إلى أن "تحديد موعد هذه الانتخابات يجب أن يكون ضمن برنامج رئيس الوزراء المقبل، وضمن مدة معلومة، وهذا يعطي رسالة إيجابية بأنه متحرر من القوى السياسية التي تريد الاستمرار في هذه المعادلة السياسية".
وبيّن رئيس مركز التفكير السياسي أن "عدم إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، خلال مدة محددة، سوف يدفع أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للتحرك في الشارع، إضافة إلى قوى تشرين والأحزاب والحركات الجديدة والمدنية"، مضيفاً "لهذا على رئيس الحكومة المقبلة التعامل بحذر مع هذا الملف بعيداً عن التوجهات السياسية لبعض الكتل والأحزاب، التي تفكر في المصالح السياسية والشخصية".
وتخوض الكتل والأحزاب السياسية العراقية صراعاً حاداً منذ أيام على الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة، تجاوز بعضه نطاق التحاصص الطائفي بين المكونات السياسية، ووصل إلى داخل التكتلات السياسية الطائفية ذاتها.
ويُعرقل هذا الصراع مساعي السوداني في تشكيل حكومته بشكل سريع كما كان يأمل، خصوصاً بعدما كان يُعمل على عقد جلسة التصويت على منح الثقة أمس الأول السبت، لكنها تأجلت بسبب الصراع على الوزارات، خصوصاً النفط، والمالية، والدفاع، والصحة، والخارجية.