يشهد التحالف الحاكم في العراق (الإطار التنسيقي)، والذي يجمع عددا من القوى والكتل السياسية المقربة من طهران، خلافات جديدة بين عدد من أطرافه بسبب موعد إجراء الانتخابات المحلية (مجالس المحافظات)، المقررة في نهاية العام الحالي، إضافة إلى تباينات حول تشكيل التحالفات السياسية لخوض تلك الانتخابات.
ويجمع "الإطار التنسيقي" كلا من زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وزعيم "تيار الحكمة" عمار الحكيم، وزعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، وزعيم "ائتلاف النصر" حيدر العبادي، ورئيس "المجلس الأعلى" همام حمودي، وزعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، وكتلة "سند"، التي تجمع عددا من الفصائل المسلحة.
وقال مصدر مطلع في "الإطار التنسيقي"، لـ"العربي الجديد"، اليوم الاثنين، إن التحالف يشهد خلافات ما بين قواه السياسية الرئيسية بسبب توجه بعض أطرافه إلى تأجيل إجراء انتخابات مجالس المحافظات لغاية شهر إبريل/نيسان من عام 2024، بدلا من نهاية السنة الحالية، فيما ترفض بعض أطراف الإطار هذا التأجيل وتشدد على إجرائها قبل نهاية السنة الحالية.
وبين المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الخلافات لم تقتصر فقط على موعد إجراء الانتخابات المحلية، بل على شكل التحالفات السياسية التي ستخوض بها قوى الإطار التنسيقي الانتخابات، قائلا إن "هناك آراء مختلفة، فهناك من يريد الدخول بالانتخابات بشكل منفرد، وهناك من يريد الدخول في تحالف واحد كبير، وهناك رأي بدخول قوى الإطار بأكثر من تحالف، ولا اتفاق بهذا الخصوص حتى الساعة".
وأضاف أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أبلغ قوى الإطار التنسيقي بأن حكومته راغبة بشكل حقيقي في إجراء انتخابات مجالس المحافظات في نهاية السنة الحالية، لكن هذا الأمر بحاجة إلى اتفاق سياسي جامع ما بين كل الأطراف السياسية، لكن حسب المعطيات فإن تأجيل الانتخابات سيكون هو الأقرب للمشهد، فهذا الأمر مدعوم حتى من قوى سياسية خارج الإطار التنسيقي".
وقال المصدر المطلع في الإطار التنسيقي إن "هناك شبه اتفاق نهائي ما بين زعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم على خوض انتخابات مجالس المحافظات ضمن تحالف واحد، تحت عنوان (خط الاعتدال)، يجمع عددا من القوى السياسية الشيعية إضافة إلى شخصيات ذات توجه مستقل في محافظات وسط وجنوب العراق".
من جهته، قال القيادي في الإطار التنسيقي عائد الهلالي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الإطار التنسيقي ليس تحالفا سياسيا أو انتخابيا، بل هو مظلة لتنسيق المواقف ما بين القوى السياسية الشيعية، ولهذا هناك اختلافات في وجهات النظر ما بين قواه بشأن بعض القضايا، وهذا الأمر طبيعي جداً، لكن في الوقت نفسه هناك تماسك واتفاق على استمرار هذا الإطار".
وأشار الهلالي إلى عدم اتفاق على قضية التحالفات السياسية الانتخابية خلال الفترة المقبلة ما بين قوى الإطار التنسيقي، وقال إن "هناك أكثر من فكرة ومقترح، وحتى الساعة لا اتفاق بشأن دخول كل قوى الإطار بتحالف واحد أو بشكل منفرد، فالحوارات بهذا الملف مستمرة".
وأضاف أن "غالبية قوى الإطار التنسيقي تدعم قرار حكومة محمد شياع السوداني بإجراء انتخابات مجالس المحافظات في نهاية السنة الحالية، وقوى الإطار ستعمل على تقديم كل الدعم السياسي والبرلماني للحكومة من أجل إنجاح خطتها لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة".
وبشأن مشاركة التيار الصدري في الانتخابات المقبلة، قال القيادي في الإطار التنسيقي إن "هذا الخيار عائد لزعيم التيار مقتدى الصدر، لكن نحن في الإطار التنسيقي مع مشاركة الصدريين في الانتخابات، لما لهم من ثقل شعبي وسياسي، وحتى تكون هناك حالة من التوازن السياسي"، مضيفا: "نأمل بمشاركة الصدريين في الانتخابات، وربما يكون هناك حراك من أجل إقناع الصدر بالمشاركة إذا ما رفض بشكل رسمي".
بالمقابل، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي ماهر جودة، لـ"العربي الجديد"، إن "الخلافات داخل الإطار التنسيقي ليست بالجديدة، خصوصاً أن هذه الخلافات سببها الزعامة ومحاولة بعض أطرافه السيطرة على المشهد السياسي والحكومي".
وأضاف أن الإطار منذ تأسيسه وحتى اللحظة يشهد الكثير من الخلافات.
وبين جودة أن "الخلاف حول ملف انتخابات مجالس المحافظات يأتي ضمن صراع أطراف الإطار التنسيقي للسيطرة على الحكومات المحلية ما بعد إجراء تلك الانتخابات، وهذا الخلاف ربما سوف يظهر للعلن عند تشكيل الحكومات المحلية، خصوصاً بعملية اختيار المحافظين".
وأعرب عن اعتقاده بأن "قوى الإطار التنسيقي مجبرة على البقاء متماسكة تحت هذا العنوان، بهدف استمرار السيطرة على الحكومة العراقية الحالية، رغم الخلافات العميقة ما بين تلك القوى، ومن أجل السيطرة في المستقبل القريب على الحكومات المحلية"، وقال: "إذا شارك التيار الصدري في الانتخابات المحلية المقبلة، فسيكون منافسا شرسا لهم للاستحواذ على الحكومات المحلية".