أثار رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، ملف "التهم الكيدية"، والتي استغلّت خلال السنوات السابقة في الزج بآلاف العراقيين داخل السجون، متعهداً بالسعي للتخلص من تبعاتها قانونياً، فيما أكد مسؤولون صعوبة ذلك.
و"التهم الكيدية" أو ما يعرف بـ"المخبر السري"، هي من أعقد الملفات في العراق، والتي تسببت بدخول الآلاف للسجون بالاعتماد على تلك التهم، التي يندرج أغلبها تحت العداوات الشخصية والتصفيات السياسية.
وخلال ترؤس الكاظمي جلسة مجلس الوزراء، أمس الأول الأربعاء، أكد أنّ "هناك معتقلين قضوا سنوات في السجون بسبب تهم كيدية"، مبيّناً: "لاحظت بعض الحالات خلال زياراتي للسجون".
وشدد: "سأبحث الملف مع رئيس مجلس القضاء الأعلى، للتنسيق على تشكيل لجنة تنظر ببعض القضايا التي يشتبه أنها تنطوي على تهم كيدية".
وأكد مسؤولون مطلعون أنّ الكاظمي بدأ أولى الخطوات بشأن الملف بأن "طلب تقريراً مفصّلاً عن الملف لدراسته، ليتحرّك بعد ذلك نحو السلطة القضائية، ويبحث الحلول المناسبة".
ملف شائك
من جهته، أكد مسؤول قضائي، فضّل عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد"، صعوبة إنهاء الملف، واصفاً إيّاه بأنّه "ملف كبير جداً، وينطوي على مداخلات قانونية". وأوضح المسؤول أنّ "الملف شائك وهو نتيجة لتراكمات سنوات طويلة أعقبت العام 2003، والتي شابها الكثير من الضعف في إدارة مؤسسات الدولة".
وشدد في الوقت عينه على أنّ "القضاء يتعامل مع الدعاوى بشكل مهني، وهو غير مسؤول عن إقامة تلك الدعاوى، بل إنّ مسؤوليته تكون بتوفير المحاكمات العادلة لجميع السجناء بما فيهم ضحايا تلك التهم"، مشيراً إلى أنّ "الفترة السابقة شهدت إطلاق المئات من السجناء ممن لم تثبت إدانتهم، أو ممن لم يعرضوا على القضاء خلال سنوات، وكان الكثير من هؤلاء (المفرج عنهم) ضحايا التهم الكيدية".
وأكد أنّ "التخلّص من هذا الملف يحتاج إلى فترة طويلة، لا سيما مع كثرة أعداد ضحايا تلك التهم".
ظروف "غير صحية"
من جهته، شدد النائب السابق عن محافظة نينوى، علي المتيوتي، على أهمية إنهاء الملف قانونياً، وقال، لـ"العربي الجديد": "يجب أن تكون هناك مساعٍ قانونية وحكومية حقيقية لإنهاء هذا الملف، وإعادة المحاكمات لضحايا التهم الكيدية والمخبر السري، ممن قضوا سنين في السجون، وتم انتزاع اعترافات منهم بالإكراه أحياناً".
وشدد: "نؤيّد إنفاذ حكم القضاء على الجميع، لكن هناك ظروفاً غير صحية مرّ بها العراق في فترات سابقة، وقع ضحيتها الكثير من العراقيين، وكان من نتيجتها تلك التهم التي استغلت بشكل غير قانوني لتصفية الحسابات الشخصية".
وكانت السلطات القضائية العراقية، قد أفرجت عن 630 سجيناً، خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الفائت، ممن لم تثبت التهم الموجهة ضدهم، مشددة على سعيها لتسريع وتيرة عرض السجناء على المحاكم للنظر بقضاياهم، فيما أكد مسؤولون أنّ أغلب المفرج عنهم أودعوا السجون منذ سنوات عدة بتهم "المخبر السري".
وسعت حكومة حيدر العبادي (2014 – 2018) إلى تصفية ملف السجناء، من خلال تسريع عرضهم على المحاكم، والإفراج عن كل من لم تثبت التهم الموجهة إليه، وتم بالفعل الإفراج عن آلاف السجناء الذين زجوا في السجون إبان ولايتي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي (2006 – 2014)، بتهم كيدية وعن طريق "المخبر السري"، وقانون الإرهاب وغيرها من التهم.