العراق: حراك مناوئ للحلبوسي في الأنبار بدعم من حلفاء إيران

19 يونيو 2022
حصد الحلبوسي المقاعد النيابية الـ15 في الأنبار (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

يُثير الحراك السياسي المتصاعد الذي يقوده سطام أبو ريشة نجل زعيم "الصحوات" الراحل في العراق، عبد الستار أبو ريشة، إلى جانب شخصيات قبلية أخرى معه، ضد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، في محافظة الأنبار، غربي البلاد، تساؤلات عدة حيال المشروع وتوقيته.

وما يزيد التساؤلات هو الدعم الذي يتلقاه هذا الحراك من قوى سياسية وفصائل مسلحة حليفة لإيران، وفّرت في مرات عديدة الحماية المسلحة لأبو ريشة، خلال تجواله في مدن المحافظة مروجاً لمشروعه.

وهاجم أبو ريشة أكثر من مرة الحلبوسي وشخصيات سياسية متحالفة معه ضمن تحالف "السيادة"، الشريك الرئيس لزعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر في تحالفه "إنقاذ وطن".

والأسبوع الماضي، اعتبر أبو ريشة أن الحلبوسي "يقود حراكاً ديكتاتورياً للتحكّم في محافظة الأنبار"، محرضاً ضده بعبارات مختلفة، أبرزها "وجوب تخليص الأنبار منه".

حراك سطام أبو ريشة وعلي الحاتم

وإلى جانب أبو ريشة، برز الشهر الماضي الشيخ القبلي علي الحاتم، الذي أثارت عودته إلى الأنبار موجة جدل واسعة في البلاد، خصوصاً مع وجود مذكرات اعتقال صادرة بحقه بتهمة التحريض على قوات الأمن العراقية عام 2014.

ومن مدينة الرمادي العاصمة المحلية لمحافظة الأنبار، أطلق الحاتم تصريحات حادة ضد رئيس البرلمان وقيادات في تحالف "السيادة"، وأعلن صراحة عن سعيه لإزاحتهم عن المحافظة.

وحصل زعيم تحالف "تقدم"، رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، على جميع مقاعد البرلمان المخصصة لمحافظة الأنبار وعددها 15 مقعداً، بإقصاء القوى السياسية العربية السنّية منها وأبرزها الحزب الإسلامي، وتحالف وزيري الكهرباء والتخطيط السابقين قاسم الفهداوي، وسلمان الجميلي، ووجوه قبلية وسياسية مختلفة.


حمّلت أطراف شيعية نوري المالكي مسؤولية إقصاء القيادات السنية في العملية السياسية

وتحدث عضو بارز في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، طلب عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، عن تحميل بعض القوى والأطراف السياسية الشيعية رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، مسؤولية إقصاء القيادات العربية السنّية التي شاركت في العملية السياسية منذ عام 2003، مثل رافع العيساوي وأحمد العلواني وطارق الهاشمي وصالح المطلك وآخرين.

وأضاف أن ذلك تم عبر ملفات قضائية ذات دوافع سياسية واضحة، على الرغم من أن المشتركات مع تلك الشخصيات حول مجمل العملية السياسية أكثر من المختلف عليه، وهو ما أدى إلى فراغ تسبب ببروز قوى سياسية جديدة في مناطق شمال وغرب العراق اتجهت لقواعد تعامل مختلفة، مثل الحلبوسي، وفق تعبيره.

وأقر بأن ما وصفه "عودة التوازن السياسي داخل المحافظات والمدن ذات الأغلبية السنّية، مشروع قائم منذ ما بعد إعلان نتائج الانتخابات (التشريعية في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي) وتبلور الاصطفاف الأخير مع الصدر، والحراك الحالي في الأنبار من ضمنه".

في الأنبار، تحدث مصدران سياسيان لـ"العربي الجديد"، عن توفير جماعة "كتائب حزب الله"، موكب حماية لسطام أبو ريشة وآخرين من المقربين له من عشائر في الرمادي أغلبهم من قبيلة الدليم.

وأكد أحدهم وهو نائب سابق في البرلمان عن الأنبار، أن "الحراك الحالي يهدف لتهيئة جبهة سياسية جديدة لمواجهة الحلبوسي في الأنبار وبغداد، وبدعم من قوى سياسية ضمن تحالف الإطار التنسيقي، وأيضاً فصائل مسلحة أبرزها كتائب حزب الله".

واعتبر أن هذا الحراك يأتي أيضاً ضمن الضغوط التي يمارسها خصوم الصدر في "الإطار التنسيقي" على القوى السياسية السنّية لسحب نفسها من دعم الصدر سياسياً.

وفي الأول من إبريل/نيسان الماضي، منعت "كتائب حزب الله" الشرطة العراقية من تنفيذ مذكرة قبض بحق سطام أبو ريشة بتهمة عنف أسري تم رفعها عليه من أحد أفراد أسرته.

وأصدر المتحدث باسم "كتائب حزب الله" أبو علي العسكري، بياناً عقب ظهور سيارات تابعة للمليشيا تحيط بمنزل أبو ريشة، قال فيها إن "من يحاول الاعتداء على الشيخ سطام كأنه يعتدي على جميع الأحرار في العراق".

وردّ الحلبوسي، بشكل ضمني على أبو علي العسكري، وكتب في تغريدة على حسابه في "تويتر": "سنبقى نلاحق المجرمين والقتلة الذين غيّبوا الأبرياء في الرزازة والصقلاوية وجرف الصخر، ثم عادوا ليكرروا إجرامهم بتغييب وقتل وإصابة الشباب المتظاهر الباحث عن الدولة والعدالة".

وعن ذلك، أكد إبراهيم الدليمي، وهو أحد أعضاء تجمّع "عشائر الأنبار"، الذي تأسس أخيراً داخل الأنبار، ويتبنى خطاباً داعماً لوقف التصعيد وتهدئة الاحتقان السياسي بالمحافظة، لـ"العربي الجديد"، أن "الحشد الشعبي، وتحديداً كتائب حزب الله، يحمي سطام أبو ريشة وفعاليته السياسية في الوقت الحالي".

وعزا الدليمي ذلك إلى سببين، الأول: "رمزية والد سطام أبو ريشة، عبد الستار أبو ريشة، قائد الصحوات الذي اغتيل عام 2007 على يد تنظيم القاعدة، كونه قاوم الإرهاب خلال فترة حرجة من تاريخ العراق، والثاني هو  قيام سطام بإعداد مشروع سياسي حظي بمباركة من قبل بعض القوى في الحشد الشعبي".

واعتبر الدليمي أن "المعارضة السياسية حالة عادية، بل هي مهمة في بعض الأوقات، لكن أن تتحوّل إلى عداوة شخصية، فهذا ما لا يعتبر مقبولاً لا سيما أنه قد يؤثر على استقرار الأنبار".

وأكد أن "الأمور قد تهدأ في حال لجأت جميع الأطراف إلى الحوار والاشتراك في إدارة الملفات المهمة، من دون التأثير على النسيج الاجتماعي والسماح لأطراف من خارج المدينة بأن تتدخل".

دعم إيراني للحراك ضد الحلبوسي

وتتبنّى قنوات ما يعرف باتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، المرتبط بإيران والذي يضم نحو 10 محطات تلفزيونية، إلى جانب مواقع وصحف إخبارية في العراق، أنشطة أبو ريشة، وبث تصريحاته وخطاباته التي باتت تتكرر بشكل شبه يومي.

القيادي في حزب "تقدم" الذي يتزعمه محمد الحلبوسي في الأنبار، فهد الراشد، اعتبر أن "التنافس السياسي يجب أن يكون أمراً طبيعياً، إلا أنه يجب ألا يخدم أطرافاً معروفة تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار وهدوء المدن".

وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "على الرغم من أن الهجمات التي نتعرض لها لا تشكّل أي وزن سياسي، لكن أبواب الحوار دائماً مفتوحة معهم أو مع غيرهم".


الحشد الشعبي يحمي تنقلات أبو ريشة في الأنبار

في المقابل، نفى الشيخ مصطفى الدليمي، أبرز المقربين للزعيم القبلي علي الحاتم، أي دعم من قبل قوى "الإطار التنسيقي" أو الفصائل المسلحة، واصفاً ذلك بأنه "شائعات لأهداف سياسية، هدفها التشويش على الرأي العام، لعرقلة جهود تصحيح المسار السياسي في المناطق السنّية".

وأكد الدليمي في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنه "ليس هناك أي خلاف شخصي مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بل هناك خلاف على النهج، وتدخل أمير قبائل الدليم علي الحاتم جاء بعد مناشدات عديدة وصلت إليه من قبل أبناء محافظة الأنبار وغيرها من المناطق السنّية".

وأضاف أنهم يعتمدون في مشروعهم السياسي الحالي "على أهلنا وأبنائنا من المناطق المحررة، ونعمل وفق مصلحة جمهور هذه المناطق، وليس لمصلحة أي طرف سياسي أو مسلح أو خارجي، كما يحاول البعض الترويج لذلك، بهدف ضرب مشروع تصحيح المسار السياسي في المناطق المحررة".

لكن عضو التيار المدني، الناشط في بغداد أحمد حقي، اعتبر أن دعم الفصائل المسلحة لأي طرف سياسي في مناطق شمال وغرب العراق "سيأتي بنتائج عكسية شعبية".

وفي حديث مع "العربي الجديد"، عزا حقي ذلك إلى أن "سكان تلك المحافظات لا يريدون مشاريع سياسية تحت حماية المليشيات ودعمها، وهذا لا يعني أنهم يفضلون مشروعاً سياسياً محدداً، إنما القاعدة هناك تتمحور حول رفض كل من تدعمه الأطراف الحليفة لإيران، بسبب الجرائم التي تورطت فيها هذه المليشيات بمدنهم، في تاريخ قريب".

بدوره، أكد المحلل السياسي علي البيدر، أن "أطرافاً من خارج المكون العربي السنّي، تحاول أن تخلق حالة توازن سياسي داخله، وترى في استئثار الحلبوسي قلقاً لها، وهذه الأطراف استعانت بسطام أبو ريشة وعلي الحاتم إضافة إلى رافع العيساوي الذين لديهم التزامات سياسية وعلاقات واسعة من أجل تحجيم نفوذ الحلبوسي".

وأضاف البيدر في حديث مع "العربي الجديد"، أن "مشروع سطام أبو ريشة يهدف إلى مواجهة تحالف إنقاذ وطن، والزعزعة السياسية للمناطق السنّية، لكن مع ذلك، فإن شخصية سطام، لا تزال شابة ومن غير الممكن التنبؤ بسلوكها وما قد تقوم به في المستقبل، لكن من الصعب أن يتحول ديوان عبد الستار أبو ريشة إلى مقر حزبي".