العراق: ترقب للرد بعد قصف "مجهول" استهدف قوات أميركية غربي بغداد

11 سبتمبر 2024
جنود أميركيون في إحدى القواعد في كركوك، مارس 2020 (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعرض معسكر فيكتوري في بغداد لقصف صاروخي دون إصابات، مما أثار مخاوف من رد فعل أميركي، في ظل غياب اتفاق رسمي على سحب القوات الأميركية.
- استؤنفت المحادثات بين بغداد وواشنطن بشأن انسحاب قوات التحالف الدولي، مع دعم الفصائل العراقية للحوار وعدم تورطها في الهجوم.
- زيارة الرئيس الإيراني إلى بغداد تأتي وسط إجراءات أمنية مشددة، مع تكثيف المراقبة لضمان تأمين الزيارة، وعدم معرفة الجهة المنفذة للهجوم.

عبّرت أطراف في العراق عن خشيتها من رد فعل أميركي، بعد تعرض معسكر فيكتوري الذي يضم عسكريين أميركيين، غربي بغداد، إلى قصف صاروخي، دون أن يسفر عن أي إصابات. وجاءت عملية القصف بعد أيام من إعلان العراق عن عدم وجود اتفاق رسمي وثابت على موعد إنهاء مهام التحالف الدولي في العراق وسحب القوات الأميركية من البلاد، فيما توقع مراقبون أن يتغير الموقف الأميركي بشأن التفاوض الحالي بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، خاصة إذا ما فاز فيها الرئيس السابق دونالد ترامب.

واستؤنفت، في فبراير/ شباط الماضي، المحادثات الثنائية بين بغداد وواشنطن بشأن انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، مع اعتماد "خفض مدروس وتدريجي"، وصولاً إلى إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش، وفق البيانات الرسمية العراقية. وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي ياسر وتوت لـ"العربي الجديد"، إن "قصف القاعدة الأميركية في مطار بغداد، ربما يدفع الجانب الأميركي إلى رد فعل عسكري جديد ضد بعض الفصائل العراقية، خاصة أن الأميركيين يستغلون أي فرصة وظرف لاستهداف تلك الفصائل".

وبيّن وتوت أن "موقف الفصائل العراقية واضح، فهي ما زالت داعمة لجهود حكومة محمد شياع السوداني لإخراج القوات الأميركية عبر الحوار والأطر القانونية والدبلوماسية، وهي ما زالت ملتزمة بعملية التهدئة مع الجانب الأميركي، وعملية استهداف مطار بغداد ربما تقف خلفها أطراف بعيدة عن الفصائل، تريد تأجيج الوضع الأمني، وإرباك الأوضاع، كجزء من عملية إحراج الحكومة واستهدافها". وأضاف أن "هناك فريقاً أمنياً عالي المستوى، يعمل على التحقيق بعملية قصف المطار، وكشف هوية الجهات التي تقف خلفها، لكنه ما زال مجهولاً حتى الآن، وهناك تواصل بين الأطراف السياسية وبعض قادة الفصائل، التي أكدت عدم معرفتها بالجهة التي قصفت، وهي بعيدة كل البعد عنها، وهي ما زالت ملتزمة بعملية التهدئة، بعد وساطة السوداني وضغطه على الفصائل".

من جهته، قال عضو الإطار التنسيقي الحاكم في العراق عائد الهلالي لـ"العربي الجديد"، إن "هناك أطرافاً تريد زعزعة الوضع الأمني، وكذلك ضرب الاستقرار السياسي، وهي من تقف خلف الهجوم الأخير ليلة أمس". وبيّن الهلالي أن "المعطيات تؤكد عدم وجود علاقة للفصائل بعملية القصف، أو القصف الذي قبلها على قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، ونعتقد أن هناك طرفاً ثالثاً يريد إرباك الوضع الأمني من خلال قصف القواعد الأميركية، وانتظار ردهم على الفصائل، وأكيد أن المستهدف الأول من هذا هو الحكومة العراقية".

وأكد عضو الإطار التنسيقي أن "السوداني استطاع تهدئة الأوضاع طيلة الأشهر الماضية، ومنع الفصائل من أي عمليات تستهدف الأميركيين، حتى لا يكون هناك أي تأثيرات على سير المفاوضات بين بغداد وواشنطن لإنهاء مهام التحالف الدولي من العراق، ومن المؤكد أن هذه العملية تؤثر سلباً على المفاوضات، وربما هناك أطراف تتعمد القيام بهكذا عمليات من أجل إبقاء التحالف الدولي والقوات الأميركية لفترة أطول في العراق".

وبدأت المحادثات بين بغداد وواشنطن في يناير/ كانون الثاني الماضي، وأفضت الجولة الأولى من الحوار الثنائي الذي عُقد في بغداد، إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف، وإنهائها، والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية، فيما لم تعلن حتى الآن أي نتائج رسمية لعمل اللجنة. وتتصاعد منذ أشهر مطالبات أطراف سياسية وفصائل مسلحة حليفة لإيران بإنهاء وجود التحالف الدولي في البلاد، وأعلنت "تنسيقية المقاومة العراقية" التي تضم عدداً من الفصائل المسلحة الحليفة لإيران عقب اجتماع، خلال الأيام الماضية، قدرتها على "إنهاء الحضور الأميركي في العراق بكل السبل" في معرض تحذيرها للحكومة العراقية بشأن التراخي في هذا الملف.

ورغم الإجراءات الأمنية المشددة والتحضيرات التي جرت لعدّة أيام في العاصمة العراقية بغداد، استعداداً لزيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان التي وضعتها طهران على رأس أولويات الرئيس الجديد، فوجئت السلطات العراقية باستهداف معسكر فيكتوري ليل أمس الثلاثاء، وهو قاعدة صغيرة تضم العشرات من العسكريين الأميركيين العاملين ضمن التحالف الدولي للحرب على "داعش". ووصل بزشكيان إلى بغداد صباح اليوم، على رأس وفد إيراني رفيع، في زيارة تستمر ثلاثة أيام، سيتم خلالها إبرام مذكرات تفاهم أمنية واقتصادية بين البلدين، فضلاً عن مراجعة نتائج مذكرات جرى توقيعها خلال العامين الماضيين بين بغداد وطهران.

وسارعت خلية الإعلام الأمني العراقي إلى توضيح الهجوم، وقال المتحدث باسمها اللواء تحسين الخفاجي، إن "حركة الطيران طبيعية بمطار بغداد الدولي". وأكد الخفاجي، نقلاً عن مصدر أمني مخول في بيان أوردته وكالة الأنباء العراقية (واع)، أنه "سُمع صوت انفجار داخل مطار بغداد الدولي في الجزء الذي يشغله مستشارو التحالف الدولي، ولم يتسن للقوات الأمنية العراقية معرفة حقيقة ونوع الانفجار وأسبابه ولم تتبنّه أي جهة "، مشدداً على أن "حركة الطيران المدني طبيعية، ولم تتوقف لكل الرحلات".

كتائب حزب الله العراقية: يجب كشف المتورطين بالهجوم

من جانبها، ذكرت كتائب حزب الله العراقية المتحالفة مع إيران، أن إطلاق الصاروخين يهدف بوضوح إلى تعطيل زيارة الرئيس الإيراني. وقال المتحدث العسكري لكتائب حزب الله جعفر الحسيني "استهداف مطار بغداد، وفي هذا التوقيت، تقف خلفه أيادٍ مشبوهة، والغاية منه التشويش على زيارة الرئيس الإيراني إلى بغداد، وندعو الأجهزة الأمنية إلى كشف المتورطين".

خطة تأمين استثنائية لزيارة بزشكيان

ويجري كل ذلك وسط إجراءات أمنية مشددة في العاصمة العراقية، لتأمين الزيارة، وقال مسؤول أمني عراقي رفيع، إن "الاستعدادات الأمنية التي جرت في العاصمة العراقية لتأمين زيارة الرئيس الإيراني مشددة، ولم تتخذ مع أي مسؤول دولي سابق"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "خطة تأمين الزيارة اعتمدت على الانتشار الأمني ومراقبة الأجواء، فضلاً عن اعتماد المعلومات الاستخبارية الدقيقة عن أي تحركات غير طبيعية، وقد بدأ تنفيذها منذ عدة أيام". وشدد المسؤول الأمني العراقي، أن "الهجوم على مطار بغداد غير متوقع. لحد الآن لم نعرف الجهة المنفذة، وأن الفصائل المسلحة نأت بنفسها عنه"، مبيناً أن "تحقيقاً بدأ على مستوى عال لمعرفة المنفذين، كما أن تعديلات طرأت على خطة تأمين الزيارة".

وأوضح، أن "عمليات المراقبة والمتابعة الأمنية تم تكثيفها بشكل عام، فضلاً عن تشديد وتكثيف إجراءات الانتشار الأمنية في عموم العاصمة، بحسب التوجيهات العليا التي صدرت اليوم". ولم تسجل العاصمة العراقية بغداد والمحافظات القريبة منها منذ فترة أي هجوم صاروخي، كما أن الفصائل العراقية الحليفة لإيران، لم تهدد باستهداف أي مصالح أميركية داخل العراق منذ الهجوم الأخير على قاعدة عين الأسد في الأنبار، في الخامس من أغسطس/ آب الماضي.

المساهمون