يحذر سياسيون وناشطون عراقيون من مغبة تصويت البرلمان على قانون "حرية التعبير"، المعطّل منذ دورتين برلمانيتين سابقتين، بصيغته الحالية التي يؤكدون أنها تتضمن بنودا وفقرات تقيّد حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي، مؤكدين أن بعض الكتل المعارضة للتظاهرات الشعبية تحاول استغلال نفوذها البرلماني لتمرير القانون وفقا لرؤيتها الخاصة.
وفشل البرلمان العراقي لدورتين برلمانيتين في تمرير القانون بسبب الضغوط السياسية، التي سعت حينها لفرض إرادتها عليه، من خلال وضع قيود قانونية تقيد حرية التعبير، وتجعلها رهينة لبعض التوجهات.
ووفقا لرئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، النائب أرشد الصالحي، فإن لجنته "تعمل للانتهاء من إقرار قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي الذي تمت قراءته القراءة الثانية"، مؤكدا في بيان صحافي سابق: "نسعى للتصويت على القانون خلال الجلسات المقبلة للبرلمان".
لجنة حقوق الإنسان في البرلمان السابق حذّرت من تمرير القانون بصيغته الحالية، مؤكدة أنه سيتحول إلى قانون "قمعي" إن لم تجر عليه تعديلات جوهرية.
فشل البرلمان العراقي لدورتين برلمانيتين في تمرير القانون بسبب الضغوط السياسية، التي سعت حينها لفرض إرادتها عليه، من خلال وضع قيود قانونية تقيد حرية التعبير، وتجعلها رهينة لبعض التوجهات
وقال عضو في اللجنة السابقة طلب عدم كشف اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "القانون ولدورتين برلمانيتين سعينا لتمريره، بعدما تمت دراسته خلال جلسات استماع، وتوصلنا إلى صيغة تضمن حقوق التعبير، إلا أنه جرت إضافات على القانون ومحاولات من البعض لفرض إرادتهم ورأيهم عليه، ما جعل القانون مقيدا لحرية التعبير قامعا لها، الأمر الذي دفعنا كلجنة حقوق إنسان حينذاك إلى عدم إقراره، كونه سيكون قانونا خطيرا".
وأوضح أن "إحدى فقرات القانون تمنع الخروج بأي تظاهرات من دون الحصول على موافقات رسمية من الجهات الأمنية قبل 5 أيام، كما أن فقرة أخرى تحدد وقتا للتظاهر، بألا يكون قبل السابعة صباحا ولا بعد العاشرة ليلا"، مؤكدا أن "هناك فقرات أخرى تسعى بعض القوى لفرضها، تتعلق بعقوبات مالية وعقوبات بالسجن لفترات معينة لمن يخالف القانون".
وأكد أن "القانون لا يمكن إقراره، إلا في حال عقدت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الحالي جلسة استماع مع الجهات المختصة، من وزارة الداخلية والثقافة ومجلس الوزراء ومنظمات المجتمع المدني، وناشطين مدنيين، لدراسة القانون، بشكل يكون ضامنا لحرية التعبير لا مقيدا لها"، مشددا أن "القانون يحتاج إلى إرادة سياسية واتباع الخطوات السليمة، بما يضمن حق التظاهر السلمي، ويضمن أمن البلاد".
وأشار إلى أن "بعض الجهات السياسية تحاول استغلال نفوذها في البرلمان لتمرير القانون، بعد إضافة فقرات عليه تقيّد حرية التعبير، وتخضع المخالفين للقانون إلى المحاكمات"، مؤكدا أن "أغلب نواب البرلمان الحالي غير مطلعين على تفاصيل القانون بشكل دقيق، كونه كتب بدورات سابقة".
ويأتي ذلك في وقت يجرى فيه التحشد لتظاهرات واسعة في بغداد ومدن عدة جنوبي ووسط البلاد في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، وهو نفس اليوم الذي تم فيه استئناف التظاهرات العراقية العام الماضي بعد توقف دام عدة أيام.
من جانبه، قال عضو منظمة السلام العراقية لحقوق الإنسان علي فهمي، لـ"العربي الجديد"، إن "مسودة القانون في الفقرة ثالثا تجبر المتظاهرين على أخذ إذن بالتظاهر، وتتدخل حتى بالشعارات المرفوعة ومناطق التظاهر، وهذا لا يمكن اعتباره قانون حرية تعبير، بقدر ما هو قانون الحد من الحريات".
وذكر فهمي أن "الموضوع لا يحتاج قانونا أساسا، لأن الدستور ضمن حرية التعبير، لكن مع ذلك تم التجاوب مع دعوات تنظيم التظاهرات والنشر بقانون، غير أن أحزابا وقوى سياسية تدخلت ليكون على مقاسها بشكل يضمن عدم تهديدها أو نشر فسادها ومخالفتها".
وكان النائب في البرلمان العراقي قصي عباس قد أقر، في وقت سابق، وجود نقاط جدلية محل خلاف بالقانون، مضيفا، في إيجاز صحافي، نشرته وسائل إعلام محلية عراقية، أن "أبرز تلك النقاط هي ما ينص على موافقة وزارة الداخلية على التظاهرة ومكانها ووقتها، وفرض غرامات مالية على المخالفين في التظاهرات".
وأكد ناشطون أن مساعي تمرير قانون حرية التعبير بصيغته الحالية هي محاولة لتكبيل ساحات التظاهر. وقال الناشط علي السلامي، لـ"العربي الجديد"، إن "قانون حرية التعبير يجب ألا يفرغ من محتواه الحقيقي، بأن يكون ضامنا لحرية التعبير والتظاهر السلمي، لا سلاحا مسلطا على المتظاهرين"، مؤكدا: "يجب أن تتم إعادة دراسة القانون من جديد، وإعادة صياغته وفقا لمعايير حقوق الإنسان الحقيقية، لا المعايير التي تراها وتؤمن بها الأطراف السياسية".
وأشار إلى أن "الدستور كفل لنا حرية التعبير والتظاهر السلمي، وإذا ما استمرت الأطراف السياسية بمحاولات تقييدنا من خلال القوانين غير المنصفة، فإنها ستكون بمواجهة الشارع الذي لن يقبل بذلك".
ويأتي ذلك في وقت تصف جهات سياسية داعمة للقانون التظاهرات العراقية بأنها "مخترقة" و"منحرفة عن مسارها".
وقال القيادي في التيار الصدري، حاكم الزاملي، إن "التظاهرات الحالية مخترقة من قبل جهات وأحزاب سياسية، دسّت عناصرها في صفوف المتظاهرين، وقد أبعدت التظاهرات عن مسارها الحقيقي المطالب بالإصلاح"، مؤكدا، في تصريح صحافي، أن "التظاهرات فقدت التعاطف الشعبي والدعم الاجتماعي بسبب اختراقها".
وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، أكد ناشطون خطورة تمرير القانون بصيغته الحالية.
وقال الناشط حسين آل ثاني، في تغريدة له: "أحد بنود قانون حرية التعبير نص على لا يحق لك التظاهر بكل وقت، وإنما يجب تبليغ الحكومة قبل 5 أيام، والحصول على الموافقة منها!".
احد بنود قانون حرية التعبير لا يحق لك التظاهر بكل وقت وانما تبليغ الحكومه قبل
— حسين آل ثانـيَ 🇮🇶 (@HS___TA) September 24, 2020
5 ايام واخذ الموافقه منهم ! #حرية_التعبير_تقمع
ونشر ناشط، رمز لاسمه بـ"وعد ترجع الثورة"، إحدى فقرات القانون، وعلق عليها بتغريدة له قائلا "إذ تم إقرار القانون فجميعنا سنختفي".
#رجعوا_سجاد_تشرين_قادم
— ꫜᴀᖙᴀ | سَجّاد ويـن ؟🦩 (@naddo_chi) September 24, 2020
إن الذي يثور لأجل الجوع ، سيسكت حتماً اذا القيت له كسرة خبز ،
اما الذي يثور لاجل كرامته فلن يسكت حتى تكون له كرامة . pic.twitter.com/objRlTAqDO
الناشط علي المكدام حذّر من مغبة تمرير القانون، وقال في تغريدة له: "قانون حرية التعبير وقانون جرائم المعلوماتية أعدتهما وكتبتهما حكومة المالكي (..)، وتم إيقافهما بفضل ضغط الشارع، القوانين تخص المواطن وحقوقه.."، محذرا "إذا حاولوا الالتفاف وتمريرهما سنقلب عاليها واطيها".
قانون حرية التعبير
— Ali Al_Mikdam (@ali_almikdam) September 24, 2020
وقانون جرائم المعلوماتية
هذه القوانين أعدتها و كتبتها حكومة المالكي الأبله وتم إيقافها بفضل ضغط الشارع
هذه القوانين تخص المواطن و حقوقه والحكومة لاعلاقة لها ولا من حقها تكتب هكذا قوانين.
البرلمان عنده علم بتحفظاتنا
وإذا حاولوا الإلتفاف راح نكلب عاليها واطيها!