قبل موعد الانتخابات العراقية المبكرة المقرر أن تجري في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، سارعت قوى سياسية في محافظة كركوك، شمالي البلاد، المتنازع على إدارتها بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق، في البدء بتشكيل تحالفات قومية في المحافظة التي تتميز بتنوع يضم 3 قوميات رئيسية، هي العرب والكرد والتركمان.
وبينما تجمع آراء سياسيين بالمحافظة على أن التنافس الانتخابي في كركوك سيكون قوميا، استبعدوا في الآن نفسه إمكانية تشكيل جبهة موحدة لتمثيل مختلف مكونات المحافظة في البرلمان المقبل.
وأكد رئيس "الجبهة التركمانية العراقية" حسن توران، أمس الخميس، أن قوى المكون التركماني ستخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة ضمن تحالف موحد تحت اسم "جبهة تركمان العراق"، موضحا خلال مؤتمر صحافي عقده في كركوك، أن الأحزاب التركمانية اجتمعت وقررت ذلك.
ولفت توران إلى أنه سيكون رئيسا للتحالف الذي سيخوض الانتخابات في كركوك ومناطق عراقية أخرى، موضحا أن برنامج التحالف سيعلن في وقت لاحق.
وأكد عضو البرلمان العراقي السابق عن المكون التركماني فوزي أكرم ترزي وجود اتفاق بين القوى التركمانية من أجل خوض الانتخابات المقبلة مجتمعة، موضحا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التنافس في كركوك سيكون على أساس قومي نتيجة للأذى الذي تعرض له التركمان في المحافظة على يد الأحزاب الكردية قبل دخول الجيش العراقي للمحافظة عام 2017".
وتابع قائلا "كركوك كانت محتلة سياسيا وأمنيا واقتصاديا، وبعد دخول الجيش عاد الأمن إليها"، مطالبا بفعل كل شيء من أجل ضمان أمن المحافظة.
وفيما اعتبر أن "القاعدة الشعبية التركمانية أدركت خطورة المرحلة، وهناك استعداد تام لديها للتوجه إلى صناديق الاقتراع لتكون هناك ثورة بيضاء عن طريق التصويت في الانتخابات من أجل إحقاق الحق"، استبعد تشكيل تحالف موحد يضم كل قوميات ومكونات كركوك.
من جهته، اجتمع رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، وهو قيادي في "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، أمس الخميس، بعدد من الأحزاب الكردية، لبحث عدد من القضايا المهمة، وفي مقدمتها دخول القوى الكردية ضمن تحالف انتخابي موحد في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل.
وقال سكرتير "الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني" محمد الحاج حمود، في حديث نقلته وسائل إعلام كردية، إن الاجتماع كان إيجابيا وتناول قضايا عدة، من بينها وحدة الصف الكردي، مشيرا إلى وجود اقتراح بمشاركة كل الأطراف الكردية بتحالف واحد ضمن المناطق المتنازع عليها.
القيادي في "الحزب الديمقراطي الكردستاني" ماجد شنكالي قال لـ"العربي الجديد"، إن "الكتل الكردية يجب أن تخوض الانتخابات في كركوك ضمن قائمة انتخابية واحدة لضمان عدم ضياع أصوات الأكراد"، مبينا أن ذلك سيضمن لها نصف عدد مقاعد كركوك في البرلمان على الأقل.
وتابع "الكل يعلم أن المناطق المتنازع عليها ستشهد صراعا انتخابيا كبيرا بين كل مكوناتها، وخصوصا كركوك"، مؤكدا أن القوى الكردية لا تتخوف من نزول العرب بقائمة موحدة، وكذلك التركمان، ولفت إلى أنهم سبق أن فعلوا ذلك في انتخابات 2018، وحصل الأكراد حينها على عدد مناسب من المقاعد البرلمانية.
وأشار شنكالي إلى أن "الصراع الانتخابي في كركوك سيكون مبنيا على أسس قومية"، مضيفا "يجب أن نتكلم بواقعية. إن التنافس في أغلب المناطق العراقية هو تنافس مكوناتي، وفي المناطق المختلطة هو تنافس قومي".
وبين أن "الديمقراطية العراقية لا تزال غير ناضجة، لأنها لا تعتمد على اختيار الأكفأ والأنسب، بل إن خياراتها تعتمد على الانتماء للعشيرة، أو المكون، أو الحزب أو القومية أو المذهب".
وأوضح شنكالي أن الاستقرار في كركوك لن يتم إلا بتطبيق المادة 140 من الدستور، مؤكدا أن هذه المادة تتيح لسكان المناطق المتنازع عليها الاختيار بين الانضمام لإقليم كردستان العراق، أو البقاء ضمن المناطق التابعة للحكومة الاتحادية.
ووفقا للمادة 140 من الدستور العراقي، والتي قررت المحكمة الاتحادية الإبقاء على سريانها في أغسطس/ آب الماضي، فإن على السلطة التنفيذية استكمال متطلبات المادة 58 في قانون إدارة الدولة بجميع فقراتها، بما فيها الإحصاء والتطبيع والاستفتاء في كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها قبل نهاية عام 2007.
ونصت المادة 58 من قانون إدارة الدولة على إلزام الحكومة العراقية بتغيير الوضع الذي نتج عنه تغيير البنية السكانية في كركوك ومناطق عراقية أخرى.
وتوقع شنكالي استمرار الخلافات بين قوميات كركوك، مؤكدا أن سبب ذلك يعود للديمقراطية العراقية التي قال إنها تعتمد على القومية والمذهب والعشيرة والقومية.
ولم تكن القوى العربية بمنأى عن الرغبة بتشكيل تحالفات قومية في كركوك، بحسب المتحدث باسم "المجلس العربي في كركوك" حاتم الطائي، الذي أكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التحالف العربي الذي حقق نتائج جيدة في انتخابات 2018 هو حاليا يقود المرحلة بالمحافظة، وسيعلن نفسه كممثل أول للمكون العربي في المحافظة، ويجمع الكثير من القوى العربية حوله"، متوقعا أن تكون كركوك ساحة للتنافس الانتخابي القومي.
وتابع "مع اقتراب موعد اكتمال التحالفات، وتقديم المرشحين، من الطبيعي أن تتجمع القوى السياسية الممثلة للمكونات، لضمان الحصول على فرصها لضمان تمثيل مكوناتها"، مضيفا أن "التمثيل في كركوك قومي منذ بداية العملية السياسية حتى اليوم".
ولفت إلى أن نتائج الانتخابات المقبلة قد تغير في موازين القوى السياسية بالمحافظة، مبينا أن وجود تحالف بين قومية وأخرى قد يفهم على أنه تحالف ضد القومية الثالثة.
وتابع "نطمح في أن يكون هناك جهد مشترك"، لكنه استدرك بالقول إن "الدوافع القومية تفرض نفسها".