العراق: انقسام في مواقف قوى "الإطار التنسيقي" حيال الانتخابات المبكرة

18 نوفمبر 2022
يؤيد المالكي فكرة تأجيل الانتخابات لأقصى وقت ممكن (مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -

كشف ثلاثة أعضاء فاعلين في تحالف "الإطار التنسيقي" في العراق، في أحاديث متفرقة لـ"العربي الجديد"، عن انقسامات شهدها التحالف خلال الأيام الماضية، حيال ملف إجراء الانتخابات المبكرة.

ويعتبر هذا الملف أحد أبرز مطالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وتعهّد به رئيس الحكومة الجديدة محمد شياع السوداني في برنامجه الحكومي، الذي صوّت عليه البرلمان نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي تضمّن تعديل قانون الانتخابات خلال 3 أشهر، وإجراء انتخابات مبكرة خلال عام واحد.

غياث السروجي: قضية إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة لم تطرح بشكل رسمي للحوار بين القوى السياسية حتى الآن

ومن المفترض أن تباشر اللجنة القانونية في البرلمان، خلال الشهر الحالي، تسمية لجنة تتألف من ممثلين عن مختلف الكتل السياسية، لبحث ملف تعديل قانون الانتخابات الحالي. إلا أن أي حراك بهذا الخصوص لم يتم لغاية الآن.

انقسام حاد داخل "الإطار التنسيقي"

وأبلغ نواب وأعضاء في التحالف، الذي نجح في تشكيل الحكومة الجديدة بعد حصوله على غالبية مقاعد البرلمان، "العربي الجديد"، أن التحالف يشهد انقساماً حاداً بين أطرافه حيال إجراء انتخابات مبكرة خلال عام واحد.

ويتصدر معسكر نوري المالكي وقيس الخزعلي، الذي يوصف بالجناح اليميني داخل التحالف، توجهاً بعدم إجراء الانتخابات المبكرة. في المقابل، تحذّر أطراف أخرى، أبرزها حيدر العبادي وعمار الحكيم، من خطورة ذلك، على اعتبار أنه سيفجر أزمة جديدة مع مقتدى الصدر وتياره.

وقال عضو بارز في التحالف، لـ"العربي الجديد"، إن الموعد المتوقع لانتخابات مبكرة يجب ألا يتأخر عن إبريل/نيسان 2024، على اعتبار أن تعديل القانون الانتخابي، والتحضير للانتخابات، سيكون خلال فترة 15 أو 16 شهراً.

وأضاف أن "أطرافاً في التحالف تعتبر أن حكومة السوداني مسؤولة عن صورة وشعبية قوى التحالف ككل لدى الشارع الشيعي، وأنها يجب أن تأخذ وقتها لتقديم خدمات، وتصحيح بعض الملفات في المحافظات الجنوبية، وبغداد تحديداً، قبل الذهاب لأي انتخابات".

وأشار العضو البارز في "الإطار التنسيقي" إلى أن "الجناح الذي يمثله نوري المالكي وقيس الخزعلي وأحمد الأسدي مؤيد لفكرة تأجيل الانتخابات إلى أقصى وقت ممكن. وبدلاً من ذلك، التوجه إلى فتح قنوات مع الصدريين لتفاهم سياسي شامل، يضمن عدم تحركهم ضد حكومة السوداني خلال فترة ولايتها".

رفض انتخابات مبكرة خلال سنة ونصف السنة

وأكد نائب آخر في التحالف، لـ"العربي الجديد"، أن "قوى الإطار التنسيقي ناقشت، في آخر اجتماع لها الأسبوع الماضي، إجراء الانتخابات المبكرة، وكان الطرح يتمحور على سنة ونصف السنة من الآن. لكن بعض أطراف التحالف، وعلى رأسهم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وزعيم جماعة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، رفضوا هذا الأمر، واعتبروه حديثاً مبكراً، يجب عدم إثارته الآن".

وبيّن النائب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "زعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي، وزعيم منظمة بدر هادي العامري، إضافة إلى زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، أكدوا على ضرورة التزام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتعهده بإجراء الانتخابات بعد سنة ونصف السنة، بعد إجراء تعديل على قانون الانتخابات، وكذلك مفوضية الانتخابات".

ويرى الجناح السياسي الطامح إلى تأجيل فكرة الانتخابات أن تحقيق حكومة السوداني إنجازات على مستوى الوضع المعيشي والوظائف والخدمات سيصب في صالحها، وأن الذهاب لانتخابات خلال عام ونصف العام لن يدع أي فرصة للحكومة الحالية لتنفيذ أي من تعهداتها.

الانقسام بشأن الانتخابات المبكرة يشمل السنة والأكراد

وأكد النائب أن "الانقسام بشأن إجراء الانتخابات المبكرة لا يشمل القوى السياسية الشيعية فقط، بل حتى القوى السياسية السنية والكردية لديها مواقف مختلفة، فهناك من يريد تلك الانتخابات، وهناك من يريد لحكومة السوداني إكمال دورتها بشكل كامل".

وأضاف: "لكن هناك تخوف كبير لدى بعض الأطراف من عدم إجراء الانتخابات المبكرة، كما وعد السوداني في برنامجه الحكومي، ما قد يحرك الشارع العراقي ضده من خلال تظاهرات شعبية لأنصار التيار الصدري، إضافة إلى قوى تشرين (الأول). ولهذا فإن الخلاف مستمر، ولا اتفاق نهائيا حول حسم هذا الأمر حتى الساعة".

والأحد الماضي، قال السوداني في لقاء جرى مع نخبة من الباحثين والمختصين بالشأن السياسي العراقي، وأغلبهم من المقربين من تحالف "الإطار التنسيقي": "لدينا سقف زمني لكل مسار من سنة أو سنتين أو ثلاث. المعيار هو كيف ننجح ونحقق فارقاً على المستوى الخدمي والمعاشي"، وهو ما اعتبره مراقبون تلميحا من السوداني يخالف ما وعد به خلال برنامجه الحكومي بإجراء الانتخابات المبكرة خلال سنة ونصف السنة.


أحمد الشريفي: عدم تنفيذ السوداني وعده بخصوص إجراء الانتخابات قد يحرك الشارع بشكل أوسع ضد حكومته

من جهته، أقر عقيل الرديني، المتحدث باسم ائتلاف "النصر"، الذي يتزعمه العبادي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، بوجود "انقسام في مواقف الكتل السياسية بشأن إجراء الانتخابات المبكرة بعد سنة ونصف السنة من عمر حكومة السوداني. فهناك من يريد ذلك، وهناك من يرغب في أن تكمل الحكومة دورتها لثلاث سنوات مقبلة".

السوداني عازم على تنفيذ وعوده

وبين الرديني أن "السوداني حتى الساعة عازم على تنفيذ وعوده بشأن إجراء الانتخابات المبكرة بعد سنة ونصف السنة من عمر حكومته، وسيعمل على إرسال تعديل على قانون الانتخابات البرلمانية خلال الفترة المقبلة. كما أن هناك نية بإجراء بعض التعديلات في مفوضية الانتخابات، إضافة إلى التخصيصات المالية والفنية واللوجستية والأمنية لضمان إجراء الانتخابات في موعدها دون تأجيل".

وأكد الرديني أن "إجراء الانتخابات المبكرة يحتاج إلى توافق سياسي، ولهذا ستكون هناك اجتماعات بين جميع القوى السياسية لحسم هذا الموضوع بالإجماع، مع الأخذ في الاعتبار غياب التيار الصدري عن المشهد البرلماني والحكومي. وهذا أحد أبرز الأسباب، الذي يجب على أساسه أن تجرى الانتخابات المبكرة، وذلك لعودة الصدريين إلى المشهد".

وللمرة الأولى منذ عام 2005 تتشكل الحكومة العراقية بدون مشاركة التيار الصدري الذي استقال نوابه بشكل نهائي من البرلمان في يونيو/حزيران الماضي، بعد إخفاقه في تشكيل حكومة الأغلبية السياسية، التي عمل عليها الصدر، مع تحالف "السيادة" بزعامة خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي، وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، إضافة إلى دعم هذا المشروع من قبل نواب مستقلين.

حسم موضوع الانتخابات مرهون بالتوافق السياسي

عضو "الاتحاد الوطني الكردستاني" غياث السروجي أوضح، لـ"العربي الجديد"، أن "حسم موضوع إجراء الانتخابات المبكرة، مرهون بالتوافق السياسي، قبل أي خطوة حكومية. وبكل تأكيد هناك أطراف تريد هذه الانتخابات وأطراف تعارضها".

وبيّن السروجي أن "قضية إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة لم تطرح بشكل رسمي للحوار بين القوى السياسية حتى الآن". واعتبر أنه "قبل الاتفاق على موعد الانتخابات، يجب أن يكون هناك اتفاق على شكل قانون الانتخابات، وكذلك المفوضية التي تنفذ هذه الانتخابات. فكل جهة سياسية لها وجهة نظر خاصة بهذا القانون والمفوضية، والاتفاق على الأمرين يحتاج إلى وقت طويل".

في المقابل، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "عدم تنفيذ السوداني وعده بخصوص إجراء الانتخابات، ربما يدفع الصدريين للخروج عن صمتهم، وكذلك قوى تشرين، وهذا قد يحرك الشارع بشكل أوسع ضد حكومته، ولا أعتقد أن السوداني يريد ذلك".

وبيّن الشريفي أن "السوداني والكثير من الكتل والأحزاب السياسية، تدرك جيداً أن صبر التيار الصدري لن يطول، وسيكون لهم موقف معارض في الشارع". واعتبر أن السوداني "سيتجه لبرنامج التهيئة للانتخابات المبكرة، لكن يبقى تحقيق هذا الأمر بيد القوى السياسية، خصوصاً التي لها الأغلبية داخل مجلس النواب".

وكان مجلس النواب العراقي صوّت، في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على المنهاج الوزاري الذي أعده السوداني. ومن أبرز ما تضمنه ذلك المنهاج: "إجراء انتخابات مجالس المحافظات، وتعديل قانون الانتخابات النيابية العامة خلال 3 أشهر، وإجراء انتخابات مبكرة خلال عام".

تقارير عربية
التحديثات الحية