قال رئيس الوزراء الأسبق وزعيم تحالف "دولة القانون" نوري المالكي، اليوم الثلاثاء، إن قوى "الإطار التنسيقي" متمسكة بالثلث المعطل لجلسات البرلمان، في أول رد من قوى التحالف المدعوم من إيران على مساعي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لعقد جلسة اختيار رئيس الجمهورية والمضي بإجراءات تشكيل الحكومة.
وجاء رد المالكي بعد يوم واحد من دعوة الصدر أعضاء البرلمان العراقي المستقلين إلى المشاركة في جلسة السبت المقررة للتصويت على اختيار رئيس الجمهورية، إثر إخفاق القوى السياسية في التوصل إلى تفاهمات حيال ملف تشكيل الحكومة أو الاتفاق على المرشح لرئاسة الجمهورية.
ومن المقرر أن يعقد البرلمان العراقي، السبت المقبل، جلسة خاصة لاختيار رئيس جديد للبلاد من بين 40 مرشحاً للمنصب قُبِلَت أوراق ترشّحهم قبل نحو أسبوعين، غير أن المنافسة تحتدم بين مرشحي الحزبين الكرديين الرئيسين، وهما ريبر أحمد خالد، مرشح "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، والرئيس المنتهية ولايته برهم صالح، الذي يدعمه "الاتحاد الوطني الكردستاني".
وتكمن أهمية الجلسة المقبلة في كون اختيار رئيس الجمهورية من قبل التحالف الثلاثي (التيار الصدري، وتحالف السيادة، والحزب الديمقراطي الكردستاني)، يعني الوصول إلى استحقاق تشكيل الحكومة، إذ ينص الدستور على أن يتولى رئيس الجمهورية الجديد تكليف مرشح الكتلة الكبرى بتشكيل الحكومة الجديدة.
ويفرض الدستور حضور ثلثي أعضاء البرلمان في جلسة اختيار رئيس الجمهورية، ما يعني وجود 220 نائباً، وهو ما يسعى إليه التحالف الثلاثي من خلال دعوة المستقلين في البرلمان إلى المشاركة لإكمال نصاب الجلسة.
وقال المالكي، على حسابه الرسمي في موقع "تويتر"، إن "الإطار التنسيقي وحلفاءه يتمسكون بالثلث الضامن لسلامة العملية السياسية ومنع الفوضى السياسية ومنع إنتاج حكومة ضعيفة تضر بمصالح المواطنين وتضعف من هيبة الدولة"، حسب قوله.
المالكي ينفي وجود مساع لحل البرلمان
وتحدث المالكي عن تمسكه بما وصفه "مبدأ تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا، وتمثيل المكون الأكبر المعني بتشكيل الحكومة بدءا من تسمية رئيس الوزراء وانتهاء بتشكيل الحكومة ووضع برنامجها السياسي والخدمي والأمني"، نافياً، في مدونة سابقة له صباح اليوم، سعي الإطار التنسيقي إلى "حل مجلس النواب وإعادة الانتخابات النيابية الحالية"، معتبرا أن الغاية من إثارته هي دفع النواب وخاصة المستقلين للمشاركة في جلسة التصويت على رئيس الجمهورية المقررة السبت المقبل.
— Nouri Al-Maliki (@nourialmalikiiq) March 22, 2022
وإلى الآن، تشير التوقعات إلى ضمان أكثر من 200 نائب سيشاركون بالجلسة المقبلة، مع استمرار تحرك القوى التابعة للتحالف الثلاثي لإقناع نواب وممثلي أقليات دينية بالمشاركة في الجلسة، وسط طروحات جديدة تتضمن أحقية خلق تجربة جديدة في تشكيل الحكومات بالعراق، وهي الأغلبية الوطنية وليست التوافقية التي جرى اعتمادها منذ عام 2006 ولغاية حكومة مصطفى الكاظمي الحالية.
في هذا الإطار، قال مصدر سياسي مطلع في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن الكثير من النواب المستقلين ونواب الأقليات أغلقوا هواتفهم وبعضهم غادروا بغداد تجنبا لضغوط كبيرة يتعرضون لها من قبل أطراف عدة. وأضاف المصدر ذاته أن بعض النواب المستقلين والمدنيين عرضت عليهم إغراءات وتعرضوا لضغوط كثيرة لمنع حضورهم أو مشاركتهم بالجلسة المقبلة.
ويبرز المدنيون والمستقلون في البرلمان العراقي كقوة تغليب جديدة في العملية السياسية العراقية، إذ يملكون ما مجموعه 48 نائبا، ويعول الصدر على حضورهم للحصول على أغلبية 220 نائبا في جلسة البرلمان المقبل، بما يسمح بإنهاء تأثير مقاطعة قوى "الإطار التنسيقي" لجلسة البرلمان ومن ثم انتخاب رئيس الجمهورية الذي يتوقع أن يقوم بتكليف مرشح الكتلة الكبرى بتشكيل الحكومة وفقا لما يقضيه الدستور العراقي.
وفي رسالة وجهها إلى النواب المستقلين، قال الصدر إن "الحكومات التوافقية التي توالت على العراق لم تنفع العراق والعراقيين، بل يمكن القول إنها أضرت به"، مضيفا "جربنا في العملية السابقة عدم تقاسم الكعكة معهم، ولم ينفع ذلك، واليوم نرى أننا يجب أن نخرج من عنق التوافق إلى فضاء الأغلبية ومن عنق الطائفية إلى فضاء الوطنية"، معتبرا أن "تشكيل حكومة أغلبية وطنية، تجربة لا بد من خوضها لإثبات نجاحها من عدمه".
وطالب النواب المستقلين بأن "يقفوا وقفة عز وشرف وكرامة من أجل إنقاذ الوطن وتخليصه من بقايا الفساد والإرهاب والاحتلال والتطبيع والانحلال من خلال إسنادهم للجلسة البرلمانية التي يتم بها التصويت على رئيس الجمهورية وعدم تعطيله بالثلث المعطل الذي هو وليد الترغيب والترهيب".
وتابع "نحن بحاجة إلى وقفة شجاعة منكم، وإن كنتم لا تثقون بي أو بالكتلة الصدرية، فإننا سنعطي لكم مساحة لإدارة البلد إن وحدتم صفوفكم وابتعدتم عن المغريات والتهديدات"، متحدثا عن وجود من "يحاول جرّ العراق إلى أتون الحروب والصدامات وتهديم العملية الديمقراطية النزيهة".
واليوم، الثلاثاء، أعلنت كتل وشخصيات مدنية ومستقلة عن عزمها على المشاركة في الجلسة مع التأكيد على أن حضورها يأتي احتراما للاستحقاقات الدستورية.