أقرّت الحكومة العراقية، في ساعة متأخرة من مساء أمس الثلاثاء، تشكيل لجنة عليا لإعادة إعمار مدينة الموصل، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ طرد مسلحي تنظيم "داعش"، وانتهاء المعارك في المدينة في يوليو/ تموز 2017، التي خلّفت خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين ودماراً واسعاً قدّرته وزارة التخطيط في وقت سابق بأكثر من 80 بالمائة في مجال البنى التحتية والمنازل السكنية للمواطنين.
وكانت صحيفة "العربي الجديد" قد كشفت في وقت سابق عن إجراءات حكومية جديدة في ملف إعادة إعمار الموصل وتأهيل مناطق سهل نينوى، ذي الغالبية العربية المسيحية، كإحدى نتائج زيارة البابا فرنسيس للعراق مطلع الشهر الحالي.
وعلى الرغم من تصويت البرلمان العراقي في الثاني عشر من سبتمبر/ أيلول 2017 اعتبار محافظة نينوى وعاصمتها الموصل منطقة منكوبة، عقب انتهاء المعارك وتوجيه طلب للحكومة بإطلاق برنامج لمساعدة السكان وإعادة الإعمار، إلا أن كل الجهود التي بذلت سابقاً لم تكن بالمستوى المطلوب، واقتصر معظمها على مساعدات وهبات الأمم المتحدة ومنظمات أميركية وأوروبية وبريطانية مختلفة، فضلاً عن دول خليجية من خلال منظمات إنسانية تابعة لها.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن مصدر مسؤول في مجلس الوزراء قوله إن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وجه بتشكيل لجنة عليا لإعمار الموصل"، لافتاً إلى أن اللجنة سيرأسها الكاظمي شخصياً، وستكون بعضوية وزراء المالية، والتخطيط، والإعمار والإسكان والبلديات، ومدير مكتب رئيس الوزراء، والأمين العام لمجلس الوزراء، فضلاً عن رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، ورئيس صندوق إعادة إعمار المناطق المحررة ومحافظ نينوى.
ولم تحدّد الحكومة طبيعة مهام اللجنة العليا أو ترسم موازنة مالية محددة لها، لكن مصادر حكومية في بغداد كشفت لـ"العربي الجديد" عن أن اللجنة المشكلة ستتولى في البداية رسم خريطة بالمشاريع الأكثر أهمية من طرق وجسور ومدارس ومستشفيات مدمرة، وصولاً إلى قطاع السكن الذي يسجّل كونه أكثر الملفات تعقيداً في الموصل وباقي مدن نينوى للعدد الكبير للوحدات السكنية المدمرة من منازل وشقق سكنية.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الحكومة لها صلاحية مناقلة موازنة الوزارات الخدمية وتحويلها إلى الموصل، أو تخصيص مبالغ من أموال الطوارئ استناداً إلى قرار اعتبار المحافظة منكوبة من قبل البرلمان، لافتة إلى أن اللجنة تتألف من 17 عضواً يرأسها مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء، وعضوية وزراء التخطيط والبلديات والإسكان، ومدير مكتب رئيس الوزراء، والأمين العام لمجلس الوزراء، ومحافظ نينوى، ورئيس صندوق إعمار المناطق المحررة، ورئيس هيئة الاستثمار الوطني، إضافة إلى رئيس جامعة الموصل ووكيل وزير المالية ومهندسين، إضافة إلى الأب رائد عادل كلو، وهو ما يحمل إشارة إلى أن اللجنة ستتولى ملف عقارات وأملاك مسيحيي الموصل ودور العبادة المدمرة، كإحدى نتائج زيارة البابا للعراق مطلع الشهر الحالي.
وحول الخطوة، قال الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد الحمداني، إن اللجنة العليا التي شُكِّلَت ستكون بمثابة أمل جديد للسكان بالتفات الحكومة إلى مدينتهم. ووفقاً للحمداني، إن قطعات الإسكان والصحة والتعليم الأكثر تضرراً هي في الموصل خصوصاً وباقي أجزاء محافظة نينوى عموماً، معتبراً أن مدينة فيها نحو 3 ملايين نسمة ولا تملك إلا جسراً واحداً أعيد إعماره من أصل 7 جسور مدمّرة منذ 3 سنوات، لم يعد منطقياً. وأضاف الحمداني لـ"العربي الجديد"، أن وصول الحكومة متأخرة أفضل من ألا تصل، ونينوى عموماً بحالة مزرية اجتماعياً وعمرانياً منذ تحريرها وطرد مسلّحي "داعش" منها، لكن الأهم في اللجنة أنها يجب أن تكون متحرّرة، وتمنع أي تدخل للمليشيات التي تمتلك ما يعرف بالمكاتب الاقتصادية في الموصل، وتهيمن على المشهد الاقتصادي والتجاري فيها".
واعتبر أن عودة الإعمار، ولو بنسبة 30 بالمائة، سيكون من شأنها خلق فرص عمل ورسائل اطمئنان للسكان النازحين بالعودة إلى الموصل.