تُبقي فصائل عراقية مسلحة حليفة لطهران احتمال حدوث هجمات أميركية على مقرات لها في العراق أو داخل الشريط الحدودي السوري مع محافظة الأنبار غربي البلاد، قائماً، حتى مع تراجع نبرة التهديدات الأميركية التي اتسمت بها فترة إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وتعليقاً على تقارير غربية تحدثت عن خطط أميركية بشأن توجيه ضربات جوية لفصائل مسلحة في العراق رداً على الهجمات التي استهدفت أخيراً مصالح أميركية في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، وقاعدة عين الأسد بالأنبار، وكذلك معسكر بلد قرب تكريت شمالي العراق، قال مسؤولون بارزون في فصائل عراقية إنهم يتوقعون هجمات في أي وقت، ولا يثقون بتطمينات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ولا حواراته مع واشنطن، في إشارة لجلسات الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة والتي عقد منها لغاية الآن ثلاث جولات وسط توقعات بجولة رابعة سيجريها الكاظمي خلال زيارته المتوقعة إلى واشنطن في يوليو/تموز المقبل.
الاستهداف قد يكون ضد قيادات الحشد الشعبي وليس المقرات فقط
وكان موقع "ديلي كولر" الأميركي، قد ذكر في تقرير له يوم الجمعة الماضي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين قولهم إن وزارة الدفاع "البنتاغون"، تخطط لشن ضربات ضد فصائل مسلحة مدعومة من طهران في العراق، بعد الحصول على إذن الرئيس جو بايدن، رداً على هجمات طاولت قواعد تشغلها القوات الأميركية على الأراضي العراقية.
في السياق، قال سعد السعدي، القيادي في مليشيا "عصائب أهل الحق"، أحد أبرز الفصائل المسلحة الحليفة لطهران، إنهم يتوقعون هجوماً أميركياً في أي وقت، ولا يستبعدون حتى القيام بعمليات اغتيال تستهدف قيادات بارزة في هذه الفصائل. وأضاف السعدي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "احتمال شن هجمات أميركية تضاعف مع استمرار صمت حكومة مصطفى الكاظمي على ضربات أميركية نفذت على الشريط الحدودي السوري العراقي في الفترة الأخيرة، آخرها ضربة جوية استهدفت عجلة للحشد قبل أيام، وكذلك مع إعلان فصائل المقاومة الإسلامية انتهاء الهدنة مع الجانب الأميركي، والإعلان عن تصعيد العمليات العسكرية الجهادية ضد قوات الاحتلال". وتستخدم فصائل عراقية مسلحة عبارة "المقاومة الإسلامية"، في إشارة منها للجماعات المسلحة المعروفة في العراق بالولائية (الموالية لطهران) أيضاً، والتي تمتلك أجنحة مسلحة تدعم نظام بشار الأسد في مناطق سورية عدة منذ سنوات، وترتبط بشكل مباشر بالحرس الثوري الإيراني. ولفت السعدي إلى أنّ "الاستهداف قد يكون ضد قيادات الحشد الشعبي وليس المقرات فقط"، محذراً من أنّ "أي هجوم أميركي يعني أنّ خيارات الرد ستكون مفتوحة ولا سقف لها".
لكن مسؤولاً عراقياً في قيادة العمليات المشتركة في بغداد، ردّ على سؤال من "العربي الجديد"، بشأن أي مخاوف من ضربات أميركية مقبلة أو وشيكة ضد الفصائل، بالقول إنّ حكومة الكاظمي، سبق وأبلغت الأميركيين بضرورة عدم الإقدام على أي فعل يعرقل أو يسهم في إفشال إجراء الانتخابات المبكرة المقررة في 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، أي بعد أقل من خمسة أشهر من الآن. وأوضح المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنّ "استمرار الهجمات على المعسكرات التي تستضيف قوات أميركية يبقي التهديد قائماً، حتى مع وجود تفهّم أميركي بضرورة دعم حكومة الكاظمي وتثبيت هدوء في العراق يُمكن فيه إجراء الانتخابات".
واعتبر المسؤول أنّ تنفيذ واشنطن أي هجوم جوي على مقرات الفصائل العراقية المسلحة، مماثل لما حصل في منتصف آذار/ مارس من العام الماضي (عندما شنت الولايات المتحدة ضربات على أربعة مواقع تابعة للحشد الشعبي انتقاماً لهجوم على معسكر التاجي والذي قُتل فيه جنديان أميركيان وعسكري بريطاني)، "ستكون له تداعيات سياسية وأمنية كبيرة في العراق، ولن يساعد حكومة الكاظمي على تنفيذ أي إصلاحات منشودة".
حكومة الكاظمي أبلغت الأميركيين بضرورة عدم الإقدام على أي فعل يعرقل إجراء الانتخابات
من جهته، قال المتحدث باسم "كتائب سيد الشهداء"، كاظم الفرطوسي، إنّ "فصائل المقاومة العراقية تتوقع استهدافها منذ أشهر عدة، وتعمل على اتخاذ إجراءات أمنية احترازية وغيرها من الإجراءات لتقليل الخسائر، وكذلك للرد على هكذا هجمات". وأوضح الفرطوسي في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هناك ردا متفقا عليه وجاهزا وسيكون نوعيا، في حال إقدام القوات الأميركية على استهداف مقرات أو قيادات الفصائل"، متهماً حكومة الكاظمي بأنها "تشجّع الأميركيين على عدوانهم، بسبب صمتها المستمر تجاه تجاوزات أميركية وقعت سابقاً". وقال إنّ "الهدنة (مع الأميركيين) انتهت بعد فشل الجهود الحكومية بتنفيذ وعود إخراج القوات الأميركية من العراق، وثبوت وجود تعمد في المماطلة لبقاء هذه القوات من قبل الكاظمي بالتعاون والاتفاق مع الأميركيين".
في المقابل، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن تحالف "الفتح"، الذي يمثل الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، النائب كريم عليوي، إن "قضية شن الولايات المتحدة الأميركية هجمات ضد فصائل المقاومة أو الحشد الشعبي، أمر متوقّع وغير مستبعد لأسباب عدة، منها أن واشنطن قامت بهذا الفعل سابقاً، ولم تر أي رد حكومي عراقي على هذه الانتهاكات الخطيرة لسيادة العراق".
واعتبر عليوي في تصريح أدلى به لموقع إخباري محلي أول من أمس الأحد، أن "الولايات المتحدة تريد جر فصائل المقاومة إلى الصدام المسلح، بهدف إرباك الوضع الأمني في العراق، وبالتالي إيجاد حجج ومبررات لتواجدها في البلاد، لكن أي استهداف للفصائل أو الحشد الشعبي، بكل تأكيد سيكون عليه رد قاس، خصوصاً أنّ الفصائل جاهزة لأي عدوان أميركي عليها". وشدد على أنّ "الحكومة العراقية، مطالبة بأن يكون لها موقف حازم وشديد تجاه هكذا تجاوز على سيادة العراق أو استهداف القوات الرسمية، فالحشد قوة رسمية، والمساس بها يعني المساس بالدولة العراقية والشعب العراقي".