جدد زعيم "التيار الصدري" في العراق مقتدى الصدر، اليوم الجمعة، تشبثه بمشروع حكومة الأغلبية الوطنية، مؤكداً أنه لن يعيد تسليم البلاد إلى الفاسدين أو "بيع الوطن لمن هم خلف الحدود"، وذلك في موقف جديد للزعيم الديني الذي تصدرت كتلته، "التيار الصدري"، نتائج الانتخابات التشريعية العامة في البلاد في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال الصدر في تغريدة على حسابه الرسمي في موقع "تويتر": "مرة أخرى تتصاعد أصوات الوحوش الكاسرة التي لا تعي غير التهديد، مرة أخرى يهددون الحلفاء والشركاء في حكومة الأغلبية الوطنية التي هي (لا شرقية ولا غربية) بل يكاد نورها يضيء من جنبات العراق ومن شمسه وفيئه ونخله وترابه.. فحب الوطن من الإيمان".
وأضاف "من هنا أقول: كفاكم تهديداً ووعيداً، فنحن لن نعيد البلد ليد الفاسدين ولن نبيع الوطن لمن خلف الحدود، فأغلب الشعب مع حكومة أغلبية وطنية ولن نقف مكتوفي الأيدي ولن نسمح للإرهاب والفساد أن يتحكم بنا، فتاريخنا زاخر بالقوة والصبر والثبات".
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) February 18, 2022
من جهته، قال الخبير بالشأن السياسي العراقي محمد العبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن "الضغوط التي مورست على الصدر في الفترة الماضية لم تحقق نجاحا في ثنيه عن مشروعه لغاية الآن".
وأضاف أن "حديث مقتدى الصدر اليوم عن ضغوط وتهديدات لا تتعلق فقط بالتيار الصدري، بل يظهر أن هناك ضغوطا على شركاء وداعمي الصدر في مشروع الأغلبية الوطنية من الكرد والعرب السنة، لدفعهم إلى التخلي عن دعم مشروع الصدر المتعلق بالحكومة المقبلة"، واصفا "الحكومة المقبلة بأنها يجب أن تكون بداية تغيير في المشهد العراقي المتعثر منذ الاحتلال، وأولها هو أن تلد حكومة دون تدخل خارجي من أي طرف، وهو ما يؤيده الشارع العراقي حاليا".
يأتي ذلك بعد نحو يومين على مغادرة زعيم "فيلق القدس" الإيراني إسماعيل قاآني العراق من دون أن يحقق أي خرق في جدار الأزمة السياسية الراهنة، حيث يصر الصدر على رفض مشاركة تحالف رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي (دولة القانون) في الحكومة المقبلة، محملا إياه مسؤولية العديد من ملفات الفساد والتردي الخدمي والأمني الذي شهده العراق خلال سنوات حكمه بين 2006 و2014.
وأمس الخميس، بحث الصدر في اتصال هاتفي مع رئيس "الحزب الديمقراطي الكردستاني" مسعود البارزاني تشكيل الحكومة، ووفقا لبيان صدر عن الجانبين، "بحث فيه الطرفان اتخاذ الخطوات اللازمة وتنسيق مواقف التحالف الثلاثي الاستراتيجي في المرحلة الراهنة من أجل الوصول إلى تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية".
وكشف البيان عن اتفاق الطرفين على "ضرورة عقد اجتماع لقوى التحالف الثلاثي خلال الأيام المقبلة".
في السياق، قال عضو في "التيار الصدري" في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن اليومين المقبلين قد يشهدان قمة سياسية جديدة بين التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر (التحالف الثلاثي)".
ووفقا للمصدر ذاته الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن "الاجتماع المرتقب سيجرى فيه التأكيد على تماسك التحالف والمضي بتشكيل الحكومة على ضوء لغة الأرقام في البرلمان"، في إشارة منه إلى الذهاب للبرلمان من دون توافق سياسي مع قوى "الإطار التنسيقي"، التي ما زالت ترفض شروط الصدر وهي إبعاد تحالف المالكي عن المشهد الحكومي المقبل، وتعتبر أن "الإطار التنسيقي" إما يشارك ككل أو يقاطع الحكومة.
وأوضح أن الاجتماع قد يكون مرهونا بعودة رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي من القاهرة، حيث يشارك في مؤتمر للبرلمانيين العرب على رأس وفد من أعضاء مجلس النواب العراقي.
وطرحت قوى "الإطار التنسيقي"، الأسبوع الماضي، مبادرة سياسية لحل أزمة تشكيل الحكومة، داعية كلّ القوى السياسية، خاصة "التيار الصدري"، إلى بدء مرحلة جديدة من الحوار لإنجاز الاستحقاقات الدستورية بما يحقق شراكة حقيقية في إدارة البلد، لكن الصدر لم يستجب للمبادرة التي تقوم من حيث المبدأ على مشاركة كل الكتل الفائزة في البرلمان بالحكومة المقبلة، معتبرا أن تكرار تجربة حكومة توافقية لم يعد ممكنا.