جدّد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، اليوم الأحد، دعوته إلى إعادة تنظيم "الحشد الشعبي" وفصله عما يُعرف بـ"فصائل المقاومة المسلحة"، المرتبطة بإيران، والمعروفة محلياً باسم "المليشيات الولائية"، وكذلك إبعاده عن السياسة والتجارة.
موقف الصدر الجديد، الذي يعدّ امتداداً لمواقف سابقة مماثلة، جاء عبر بيان لمكتبه الإعلامي بمناسبة ذكرى تأسيس "الحشد الشعبي".
وتشكَّل "الحشد الشعبي" بناء على فتوى "الجهاد الكفائي"، التي أصدرها المرجع الديني علي السيستاني، منتصف عام 2014، بعد سيطرة تنظيم "داعش" على مدن ومساحات واسعة من شمالي العراق وغربيه.
وذكر الصدر، في بيانه، أنه "صار لزاماً على الجميع تنظيم الحشد وقياداته والالتزام بالمركزية، وفصلهم عما يسمى بالفصائل، وتصفيته من المسيئين، من أجل بقاء سمعة الجهاد والمجاهدين ودمائهم طاهرة أولاً، ومن أجل تقوية العراق وقوّاته الأمنية ثانياً، وليبقى الحشد حشد الوطن وفي الوطن".
وشدد على أنه "لا ينبغي زجّ عنوان الحشد بالسياسة والتجارة والخلافات والصراعات السياسية، وما شاكل ذلك، فلا ينبغي لهم ذلك".
— صالح محمد العراقي - وزير القائد (@salih_m_iraqi) June 12, 2022
وسبق لرئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي أن أثار ملف تنظيم الفصائل المسلحة المنضوية ضمن "الحشد الشعبي"، في مبادرة تهدف لمزيد من تشريعها كقوة نظامية بالبلاد، إلا أن هذا الطموح واجه اعتراضاً واسعاً من قادة بعض الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، التي تعتبر نفسها ضمن ما يعرف بـ"محور المقاومة"، والتي تقول إنه يمتد من طهران وحتى بيروت مروراً بدمشق وبغداد
قبل ذلك، حاول رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي تنظيم "الحشد الشعبي" والعمل بقانونه الذي أقرّ في البرلمان عام 2017، لكنه اصطدم برفض قادة المليشيات لقراراته المتعلقة بعمل الفصائل وتحركاتها.
في السياق، قال النائب في البرلمان العراقي رعد الدهلكي إن "الحشد الشعبي قوة عراقية قاتلت الإرهاب وتنظيم "داعش" وساهمت بتحرير المدن، وأن العمل على تنظيمه هو أمر يسهم في حماية هذه القوة وليس تفكيكها".
وبيّن الدهلكي، لـ"العربي الجديد"، أن "قانون الحشد الشعبي الذي أقر في البرلمان سابقاً يرفض أن تتحول هذه القوة إلى أداة سياسية أو استغلالها انتخابياً، بالتالي فإن تنظيم الحشد سيُبعد أي جهة تسعى لاستغلاله، ونفس هذا التوجه نسعى دائماً إلى طرحه مع بقية التشكيلات العسكرية كالجيش والشرطة".
من جانبه، بيَّن الناشط السياسي أيهم رشاد أن "أكثر الحكومات العراقية التي سعت إلى تنظيم عمل الحشد الشعبي، وتطبيق القانون على جميع مديرياته ومنع استغلاله من الأطراف السياسية، هي حكومة حيدر العبادي، ولذلك حدثت مشكلات كبيرة وتوترات بين رئيس هيئة الحشد وقادة الفصائل مع رئيس الحكومة، وهو ما يعني أن الفصائل ضد تنظيم عمل الحشد، لأن في ذلك منعاً لتغلغل الفصائل المسلحة في عمل الألوية، كما أنه سيُجرم أفعال الفصائل ضد البعثات الأجنبية والسفارات والتجاوزات على العراقيين".
وأكمل رشاد، في اتصالٍ هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "قادة الفصائل يدعون أنهم يدعمون تنظيم الحشد، وإعادة هيكلته في الإعلام، لكنهم في السر يقفون ضد هذه التوجهات والدعوات التي تصدر عادة من الصدر والفاعلين في الحراك المدني"، موضحاً أن "الحشد الشعبي يتعرّض إلى استغلال من الأحزاب الشيعية، وأن عدم تنظيمه قد يؤدي في المستقبل إلى المطالبة بحلّه".
ولا توفر هيئة الحشد الشعبي أي معلومات دقيقة بشأن المقاتلين المسجلين فعلاً في الهيئة، إلا أن مجمل البيانات الحكومية تشير إلى أن عدد المقاتلين في الحشد أكثر من 120 ألف مقاتل، موزعين على 71 تشكيلاً وفصيلاً ومليشيا مسلحة، نالت غالبيتها تسليحاً وتدريباً إيرانياً خلال السنوات الماضية.
وتورط قسم من المليشيات العراقية الممولة من هيئة "الحشد الشعبي" بجرائم وانتهاكات بدوافع طائفية في عدد من مدن العراق، وأخرى شاركت بالقتال إلى جانب قوات نظام بشار الأسد.
وبرزت الخلافات داخل "الحشد الشعبي" إلى السطح بعد أسابيع على مقتل القيادي أبو مهدي المهندس، بغارة أميركية إلى جانب زعيم "فيلق القدس"، السابق قاسم سليماني، مطلع يناير/ كانون الثاني عام 2020، حيث رفض كل من التيار الصدري والفصائل المرتبطة بالنجف قراراً بتسمية القيادي في "كتائب حزب الله" والمقرب من إيران عبد العزيز المحمداوي (أبو فدك) خلفاً للمهندس بمنصب رئيس "هيئة أركان الحشد".