العراق: البحث عن مخرج لمهلة الصدر... وخيارات محدودة أمام "الإطار التنسيقي"

01 ابريل 2022
التزم "الإطار التنسيقي" حتى الآن الصمت تجاه مبادرة الصدر (أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -

أنهت المهلة التي منحها زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، ليل أمس الخميس، لقوى "الإطار التنسيقي"، للتفاوض مع الكتل السياسية الأخرى وتشكيل الحكومة، بدون أن تكون كتلته جزءاً منها، أي فرصة للتقارب بين الجانبين، فيما وضعت الأخير أمام خيارات محدودة ومحرجة.

ونشر زعيم "التيار الصدري" تغريدة عبر "تويتر"، أمس، قال فيها: "لأجل أن لا يبقى العراق بلا حكومة فتتردى الأوضاع الأمنية والاقتصادية والخدمية وغيرها، أمنح الثلث المعطل (الإطار التنسيقي) فرصة للتفاوض مع جميع الكتل بلا استثناء، لتشكيل حكومة أغلبية وطنية من دون الكتلة الصدرية"، مبيّناً أنّ "الفرصة ستكون من أول يوم رمضان حتى التاسع من شوال المقبل"، داعياً كتلته إلى "عدم التدخل بذلك لا إيجاباً ولا سلباً".

وحتى الآن، التزم تحالف "الإطار التنسيقي" الذي يضمّ قوى سياسية توصف بأنها حليفة لإيران، الصمت تجاه دعوة الصدر، كما أن قياداته البارزة لم تصدر أي تعليق إزاءها، في وقت أكدت مصادر سياسية مطلعة أن قوى التحالف تعتزم عقد اجتماع لبحث خياراتها أمام تلك الدعوة.

لا تفاؤل بالخروج من الأزمة

ووفقاً لعضو في البرلمان العراقي عن "تيار الحكمة" المنضوي في "الإطار التنسيقي"، فإن "مهلة الصدر كانت غير متوقعة، وهي قضت على المبادرة التي كان يسعى "الإطار التنسيقي" لإطلاقها، وفتح باب الحوار مع الصدر"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "اتصالات جرت ليل أمس بين قيادات الإطار، التي اتفقت على عدم الإدلاء بأي موقف رسمي إزاء دعوة الصدر قبل عقد اجتماع وبحث الملف".

وأضاف طالباً عدم الإفصاح عن اسمه، أن "التحالف سيجتمع اليوم على الأرجح، وسيبحث جميع خياراته، والتي تم تضييقها ضمن دعوة الصدر"، مبيناً أن "الخيار المطروح حالياً هو التوجه نحو التفاوض مع جميع القوى السياسية (عدا التيار الصدري) والعمل على التوافق معها".

وأشار إلى أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني" وائتلاف "السيادة"، المتحالفين مع الصدر ضمن التشكيل الثلاثي الجديد (إنقاذ وطن)، متفقان معه على هذه الخطوة، ما يعني أن تفاوض "الإطار التنسيقي" معهما سيكون صعباً، الأمر الذي قد يعقّد الأزمة، ويدخلها في نفق مظلم"، مشدداً على أن "الحل الأمثل حسب رؤية الإطار التنسيقي، يكمن في التوافق بينه وبين كتلة الصدر".

الصدر ينتظر فشل "الإطار التنسيقي" للمضي بمشروع حكومة الأغلبية

وقال عضو "التيار الصدري" صفاء الأسدي، إنه "في حال فشل الإطار التنسيقي في تشكيل الحكومة خلال المهلة التي حددها الصدر، فإن التيار سيمضي بمشروعه تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية"، مؤكداً في تصريحات للصحافيين في بغداد اليوم، أن "زعيم التيار الصدري، حينما التقى بقيادات "الإطار التنسيقي" بمنزل زعيم "تحالف الفتح" هادي العامري، طرح لهم مشروعه لتشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، دونما استهداف أو إقصاء، وأن الهدف هو تصحيح مسار العملية السياسية، وأن من يأتي لهذه الحكومة يكون وفق شروط وضوابط، ومن يرفض يذهب للمعارضة، كما طرح الصدر إمكانية ذهابه للمعارضة في حال رفضوا تشكيل حكومة أغلبية، وعندها رفضت جميع قوى الإطار هذا الأمر".

وشدد على أن "التحالف الثلاثي (إنقاذ وطن) تحالف رصين وثابت، ومع ذلك، فإن الصدر منح الشركاء الضوء الأخضر، ورفع القيود، وهم أحرار في ما يتبنون للذهاب لتشكيل الحكومة مع الإطار وفق برنامجه"، مؤكداً أنه "في حال نجح الإطار التنسيقي في تحقيق أغلبية، فستكون الكتلة الصدرية أول الحاضرين لجلسة البرلمان لإكمال نصاب تسمية رئيس الجمهورية، ولن نكون ثلثاً معطلاً". واستدرك: "أما في حال فشِل الإطار وحلفاؤه، فإن الكتلة الصدرية ستمضي في تشكيل الحكومة، على اعتبار أنها الكتلة الكبرى برلمانياً".

"الثلث المعطّل" يعطّل نفسه

إلى ذلك، أكد النائب عن "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، المتحالف مع الصدر، بشار الكيكي، أن الموقف محرج للإطار التنسيقي، وأن مشاريعه ستتعطل. وقال في تغريدة له عبر "تويتر": "الصدر تمكّن في مبادرته الأخيرة من إحراج قوى "الإطار التنسيقي"، ووضعهم في مواجهة عمق الأزمة التي خلقوها في ما يُسمّى بالثلث المعطل"، مؤكداً أن "الثلث المعطل عطّل نفسه بنفسه".

"الإطار التنسيقي" يبحث عن مخرج للأزمة

وعلى الرغم من إنهاء الصدر أي فرصة للتحاور بينه وبين "الإطار التنسيقي"، إلا أن الأخير أكد أنه سيسعى لذلك. وقال النائب عن "الإطار التنسيقي" ثائر مخيف، أن تحالفه "سيبدأ اتصالاته مع القوى السياسية الأخرى، لبحث إمكانية البدء في حوار تفاوضي يمهد لتشكيل الحكومة المقبلة، أو الذهاب كثلث معطل"، مؤكداً أنه "حتى الآن لم نعرف توجهات تلك القوى، وقد يكشف ذلك قريباً".

ورجح أن "تتغير الخريطة السياسية بشكل واسع، وأن الكرد قد يتفقون على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية"، قائلاً: "لا نسعى لإقصاء أحد في الحكومة المقبلة، ونأمل أن تكون للصدر مشاركة في الحكومة، وسنسعى للتواصل معه إزاء ذلك".

مناورة سياسية من الصدر

من جهته، رأى الباحث في الشأن السياسي مجاهد الطائي، أن فرصة الصدر هي "مناورة سياسية". وقال في تغريدة له، إن "موقف الصدر الأخير رمى الكرة في ملعب الإطار التنسيقي من جهة، ووضع حلفاءه في تحالف "السيادة" و"الديمقراطي الكردستاني" تحت الضغط، فهل هي دعوة لتفكيك التحالف الثلاثي، أم هي مناورة جديدة كقرار عدم المشاركة في الانتخابات الأخيرة ثم المشاركة بقوة والفوز بالكتلة الأكثر عدداً؟"، قائلاً: "أرجح الاحتمال الثاني".

وجاءت "فرصة الصدر" بعد يوم واحد فقط من فشل البرلمان العراقي، للمرة الثانية على التوالي خلال أقل من أسبوع، في المضي بجلسة انتخاب رئيس جديد للبلاد، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني المطلوب لعقدها، بواقع 220 نائباً من أصل 329، إذ نجح تحالف "الإطار التنسيقي" في تعطيل الجلستين، ما حال دون مضي مشروع تحالف "إنقاذ وطن"، الذي يضم "التيار الصدري" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" وتحالف "السيادة"، في تمرير منصب رئيس الجمهورية، والذي يترتب عليه أن يتولّى مهمة تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة الجديدة.