طالب تحالف "الإطار التنسيقي"، الحاكم في العراق، بالمصادقة على أحكام الإعدام لآلاف السجناء العراقيين الموزعين على 7 سجون بالبلاد، وذلك خلافاً لتعهداته في مفاوضات تشكيل حكومة محمد شياع السوداني مع القوى السياسية التي طالبت بمراجعة أحكام الإعدام المبنية على انتزاع الاعترافات تحت التعذيب أو بوشاية المخبر السري.
ويعتبر الموقف الجديد للتحالف، الذي يضم القوى السياسية المدعومة من طهران، وأبرزها تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، بزعامة هادي العامري، وائتلاف "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، بمثابة أول انقلاب سياسي على تعهدات قطعها للقوى السياسية الأخرى، حيال ملفات إنسانية وحقوقية أبرزها ملف النازحين ومراجعة أزمة السجون وإعادة النظر بالمحاكمات المتعلقة بشكاوى التعذيب والمخبر السري.
وفي بيان له صدر في ساعة متأخرة مساء أمس الأربعاء في ختام اجتماع لقادته، دعا تحالف "الإطار التنسيقي" رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، إلى المصادقة على أحكام الإعدام، والتي يبلغ عددها، وفقا لتقارير رسمية سابقة، أكثر من 7 آلاف حكم، في خطوة تؤشر إلى تجدد الضغوط بهذا الاتجاه.
الاجتماع الذي جرى بحضور رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، ناقش الوضع الأمني وسبل تعزيز الاستقرار ومنع أي اعتداءات إرهابية، فيما قدم السوداني، حسب البيان، عرضاً شاملاً للإجراءات التي تقوم بها القوى والمؤسسات الأمنية الحكومية بهذا الخصوص.
ودعا التحالف، رئيس الجمهورية إلى "المصادقة على أحكام الإعدام الصادرة بحق الذين استباحوا الدم العراقي"، وفقا للبيان، مؤكداً دعمه لـ"الإجراءات التي تقوم بها الحكومة في سبيل النهوض بالواقع الخدمي والتنموي في البلاد، خصوصاً ما يتعلق بالطبقات الأكثر فقراً والمناطق المحرومة".
ومع كل تراجع أمني في العراق، تتصاعد حدة الضغط على رئيس الجمهورية من قبل القوى التي شكلت تحالف "الإطار التنسيقي" لأجل التوقيع على أحكام الإعدام بحق السجناء الذين وُجهت لهم تهم بتنفيذ أعمال العنف، على الرغم من تقارير حقوقية وتأكيدات سياسية بأن كثيراً من تلك التهم انتزع منهم بالإكراه وتحت التعذيب، بحسب ما جرى الحديث عنه خلال الفترات السابقة من قبل مسؤولين وقيادات سياسية.
ويأتي الاجتماع قُبيل أيام من انتهاء العطلة التشريعية للبرلمان، إذ كشفت اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، أن هناك 170 قانوناً معطلاً من الدورات البرلمانية السابقة، يتم العمل حالياً على مناقشتها، ومحاولة إدراجها في جداول أعمال جلسات البرلمان للتصويت عليها، وسط تأكيدات أن تلك القوانين لا يمكن أن تمرر من دون توافق سياسي.
يجري ذلك بالتوازي مع حراك حكومي لتحسين الجانب الخدمي بالبلاد، وكان مجلس الوزراء قد خول أخيراً رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، صلاحية سحب مشاريع القوانين من البرلمان، وقد وجه بدوره بسحب 9 قوانين من بينها معالجات التجاوزات السكنية، مجلس الإعمار، تعديل قانون الشركات، التعديل الأول لقانون شركة النفط الوطنية العراقية، التعديل الثاني لقانون الطرق العامة، قانون الخدمة المدنية الاتحادي.
ومن المفترض أن ينهي البرلمان عطلته التشريعية، الأسبوع المقبل، والتي تمتد لشهر واحد بدأت في الثامن من الشهر الفائت، فيما يُنتظر من البرلمان دور تشريعي، وتجاوز الخلافات بشأن القوانين المعطلة.
وفي وقت سابق، كشفت القوى السياسية العربية السنية، عن تفاهمات مع تحالف "الإطار التنسيقي"، خلال مفاوضات تشكيل حكومة السوداني والتصويت عليها داخل البرلمان، من بينها تعديل قانون العفو العام، الذي يشمل مراجعة ملفات السجناء المحكومين بناءً على اعترافات انتزعت تحت التعذيب أو المخبر السري، إلى جانب إنصاف الأبرياء منهم، وفقا لتصريحات أدلى بها القياديان في تحالفي "السيادة"، عبد الكريم عبطان، وحيدر الملا ضمن تحالف "العزم".
وأكد حيدر الملا أن "القوى السنية داعمة لتشكيل حكومة محمد شياع السوداني وقد وضعت مجموعة من المطالب ضمن ورقتها، ينبغي أن تنفذ خلال ستة أشهر من تاريخ تشكيل الحكومة، وأبرز نقاطها سن قانون تعديل العفو العام وتحويل ملف المساءلة العدالة إلى ملف قضائي وإعادة النازحين من ضمنهم نازحو جرف الصخر وتحقيق التوازن الحقيقي وإعادة الإعمار".
وأشار إلى أن "موضوع العفو العام يعدّ من الموضوعات المهمة التي ينبغي أن تتم معالجتها من خلال قانون يضمن حقوق الأبرياء ويرفع الحيف عنهم"، وهو ما أقر به عضو الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، قائلا إن "هناك الكثير من العراقيين الذين ينتظرون أن يصدر مجلس النواب تشريعاً ينصف الأبرياء المتواجدين داخل السجون".