العراق: اجتماع لقادة الكتل بهيئة البرلمان لحسم انتخاب رئيس الجمهورية

18 يوليو 2022
يهدف اجتماع الحلبوسي وقادة الكتل لتحديد موعد لانتخاب الرئيس (Getty)
+ الخط -

من المقرر أن يعقد البرلمان العراقي، ظهر اليوم الاثنين، اجتماعاً هو الأول من نوعه لقادة الكتل السياسية داخله، بهدف تحديد موعد انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، رغم استمرار حالة الانقسام الكردي ــ الكردي، وإخفاق عدة وساطات، بينها إيرانية، في أن تُخرج الحزبين الكرديين (الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني)، بمرشح واحد يتفقان عليه.

ويتطلب عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد حضور ثلثي عدد نواب البرلمان (220 من أصل 329)، وفقاً لما كانت قد قررته المحكمة الاتحادية العليا، وسط مخاوف من عدم تحقيق النصاب، في حال فشلت القوى الكردية في التوصل لاتفاق على مرشح واحد يمثلها.

الخلاف الكردي – الكردي ما زال قائماً وبقوة حول منصب رئاسة الجمهورية

وتكمن أهمية اختيار رئيس جديد للبلاد، في كون الدستور ألزم بأن يتولى الرئيس المنتخب داخل البرلمان بنفس الجلسة تكليف مرشح الكتلة الكبرى، والتي باتت عملياً اليوم هي تحالف "الإطار التنسيقي"، التي تضم القوى الحليفة لإيران، بعد انسحاب التيار الصدري، الفائز الأول في الانتخابات، الشهر الماضي من البرلمان، رداً على ما اعتبره الالتفاف على حقه بتشكيل الحكومة.

وهذه هي المرة الأولى في العراق ما بعد 2003، تجري عملية تشكيل الحكومة الجديدة، دون مشاركة التيار الصدري مع انسحاب التيار الكامل من البرلمان العراقي ومجمل العملية السياسية.

اجتماع لتحديد موعد انتخاب الرئيس

مصادر سياسية رفيعة في بغداد، أحدها عضو بارز في تحالف "الإطار التنسيقي"، أكدت، لـ"العربي الجديد"، أن "الاجتماع المرتقب اليوم بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبه الثاني شاخوان عبد الله برؤساء الكتل السياسية يهدف إلى التوصل لموعد عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، سواء توصل الحزبان الكرديان لاتفاق موحد أم لا".

ووفقاً للمصادر ذاتها فإن "الخلاف الكردي – الكردي ما زال قائماً وبقوة حول منصب رئاسة الجمهورية، وحتى الساعة لم تعقد أي اجتماعات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني، لحل الخلافات حول هذا المنصب".

وأكد أحد المصادر، وهو نائب في البرلمان، أن "القضية لا تتعلق فقط بالخلاف الكردي – الكردي على رئاسة الجمهورية، بل هناك خلاف داخل الإطار التنسيقي، على تسمية المرشح لرئاسة الحكومة، مع طرح أكثر من شخصية لهذا المنصب". 

وأشار إلى أن من أبرز الشخصيات "مستشار الأمن القومي الحالي قاسم الأعرجي، ووزير العمل الأسبق محمد شياع السوداني، ووزير الداخلية الأسبق محمد الغبان، والمستشار الحالي برئاسة الجمهورية علي شكري، ووزير الرياضة السابق عبد الحسين عبطان، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي".

وكشف عن "وجود احتمالات كبيرة في كسر نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في حال تم تحديدها، دون الوصول إلى اتفاق بين الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني". 

وأشار إلى أن "هذا الأمر سيدفع الديمقراطي إلى مقاطعة الجلسة مع حليفه تحالف السيادة، وبعض النواب المستقلين، لمنع تمرير مرشح الاتحاد الوطني برهم صالح، لما يملكه من أغلبية برلمانية مع حلفاء في الإطار التنسيقي الذي بات الكتلة الكبرى اليوم".

خلاف داخل "الإطار" بشأن رئيس الحكومة

وأوضح أن "الإطار التنسيقي يشهد خلافاً كبيراً بين قواه بشأن تسمية رئيس الوزراء الجديد، لكن في نفس الوقت سيعلن عن مرشح لهذا المنصب خلال هذا الأسبوع، وربما تدخل أسماء جديدة على المنافسة لحسم الخلافات حول الأسماء المرشحة".

وقال القيادي في "الاتحاد الوطني الكردستاني" غياث السورجي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الخلاف الكردي ما زال قائماً حول منصب رئاسة الجمهورية، والأقرب للمشهد هو ذهاب الأكراد بأكثر من مرشح، ويبقى حسم اختيار الرئيس الجديد بيد النواب".


غياث السورجي: الاجتماع سيحدد سقفاً زمنياً للقوى الكردية للوصول إلى اتفاق بشأن منصب رئاسة الجمهورية

وبين السورجي أن "الاتحاد الوطني الكردستاني يدرك جيداً أن الأغلبية البرلمانية سوف تدعم مرشحه (برهم صالح)، ولهذا الحزب الديمقراطي الكردستاني متخوف من الذهاب دون اتفاق، وهو يريد حل هذا الأمر قبل تحديد موعد عقد جلسة انتخاب الرئيس الجديد".

سقف زمني للاتفاق على منصب الرئاسة

وأضاف أن "الاجتماع المرتقب بين رئاسة مجلس النواب ورؤساء الكتل السياسية، سيناقش قضية تحديد موعد جلسة انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية. كما أن الاجتماع سوف يحدد سقفاً زمنياً للقوى الكردية للوصول إلى اتفاق بشأن منصب رئاسة الجمهورية. وبخلاف ذلك البرلمان سيعقد جلسته، ويترك الخيار للنواب بالتصويت على أي مرشح يريده".

وبشأن الخلاف حول مرشح رئاسة الوزراء، قال السورجي إن "هذا الأمر من شأن البيت السياسي الشيعي، ونحن لا نتدخل فيه، والإطار التنسيقي قريب جداً من تسمية رئيس جديد للحكومة خلال هذا الأسبوع، وفق ما يصلنا من معلومات من قيادات الإطار".

وتعثرت عدة وساطات للتوفيق بين الحزبين الكرديين الرئيسيين للتوصل إلى "مرشح تسوية" للمنصب. وكانت آخر هذه الوساطات، محاولة قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، لحسم الخلاف. لكن حتى الآن لم يتحقق أي تقدم، مع مغادرة قاآني الإقليم، أخيراً، بعد لقاءين عقدهما مع زعماء الحزبين في أربيل والسليمانية، وفقاً لمصادر سياسية كردية تحدثت لـ"العربي الجديد".

إلى ذلك، قال القيادي في "الإطار التنسيقي"، النائب أحمد الموسوي، لـ"العربي الجديد"، إن "الاجتماع المرتقب بين رئاسة البرلمان ورؤساء الكتل السياسية، سيناقش قضية تحديد موعد انتخاب رئيس الجمهورية، ومجمل عملية تشكيل الحكومة، ونحن سوف نضغط من أجل أن تكون جلسة انتخاب رئيس الجمهورية خلال هذا الأسبوع حتى لا يتم تأخير عملية تشكيل الحكومة".

وبين الموسوي أن "الإطار التنسيقي اقترب جداً من حسم مرشحه لرئاسة الوزراء، وممكن جداً خلال اليومين المقبلين الإعلان عن المرشح بشكل رسمي. وربما يتم تكليف هذا المرشح بعد انتهاء عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، التي يتم العمل على عقدها خلال هذا الأسبوع".

"الإطار" عازم على تسريع تشكيل الحكومة

وشدد على أن "الإطار التنسيقي، ومن معه من حلفاء، عازمون على الإسراع بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، والإعلان عن كافة تفاصيل عملية التشكيل سيتم خلال هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل كحد أقصى. ولا خلاف بين القوى الشيعية على مرشح رئاسة الوزراء، بل الأمور تمضي كما هو مخطط له من قبل قادة الإطار".

بالمقابل، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الإطار التنسيقي ما زال حذراً جداً في خطوات تشكيل الحكومة الجديدة، فهو لا يريد استفزاز زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وجمهوره بهذه الخطوات، حتى لا يتم تحريك الشارع ضده ويمنع من تشكيل أي حكومة جديدة".


أحمد الموسوي: الإطار التنسيقي، ومن معه من حلفاء، عازمون على الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة
 

وبين الشريفي أن "حديث قادة الإطار التنسيقي عن قرب تسمية مرشح رئاسة الوزراء، أعتقد أنه بعيد عن الحقيقة، خصوصاً أن هناك خلافات كبيرة بين قوى الإطار حول المرشح لهذا المنصب، وكل جهة تريد فرض مرشحها، وهذا ما يعرقل تسمية أي مرشح في القريب العاجل. وفي نفس الوقت، الإطار يريد بأي شكل من الأشكال الإسراع بتشكيل الحكومة لضمان بقائه على رأس القرار السياسي بعد انسحاب الصدر".

وبشأن الخلاف الكردي – الكردي على رئاسة الجمهورية، قال المحلل السياسي إن "هذا الخلاف كبير جداً، ورغم كل الوساطات والضغوط الداخلية والخارجية لم تتمكن القوى الكردية من الوصول إلى حلول توافقية. وهذا الخلاف ربما يحتاج إلى وقت لغرض حله، ولا نعتقد أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ستكون قريبة مع استمرار هذا الخلاف".

وقال الشريفي إنه "وفق المعطيات والمعلومات، فإن المرحلة المقبلة ربما تشهد تصعيداً على المستوى السياسي من خلال المواقف، وربما الشعبي من خلال التظاهرات، ولهذا لا أعتقد أن هناك حكومة جديدة ستتشكل في القريب العاجل، كما تريد بعض الأطراف السياسية ذلك".

يجري ذلك في وقت تعقدت فيه مهمة "الإطار التنسيقي" بعد أن صعّد زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، من سقف مطالبه بشروط اعتُبر جزء منها تعجيزياً، وذلك لقاء قبوله بتشكيل "الإطار" الحكومة الجديدة.

وكان الصدر أكد، في خطبته التي ألقيت بالنيابة عنه، أمام مئات الآلاف من أنصاره خلال "الصلاة الموحدة"، يوم الجمعة الماضي، أنه لا يمكن تشكيل حكومة قوية في ظل انتشار السلاح والمليشيات المنفلتة، ويجب حل الفصائل المسلحة وإبعاد "الحشد الشعبي" عن السياسة والتجارة وإعادة تنظيمه، وإبعاده عن التدخلات الخارجية، وعدم زجّه في الحروب الطائفية، وغير ذلك.