كشفت مصادر سياسية عراقية مطلعة لـ"العربي الجديد"، عن اجتماع مرتقب سيعقد في مدينة النجف، مقر إقامة زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، يجمع قيادات سياسية مختلفة بهدف الوصول إلى حلّ للأزمة السياسية، ومنع أي تصعيد من قبل الصدريين في الشارع بعد انتهاء مراسم "زيارة الأربعين".
وتأتي هذه المساعي وسط مخاوف سياسية وشعبية من تكرار الصدام المسلّح ما بين أنصار "التيار الصدري" والفصائل المسلّحة الموالية والمدعومة من إيران، ما بعد انتهاء مراسم "زيارة الأربعين"، مع عزم "الإطار التنسيقي" على المضي في مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، وإصرار زعيم التيار مقتدى الصدر على رفض أي حكومة يشكلها التحالف القريب من إيران وفق المحاصصة والتوافق، مع ترقب نزول جديد لأنصار الصدر إلى الشارع لمنع البرلمان من عقد أي جلسة يراد منها تشكيل الحكومة.
وقال قيادي بارز في "التيار الصدري"، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تحركاً من قبل رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني ورئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي وزعيم تحالف الفتح هادي العامري وزعيم تحالف السيادة خميس الخنجر، من أجل عقد اجتماع بينهم وبين الصدر، بعد انتهاء زيارة الأربعين".
وبيّن القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "هناك اتصالات مستمرة تجري في هذا الصدد من أجل التنسيق والتحضير لهذا الاجتماع الخماسي، بهدف الوصول إلى حلول للأزمة السياسية، وإقناع الصدر بمنع أنصاره من النزول للشارع مجدداً، خشية تطور الاحتجاج الشعبي إلى صدام مسلّح مع بعض الفصائل الموالية لإيران".
وأضاف أن "الصدر ما زال حتى هذه الساعة يرفض عقد أي اجتماع سياسي مع كافة القيادات السياسية، لكن هناك ضغوطات تمارس عليه من قبل هذه الزعامات السياسية للاجتماع معها، وهناك إمكانية كبيرة لعقد هذا الاجتماع الخماسي بعد أيام قليلة من انتهاء مراسم زيارة الأربعين".
بدوره، قال القيادي في "تحالف الفتح" علي الفتلاوي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "هناك اجتماعاً مرتقباً بعد انتهاء مراسم زيارة الأربعين سيعقد في الحنانة بين الصدر وعدد من القيادات السياسية، بهدف الوصول إلى تفاهمات بشأن الأزمة السياسية وملف تشكيل الحكومة الجديدة".
وبيّن الفتلاوي أن "الترتيبات لعقد هذا الاجتماع تجري منذ يومين، وهي ستبقى مستمرة في الأيام المقبلة، لحين تحديد موعد هذا الاجتماع، خصوصاً أن الجميع أدرك جيداً أنه لا حل للأزمة السياسية إلا من خلال الحوار المباشر، ولهذا التيار الصدري سيقبل في النهاية بالحوار"، وأضاف أن "الإخفاق مجدداً في التوصل إلى حلول مع التيار الصدري بشأن الأزمة، سيدفع القوى السياسية إلى المضي بعملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، خصوصاً أن هناك إجماعاً سياسياً كبيراً لحسم هذا الملف خلال الفترة المقبلة، وعدم تسويف القضية بشكل أكبر، تحت أي مبرر أو حجة كانت".
في المقابل، قال المحلل السياسي المقرب من "الحزب الديمقراطي الكردستاني" محمد زنكنة، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إن "مساعي عقد الاجتماع الخماسي المرتقب في الحنانة تأتي ضمن إكمال المبادرة التي أطلقها مسعود بارزاني، والتي كان من المؤمل تفعيلها خلال الأيام الماضية، لكن التطورات الخطيرة التي جرت في المنطقة الخضراء، من الصدام المسلح، دفعت الى تأجيل هذه المبادرة".
وبيّن زنكنة أن "هناك حراكاً سياسياً مكثفاً يجري من أجل إعادة طرح هذه المبادرة، التي تهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية، وإيجاد تفاهمات بشأن شكل الحكومة العراقية الجديدة، ولهذا الاجتماع المرتقب في الحنانة يمكن أن يصل إلى حلول ترضي كل الأطراف السياسية العراقية".
وأكد أن الحوار والتفاوض يجب أن يكون موجوداً بين كلّ القوى السياسية العراقية، في ظل كلّ الظروف والأحداث، ومبادرة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني تهدف بالدرجة الأولى إلى تقريب وجهات النظر بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، والاتفاق على سقوف زمنية لتحقيق الاستحقاقات الدستورية.
وتتلخص محاور الأزمة السياسية العراقية حالياً في إصرار قوى "الإطار التنسيقي"، الذي يضم القوى السياسية القريبة من طهران، على استئناف جلسات البرلمان العراقي ومعاودة عمله بشكل كامل، كما تتمسك بانتخاب رئيس جمهورية ورئيس حكومة كاملة الصلاحيات بدلاً عن حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، ثم الذهاب نحو تعديل قانون الانتخابات الحالي. وترى قوى "الإطار التنسيقي" في القانون الحالي سبباً في تراجع مقاعدها البرلمانية بالانتخابات الأخيرة، كما تصرّ على تغيير مفوضية الانتخابات قبل الذهاب إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
في المقابل، يرفض "التيار الصدري" ذلك، ويصر على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة خلال 9 أشهر، كما يطرح تعديل الفقرة 76 من الدستور المتعلقة بالكتلة الكبرى التي يحق لها تشكيل الحكومة، ويرفع مطلباً آخر هو تعديل قانون المحكمة الاتحادية لتكون أكثر استقلالية عن الأحزاب السياسية، التي تولت فعلياً منذ عام 2005 اختيار أعضاء هذه المحكمة، وعددهم 11 عضواً، بطريقة المحاصصة الطائفية والحزبية.
إلى جانب ذلك، يرفض "التيار الصدري" تعديل قانون الانتخابات ويصرّ على بقائه. والقانون الحالي اعتمد نظام الدوائر المتعددة، والفوز للنائب الأعلى أصواتاً، على خلاف القانون السابق المعروف بقانون "سانت ليغو". والأخير منح أغلبية عددية للقوى السياسية الكبيرة على حساب القوى السياسية الناشئة والصغيرة، بسبب بند القاسم العددي في توزيع أصوات الدوائر الانتخابية. كما يرفع "التيار الصدري" الفيتو أمام أي حكومة تتشكل، سواء كانت مؤقتة أو دائمة، من خلال مشاركة كتلتي "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، و"صادقون" بزعامة قيس الخزعلي.