كشفت مصادر سياسية رفيعة في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أمس الاثنين، عن توجهٍ لإجراء تعديل وزاري في حكومة مصطفى الكاظمي، يطاول خمسة وزراء، يواجهون اتهامات بالتقصير وسوء الإدارة. ويؤكد هذا التوجه أن تعامل القوى السياسية النافذة في العراق مع ملف إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة بعد نحو 6 أشهر من الآن، غير جدّي، وأن التأجيل يبقى الراجح حتى الآن. وتحدث نائب عراقي، وكذلك قياديٌ بارز في تحالف "الفتح"، كل على انفراد مع "العربي الجديد"، عن وجود اتفاق بين قوى سياسية عدة، على إجراء تعديل وزاري يطاول خمسة وزراء في حكومة الكاظمي، هم وزير المالية علي عبد الأمير علاوي، وزير التجارة علاء الجبوري، وزير الصناعة منهل عزيز الخباز، وزير الكهرباء ماجد حنتوش، ووزير النفط إحسان عبد الجبار.
سيطاول التعديل خمسة وزراء، يواجهون اتهامات بالتقصير وسوء الإدارة
وأكد النائب عن تحالف "دولة القانون"، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "الخطوة الأولى ستكون من خلال استجواب الوزراء، ثم التصويت على سحب الثقة منهم"، موضحاً أن "هذا التوجه جاء بسبب إخفاق هؤلاء الوزراء في مهامهم، بل كانوا سبباً في تفاقم الكثير من الأزمات، خصوصاً على المستويين الاقتصادي والمالي".
وكشف البرلماني العراقي، أن أيّ وزير تتم إقالته، سيجري ترشيح البديل عنه من الكتلة نفسها التي جاءت به، لتفادي اندلاع خلافات سياسية وصراع على الحقائب الوزارية مجدداً. ولفت المصدر، إلى أن هذا الأمر هو الذي دفع غالبية الكتل إلى تأييد هذا التوجه، الذي سيبدأ على شكل استجوابات، وليس تعديلاً دفعة واحدة.
أما القيادي في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، والذي تحفّظ بدوره على ذكر اسمه، فأكد ذلك أيضاً، مبيناً أن "وزير الكهرباء ماجد حنتوش قدّم استقالته بعد هذه التطورات، مستبقاً خطوات استجوابه، لكن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي رفضها". وأوضح المصدر أن "قادة القوى السياسية توصلوا إلى تفاهمات مع الكاظمي، في ما خصّ هذا الحراك وضرورة إجراء التعديل الوزاري، خصوصاً أنه لا ضمانات حتى الساعة بإجراء الانتخابات المبكرة، إذ من الممكن جداً بقاء حكومة الكاظمي، حتى مايو/أيار 2022". ورجّح أن تبدأ أولى خطوات التعديل الوزاري التدريجي بعد انتهاء عطلة رأس السنة في البرلمان، وسيكون وزير المالية علي علاوي، أول الوزراء المستجوبين، ثم المقالين.
من جهته، قال عضو تحالف "سائرون" في البرلمان، محمود الزجراوي، لـ"العربي الجديد"، إن "عدداً من وزراء حكومة الكاظمي ثبت فشلهم، وعلى هذا الأساس انطلق حراك الاستجواب، والذي تحول الآن نحو توجه سحب الثقة عنهم"، مؤكداً وجود أغلبية برلمانية داعمة لذلك. وأوضح الزجراوي أن "إقالة أي وزير من منصبه لن تكون كافية، خصوصاً الوزير الذي يثبت وجود شبهات في عمله، من فساد وهدر للمال، بل سيتم نقل ملفه إلى الجهات المختصة كهيئة النزاهة والجهات القضائية، حتى يحاسب". لكنه نفى وجود اتفاق على أن يكون استبدال الوزير من الكتلة نفسها، معتبراً أن "إقالة أي وزير لا تعني السماح للقوى السياسية من جديد، بالمتاجرة بالحقائب الوزارية، وسيكون هناك تشديد على رئيس الوزراء، لاختيار شخصية مهنية صاحبة خبرة وكفاءة، ومن أبناء الوزارة نفسها، ولن نسمح بأي ضغوط لفرض شخصيات تحول الوزارات إلى مكاتب اقتصادية لجهات وشخصيات سياسية متنفذة".
يدل التعديل المتوقع إلى تعامل غير جدّي للقوى السياسية مع الانتخابات المبكرة
وتعليقاً على ذلك، اعتبر الخبير في الشأن السياسي العراقي، أحمد الشريفي، أن الحديث الحالي عن التعديل والاستجواب مرتبط بدوافع سياسية، من بينها استعراض انتخابي لكتل برلمانية، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "قرب الانتخابات تجعل قضية إقالة الوزراء مطروحة بقوة داخل البرلمان خلال الفترة المقبلة".
ولفت الشريفي إلى أن إقالة أي وزير تحت قبّة البرلمان، لا تتم من دون وجود اتفاق مسبق بين القوى التي تمتلك أغلبية برلمانية، ولهذا فإن هناك اتفاقيات بين هذه القوى على إقالة بعض الوزراء في المرحلة المقبلة، لافتاً إلى أن "وزراء الحقائب السيادية، هم من سيكون الأقرب للإقالة، خصوصاً أن الكثير من القوى السياسية تسعى للاستحواذ على هذه الحقائب خلال المرحلة الحالية، بسبب اقتراب موعد الانتخابات". وذكّر بأن "هذه الحقائب والإمكانيات التي تمنحها، دائماً ما تكون وسيلة للدعاية الانتخابية للقوى المتنفذة". ورأى الخبير السياسي أن "البرلمان العراقي، سيكون على موعد مع صراع سياسي جديد على الحقائب الوزارية، فكل جهة تريد الحصول على حقيبة الوزير المقال، خصوصاً من الأطراف السياسية التي لم تحصل على أي تمثيل في حكومة الكاظمي خلال منحها الثقة".
ومنذ منحها الثقة مطلع مايو/أيار الماضي، واجهت حكومة الكاظمي تحديات عدة، أبرزها تلك المتعلقة بالأزمة المالية الأعنف التي تضرب البلاد، والتي تسببت في عجز الدولة عن دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين، وتراجع سعر صرف الدينار العراقي، وكذلك أزمة كورونا وفشل المؤسسات الصحية في مواجهة تفشي الوباء. وجاء ذلك عدا عن ملف إصرار الفصائل المسلحة وقوى سياسية حليفة لها، عادة ما توصف بأنها مرتبطة بإيران، وأبرزها "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، و"الفتح" بزعامة هادي العامري، على تنفيذ مطلب الإعلان عن جدولة الانسحاب الأميركي من البلاد، في سقف تقول إنه يجب ألا يتجاوز منتصف العام المقبل. وتتهم تلك القوى الكاظمي بأنه يسعى إلى تنفيذ أجندات أميركية على حساب العلاقة مع طهران.