في ظل الانسداد السياسي في العراق، وعدم التوصل إلى حلول تفكك أزمة تشكيل الحكومة الجديد، يستعد تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يضم قوى سياسية توصف بأنها حليفة لإيران، حالياً، لإطلاق مبادرة جديدة، بعد سلسلة مبادرات متعاقبة أطلقت خلال الفترة السابقة لم تُنهِ الأزمة، مؤكداً أن مبادرته الجديدة ستكون مختلفة عن سابقاتها، و"ستكسر" الجمود السياسي.
ومنذ إعلان النتائج النهائية الرسمية للانتخابات في العراق، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي (بعد 50 يوماً من إجراء عملية الاقتراع في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2021)، تتواصل الأزمة السياسية، مسجلة بذلك إحدى أطول الأزمات التي يشهدها العراق، منذ الغزو الأميركي عام 2003.
ووفقاً لرئيس كتلة "الفتح" البرلمانية (جزء من الإطار التنسيقي)، النائب عباس الزاملي، في تصريح لصحيفة الصباح العراقية الرسمية، اليوم السبت، فإن "الاجتماعات بين مكونات الإطار تأتي للضغط على التحالف الثلاثي (تحالف الصدر والديموقراطي الكردستاني وتحالف السيادة) لإيجاد مخرج لأزمة الانسداد السياسي"، مؤكداً أن "الإطار يستعد لإطلاق مبادرة جديدة يتبناها من أجل تقريب وجهات النظر، وهي مختلفة عن المبادرة السابقة التي أطلقها".
وأضاف أن "المتغيرات على الساحة السياسية وأزمة الانسداد السياسي والحاجة لتشريع الموازنة وقوانين أخرى بها جوانب مالية، تفرض علينا الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة، وتأخير تشكيلها ليس من مصلحة العراق والعملية السياسية، وهي قضايا تتطلب منا العمل لتقريب وجهات النظر"، مشيراً إلى أن "جميع الكتل السياسية أخذت الوقت الكافي بعد الانتخابات في التحالفات والنظر والدراسة والمشاورة، ولا سيما الكتل الفائزة، لذلك يتحتم علينا الإسراع بتنفيذ التحالفات وإطلاق تشكيل الحكومة".
وأوضح أن "المبادرة الجديدة تتضمن انصهار الإطار التنسيقي والتيار الصدري في بوتقة واحدة، وستكون للتيار الصدري حصة الأسد فيها، لأنه كتلة كبيرة وفائزة في الانتخابات".
ولم يكشف النائب عن تفاصيل أدق عن المبادرة، إلا أنّ من الواضح أنها لم تختلف عن سابقاتها، ولا سيما في الخطوط العريضة التي تُعَدّ سبباً للخلاف، وفق ما رآه نائب عن التيار الصدري.
وقال النائب الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "التيار وتحالف (إنقاذ وطن)، متفقان على منهج واحد لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو التوجه نحو حكومة الأغلبية الوطنية، وأن مبادرات الإطار كلها تتعارض مع هذا المبدأ، ما يعني أنها ستواجه الفشل".
وشدد على أن "على قوى الإطار أن تأتي بجديد يتوافق مع توجه حكومة الأغلبية، وأن أي طرح غير ذلك، فإنه لا ينسجم مع رؤيتنا لمستقبل العملية السياسية في العراق"، مشيراً إلى أن "أبوابنا مفتوحة لأي من قوى الإطار ممن يؤمنون بمبدأ الأغلبية".
ومنذ نحو أربعة أسابيع، عرض تحالف "الإطار التنسيقي" مبادرة تضمنت عدة نقاط، من بينها طرح النواب المستقلين والمدنيين مرشحهم لرئاسة الحكومة، لكن بشرط موافقة "كتلة المكون الأكبر" عليه، وردّ الصدر بعد ساعات، بأن دعا النواب المستقلين إلى تسمية مرشحهم للحكومة عبر تحالفه (إنقاذ وطن)، في خطوات اعتبرت أنها سباق بين طرفي الأزمة يهدف إلى كسب أصوات النواب المستقلين لتغليب كفتهم في البرلمان، الذين فشلوا في توحيد صفوفهم للقبول بإحدى المبادرات، ومن ثم أطلقوا هم مبادرة من 7 نقاط، يبدو أنها لم تحظَ بقبول الأطراف السياسية.
من جهته، أكد النائب عن الحزب الديموقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، أن "سبب أزمة تشكيل الحكومة متعلق بالقوى الشيعية حصراً، وأن أي اتفاق بين تلك القوى سيفكك الأزمة"، مشيراً في تصريح لقناة الإخبارية العراقية الرسمية، إلى أن "الوضع العراقي لا يتحمل تطويل الأزمة، وعلى الكتل أن تدرك ضرورة الحل".
ويُصر الصدر الذي نجح في استقطاب قوى سياسية عربية سنية وأخرى كردية ضمن تحالف عابر للهويات الطائفية، في تشكيل تحالف أطلق عليه "إنقاذ وطن"، على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، في الوقت الذي ترفض فيه القوى المدعومة من طهران ضمن "الإطار التنسيقي"، الذي يتكون من كتل عدة أبرزها "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، و"الفتح"، بزعامة هادي العامري، تشكيل حكومة توافقية على غرار الحكومات السابقة القائمة على نهج المحاصصة داخل مؤسسات الدولة وفقاً للأوزان الطائفية لا الانتخابية.