العدوان على غزة يعصف بعقيدة كوخافي العسكرية... و"تنوفا" تفشل في الاختبار

19 مايو 2021
تحول الإعجاب والإشادة بكوخافي إلى نقد ومطالبة بإعادة النظر (مناحيم كهانا/ فرانس برس)
+ الخط -

أحاطت النخبة السياسية والإعلامية في إسرائيل رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الحالي، أفيف كوخافي، بهالة كبيرة من التقدير والإعجاب منذ أن تولى منصبه قبل ثلاث سنوات، قبل أن تتحول الإشادة إلى انتقادات في الآونة الأخيرة بالتزامن مع العدوان على قطاع غزة.

ولعل أكثر ما لفت أعضاء المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن وكبار المعلقين والمراسلين العسكريين في تل أبيب الذين كانوا على احتكاك بكوخافي، انفراده عكس كثير ممن سبقوه في المنصب، بتأصيل رؤيته العسكرية والاستراتيجية المتعلقة بمواجهة التحديات التي تواجهها إسرائيل في إطار فكري فلسفي، وهو ما دفع الكثير من المعلقين إلى نعته بـ"الفيلسوف".

وقد تجسدت رؤية كوخافي، لضمان تعاظم القوة العسكرية وآليات مواجهة التهديدات على الساحات المختلفة في خطته متعددة السنوات، التي أطلق عليها "تنوفا"، والتي قدمت على أنها تمثل "ثورة" في كل ما يتعلق بتوسيع وتعميق التنسيق والتكامل بين أذرع الجيش المختلفة في الحروب والمواجهات، وتضخيم قوة النيران المستخدمة، بحيث يفضي الجهد الحربي إلى حسم أي مواجهة يمكن أن تنشب على أي من الساحات في وقت قصير، لضمان عدم المسّ بالجبهة الداخلية الإسرائيلية لأمد بعيد.

ومن المفارقة، أنّ خطة "تنوفا"، التي تمثل "عقيدة كوخافي" العسكرية، وضعت أساساً لتجنب ما تعرضت له إسرائيل خلال عدوانها السابق على قطاع غزة في عام 2014، وعلى وجه خصوص على صعيد إطالة أمد الحرب، حيث إن العدوان السابق امتد إلى 50 يوماً، ليكون ثاني أطول حرب تخوضها إسرائيل بعد حرب 1948. وحسب منطق كوخافي، فإنّ أي مواجهة مع غزة يجب حسمها في وقت قصير، لضمان عدم استنزاف الجبهة الداخلية.

وقد تأثرت رؤية كوخافي بطابع المواقع التي شغلها والمهام العملياتية والاستخبارية التي تولاها، حيث كان قائداً للواء المظليين، وفرقة غزة، ورئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية، وقائداً للمنطقة الشمالية ونائباً لرئيس هيئة الأركان.

وقد كان من المفارقة أنه عندما وضع خطة "تنوفا" موضع التنفيذ في الحرب الدائرة على غزة، التي تعد أضعف حلقات المناهضة لإسرائيل، فإنّ هذه الخطة فشلت في تحقيق الحسم من جهة، ولم تسهم في تقصير أمد المواجهة، وتقليص الكلفة التي تتكبدها "الجبهة الداخلية" الإسرائيلية مقارنة بحرب 2014. 

فحسب ما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرنوت"، فإنّ عدد الصواريخ التي أطلقتها حركة "حماس" في الأسبوع الأول من العدوان الدائر على القطاع يعادل عدد الصواريخ التي أطلقتها الحركة في 50 يوماً من حرب 2014، بالإضافة إلى أنّ مدى وقدرة الصواريخ التي استخدمتها المقاومة في هذه الحرب أكبر من تلك التي استخدمت المرة السابقة.

والنتيجة أن تحولت معظم "الجبهة الداخلية" الإسرائيلية إلى ساحة مواجهة، وهو ما دفع الاحتلال إلى إغلاق المدارس من بئر السبع في الجنوب إلى هرتسليا، شمال تل أبيب، فضلاً عن تعطيل جلسات البرلمان، وإغلاق مطار بن غوريون، الذي يعد أهم الرموز "السيادية" للكيان الصهيوني، وتوقف العمل في أنبوب نقل النفط "إيلات عسقلان"، الذي راهنت إسرائيل على تقديمه بديلاً لقناة السويس، وإغلاق منصة استخراج الغاز في حقل "تمار"، أكبر حقول الغاز التي سيطرت عليها إسرائيل في حوض المتوسط.

فشل "تنوفا" في اختبار الحرب الدائرة في غزة، أثار تساؤلات عن النتائج التي سيؤدي إليها تطبيقها خلال مواجهات على ساحات وضد أطراف أخرى تحوز قوة عسكرية أكبر من المقاومة في غزة، مثل "حزب الله" وإيران.

وبسبب نتائج العدوان، فقد تحول الإعجاب والإشادة بكوخافي إلى نقد ومطالبة بإعادة النظر في أداء الجيش تحت قيادته، ولا سيما بعدما تبين، كما يرى بعض المعلقين في تل أبيب، أنّ مسار الحرب دلّ على أن جيش الاحتلال لم يحرص على الاستعداد بالشكل المطلوب لهذه المواجهة.

ففي مقاله في "هارتس"، دعا محررها ألوف بن، أمس الثلاثاء، إلى ضرورة التحقيق في أسباب إخفاق الجيش، مشيراً إلى دلائل تؤكد غياب الاستعداد وسوء الأداء.

المساهمون