استمع إلى الملخص
- إحياء ذكرى احتجاجات تشرين: يخطط الناشطون المدنيون للنزول إلى الشوارع لتأكيد رفضهم للأحزاب الحاكمة وهيمنة الفصائل المسلحة، رغم أن الوضع الحالي لا يبدو مناسباً لأي حراك شعبي كبير.
- مخاوف من استغلال الاحتجاجات: يخشى النشطاء من استغلال الأحزاب السياسية للاحتجاجات، ويدعون الحكومة لتسليح الجيش بمنظومات صواريخ متطورة لحماية البلاد من أي عدوان إسرائيلي.
تفرض حالة الترقب في بغداد، والحديث عن إمكانية توسع دائرة العدوان الإسرائيلي لتشمل العراق، نفسها على الذكرى الخامسة لتفجُّر الاحتجاجات الشعبية بالبلاد، في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019، والتي راح ضحيتها أكثر من 800 قتيل ونحو 28 ألف جريح جراء القمع وعمليات الاغتيال التي شهدتها ساحات الاحتجاج في بغداد ومدن جنوبي ووسط العراق واستمرت لأكثر من 14 شهراً. وعلى خلاف كل عام في ذكرى احتجاجات تشرين العراقية تتفق الفعاليات المدنية والشعبية في البلاد، في مخاوفها من عدوان إسرائيلي متوقع على العراق، بعد دخول القوى والفصائل المسلحة على خط التصعيد العسكري باستهدافها مواقع ومنشآت إسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، أبرزها إيلات والجولان المحتل بواسطة صواريخ وطائرات مسيّرة، انطلاقاً من الأراضي العراقية.
احتقان قد يجدد احتجاجات تشرين العراقية
إلى جانب ذلك فإن العاصمة بغداد لا تزال تعيش ومنذ ما يزيد عن شهر احتقاناً سياسياً بين أطراف من داخل التحالف الحاكم، "الإطار التنسيقي"، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني من جهة أخرى، على أثر الكشف عن فضيحة ما يُعرف محلياً بـ"شبكة التنصت"، التي يتورط بها موظفون بمكتب السوداني، ولا يزال القضاء يحقق بها مع استمرار اعتقال نحو 30 شخصاً على ذمة التحقيق فيها. هذا الواقع، ورغم تنامي شعبية المعارضة، فإن خروج تظاهرات جديدة حالياً احتمال مستبعد، خصوصاً مع مخاوف استغلال أطراف سياسية معارضة لحكومة السوداني أي حراك أو وقفة شعبية لصالحها. وهو ما يعني زيادة احتمالات نزول جماهير الأحزاب إلى جانب المدنيين الذين لم يتغير موقفهم من معارضة حكومة السوداني، ورفض النظام السياسي بالمجمل، إلى جانب احتمال نزول التيار الصدري (التيار الوطني الشيعي) المعتزل سياسياً منذ نحو عامين.
هذه الصورة يتحدث عنها أكثر من ناشط بالحراك المدني العراقي، إذ يقولون لـ"العربي الجديد"، إن الوضع غير مناسب لأي حراك شعبي داخل العراق، ضمن نفس مطالب الإصلاح والشعارات التي رُفعت قبل خمس سنوات خلال احتجاجات تشرين العراقية. ومن المفترض، أن يحيي الناشطون المدنيون في العراق، الذكرى الخامسة لأوسع احتجاجات شعبية عفوية شهدها العراق، في الأول من أكتوبر عام 2019، من خلال النزول إلى ميادين العاصمة بغداد ومدن جنوبي ووسط البلاد، لتأكيد رفضهم للأحزاب الحاكمة وشكل العملية السياسية التي تدير البلاد بوضعها الحالي. كما ستطالب بوقف هيمنة الفصائل المسلحة والأحزاب الدينية على المشهد السياسي والأمني، وهي المطالب نفسها خلال احتجاجات تشرين العراقية في 2019، فيما تُضاف إليها مطالب أخرى، منها إيقاف عملية هدر وسرقة المال العام، والتذكير بقتلة المتظاهرين حينها. فقد شهدت احتجاجات تشرين العراقية عمليات عنف غير مسبوقة، لا سيما بعد دخول جماعات مسلحة، وُصفت بـ"الطرف الثالث"، على خط قتل وقمع واختطاف المحتجين والناشطين، والتي أدت إلى مقتل نحو 800 متظاهر، وإصابة أكثر من 28 ألفاً، في وقت لم تُحاسَب فيه أي جهة متورطة في هذه الأعمال.
صيغة جديدة للاحتجاجات
يؤكد نشطاء من الحراك المدني والاحتجاجي ببغداد ومحافظات وسط وجنوبي البلاد لـ"العربي الجديد"، أن "جميع الحركات المدنية، سواء السياسية أو الفعاليات الاجتماعية لم تتفق على عودة احتجاجات تشرين العراقية بصيغتها التي حدثت قبل خمسة أعوام، بل هناك حديث عن استذكار شهداء الاحتجاجات والمطالبة بمحاسبة القتلة، ومنع تسربهم من السجون بقرارات قضائية مستغربة". ويبيّن أحدهم أن "جهات مجهولة، يبدو أنها قريبة من بعض الأحزاب المتضررة من حكومة السوداني تسعى إلى استغلال ذكرى الاحتجاجات للخروج في احتجاج يُحسب على التشرينيين (المتظاهرين)". ويؤكد ناشطون في العراق أن "الوضع العراقي لم يتغير" خلال السنوات الخمس الماضية، بل إن سلطة الأحزاب الدينية على مفاصل الدولة ازدادت، مع ضياع واضح لملامح الدولة القوية في ظل التجاوزات الكثيرة من قبل الفصائل المسلحة، واتباع الطرق ذاتها المرفوضة في توزيع المناصب على الشخصيات النافذة، ما تقابله زيادة في الأزمات الاقتصادية والتبعية لدول الجوار"، في ظل التضييق المستمر على المدنيين والصحافيين والناشطين.
علي الوائلي: محافظات وسط وجنوبي العراق ستشهد وقفات لاستذكار ضحايا احتجاجات تشرين
وتتفق القوى المدنية والليبرالية العراقية على قضية دعم المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي ودعم أي حراك ضده، ويعزّي الكثير من تلك القوى في كلمات ومحافل عدة، باغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، ومن قبله رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. وتدعو هذه القوى الحكومة إلى "الاستعجال" بتسليح الجيش العراقي بمنظومات صواريخ متطورة لحماية البلاد والرد على أي عدوان إسرائيلي. ويقول علي الوائلي، وهو ناشط ومحتج من مدينة النجف، جنوبي البلاد، إن محافظات وسط وجنوبي البلاد بضمنها بغداد، ستشهد وقفات لاستذكار ضحايا احتجاجات تشرين العراقية "كما أن مساء اليوم الأول من شهر أكتوبر، سيشهد إشعال شموع على أرواح الضحايا، فيما لم يتم الاتفاق على تجديد الاحتجاجات".
ولكنه يستدرك في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الأمر مرتبط باحترام السلطات الأمنية للذكرى، ونرجو ألا يتم استفزازنا"، مشدّداً على أن "خيارات المدنيين في مواجهة النظام السياسي الفاسد الذي يحكم حالياً، باتت أكثر من الاحتجاجات، فقد توجه جناح من المحتجين نحو العمل السياسي، وآخرون إلى العمل المنظماتي". ويلفت الوائلي إلى أن "التظاهرات المدنية لن تسمح باستغلالها سياسياً، لكن يبدو أن أحزاباً تبدو جادة فعلاً في الدخول إلى جانب المدنيين، لغايات سياسية"، مشدّداً على أن "الحركات المدنية في إطار مناقشة هذه الموضوع في الأيام المقبلة، وقد يتم تجهيز بيان براءة من الاحتجاجات إذا رافقها أي تجاوزات على القانون أو حدود الاحتجاجات المدنية المعروفة، لأن هذا الأمر متوقع من أحزاب السلطة".
أيهم رشاد: الأحزاب تريد أن تستولي على ممارسات الحركات المدنية ولن نسمح بذلك
بدوره، يلفت عضو الحزب الشيوعي العراقي أيهم رشاد، إلى أن "جميع مبررات تجدد الاحتجاجات المدنية ضد النظام السياسي متوفرة، وقد تتجدد فعلاً، لكن بضمان تحصينها من الاستغلال السياسية من المكونات السياسية والأحزاب، بضمنهم أنصار التيار الصدري". ويشدّد في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن "التظاهر حق مشروع لكل أفراد الشعب العراقي، لكن بشرط ألا يتم سحق مطالب جماعة لصالح جماعة أخرى"، موضحاً أن "الأحزاب تريد أن تستولي على ممارسات الحركات المدنية، لعل أبرزها الاحتجاجات وميادين التظاهر، ولن نسمح بهذا إطلاقاً".