أظهرت شهادة الطبيب الشرعي في قضية مقتل المعارض السياسي الفلسطيني والمرشح للانتخابات التشريعية المؤجلة نزار بنات أمام المحكمة العسكرية الخاصة/ جنوب في رام الله، اليوم الاثنين، أن بنات "تعرض لعنف خارجي متعدد متزامن لفترة قصيرة، أي لدقائق، من دون تحديد عدد تلك الدقائق، نتج عنها فشل قلبي حاد، نتيجة الصدمة الإصابية، ما أدى إلى وفاته".
محامي عائلة بنات: تجب محاكمة من أصدر أمر الاعتقال
وعقدت جلسة اليوم الاثنين، وهي الثامنة في القضية، بحضور محامي عائلة بنات غاندي أمين الربعي لأول مرة منذ انسحابه من الجلسة السادسة وإعلان العائلة وقف حضوره الجلسات.
وطالب المحامي الربعي بعد انتهاء الجلسة بألا تقتصر المحاسبة على المتهمين الـ14 من جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني؛ بل بأن تشمل من أصدر أمر الاعتقال.
وقال الربعي، خلال حديث مع "العربي الجديد"، إن عودته للحضور نتجت عن اجتماعه وغسان بنات، شقيق نزار؛ الخميس الماضي، مع النائب العام العسكري ورئيس النيابة.
وأضاف المتحدث ذاته: "إن المحكمة سمحت لي في بداية جلسة اليوم بالحديث؛ حيث طلبت تسجيل ما جرى خلال الجلسة التي انسحبت منها بمحاضر رسمية، وألا يخاطبني محامي المتهمين مباشرة، وإنما بواسطة المحكمة، وأن تقوم المحكمة بالتنبيه عليه بذلك".
تفاصيل الإصابات القاتلة لنزار بنات
وحسب شهادة الطبيب الشرعي في جلسة محاكمة المتهمين بمقتل بنات، التي عقدت صباح اليوم الاثنين لمناقشته في تقرير الطب الشرعي؛ فإن "الإصابات مجتمعة كانت قاتلة ومسببة للوفاة، ولم تكن هناك إصابة واحدة قاتلة بحد ذاتها، كما ساهمت حالة بنات الصحية في تسريع وفاته"، وفق الشهادة.
وورد في الشهادة أن الإصابات غطت 21 بالمئة من جسد بنات، منها 2 بالمئة نتيجة للتدخل الطبي، حيث تعرضت أضلاع قفصه الصدري للتكسر نتيجة الإنعاش.
وظهرت "كدمات على رأس بنات وعلى جسده، وجروح رضية في الرأس، وكدمات متعددة في الظهر والأطراف العلوية والسفلية، وهي ناتجة عن أدوات راضّة صلبة قد تكون حديدية أو خشبية، إضافة إلى الركل واللكم وتثبيت الجسد ضمن قوتين متضادتين أو متعاكستين، وآثار لأصفاد على رسغيه".
وأضاف أنه "تتماشى ضربات الرأس مع ضربات عتلة حديدية، لكنها غير قاتلة بحد ذاتها"، كما أظهر التقرير أن "الأدوات الراضّة المستخدمة ذات أشكال هندسية وتأخذ شكلاً مميزاً، لكن الضرب على الرأس كان بواسطة جسم الأداة الصلبة المستخدمة وليس طرفها، كما ظهرت على رأس بنات جروح رضية لم تصل إلى درجة الكسر في عظام الجمجمة، وأحدثت نزيفاً ليس بالكبير".
وقال الطبيب الشرعي الشاهد أمام المحكمة: "أنا أجزم أن سبب الوفاة هو فقط الصدمة الإصابية نتيجة للإصابات المتعددة، وحالته المرضية سرعت من الوفاة، ولكنها ليست السبب فيها".
ونفى الطبيب الشرعي أن يكون بنات قد تعرض لجلطة أو ذبحة صدرية، مؤكداً أن ذلك "تبين بشكل قاطع بعد الفحص النسيجي"، كما أكد عدم وجود أي مؤشر على تعرضه للخنق.
وبحسب الشاهد، فلم تظهر مؤشرات على وجود مقاومة من بنات أثناء عملية اعتقاله، لأن المقاومة تؤدي إلى جروح دفاعية لم تظهر على جسده.
ولم تظهر الفحوصات المخبرية استخدام غاز رذاذ الفلفل، لكن ذلك، وفقاً للطبيب الشرعي، لا ينفي استخدامه، لأن مكوناته الكيميائية تتفكك بسرعة، حيث أكد مشاهدته أثناء التشريح "مزيجاً من المخاط الكثيف بلون أحمر، مع وجود علامات تهيج في بطانة المجاري التنفسية، والذي يدل على استنشاق مواد ما قد تكون رذاذ الفلفل".
وحول وضع بنات الصحي، قال الشاهد: "إنه كان يعاني من تضخم بسيط في عضلة القلب، وترسباً للدهنيات في لمعة الشرايين الإكليلية، وتحبباً في السطح الخارجي للكليتين، ما يؤشر لوجود ارتفاع في ضغط الدم، الذي قد لا يتسبب بأعراض تؤدي إلى معرفة بنات المسبقة به"، واصفاً الحالة بـ"البسيطة".
وقال المحامي الربعي: "إن أي إنسان قد تكون حالته الصحية مثل بنات، ولكن ذلك ليس سبباً للوفاة، وهو ما أكده الطبيب الشرعي"، مشيرا إلى أن "سبب الوفاة الآن مثبت، وهو الضرب بالأيدي والأرجل والعصي والأدوات الصلبة والضغط من أجسام بشكل مضاد ومتعاكس في فترة زمنية قصيرة".
وأضاف المحامي أن "مجموع الضربات المفضية إلى الموت قد تحمل القصد الاحتمالي؛ وعندما تقوم بالضرب بأكثر من أداة ووسيلة بنفس الوقت، قد يكون هناك قصد احتمالي، وربما الهدف إخفاء هذا القصد".
وعلق الربعي بعد انتهاء الجلسة قائلًا: "بعد أن ختمت النيابة بينتها وأصبح مثبتاً لدى المحكمة أن المذكرة التي صدرت من النيابة العامة إلى الشرطة لإحضار نزار بنات بقيت في أدراج الشرطة، ولم تذهب كورقة إلى جهاز أمني آخر، فإن جميع ما حصل دون مذكرة ودون مخاطبة رسمية أصبح باطلاً، وعليه يتحمل من أصدر الأمر دون مذكرة المسؤولية".
وطالب الربعي بألا تقتصر المحاسبة على أفراد الأمن الـ14، بل أن تشمل من أصدر الأمر، مشيراً إلى أن أحد الشهود، وهو مدير العمليات في الأمن الوقائي الفلسطيني، قال أمام المحكمة: "إنه أصدر الأوامر، ولم يكن معه مذكرة إحضار، ولم يسلم القوة مذكرة".
وأضاف الربعي: "الآن قانونياً نطلب من المحكمة التحقيق في ذلك، وإصدار حكمها، وسنحتفظ بأي إجراء قانوني، وقد يكون جزءا من خطواتنا اللاحقة التوجه للقضاء المدني والادعاء بالحق المدني".
وفي جلسة اليوم، تنهي النيابة عرض شهودها على المحكمة ومناقشتهم، حيث أبرزت باقي بيناتها الخطية وملفها التحقيقي في انتظار أن تفند محتويات ذلك الملف مطلع الجلسة المقبلة 5 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ومن المتوقع أن يقدم محامي الدفاع عن المتهمين بينات خطية في الجلسة المقبلة أيضاً.