سقط عشرات العناصر من قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية المتمركزة في محافظة دير الزور في أقصى شرق البلاد، ما بين قتيل ومصاب، في أعنف قصف جوي يُعتقد أنّ الطيران الإسرائيلي نفذه ليل الثلاثاء - الأربعاء على العديد من المواقع والمقرات في المدينة وريفها.
وقال مسؤول استخباراتي أميركي بارز على علم بالهجوم، لوكالة "أسوشييتد برس"، إن الضربات الجوية نُفِّذت بناء على معلومات استخبارية قدمتها الولايات المتحدة واستهدفت مستودعات في سورية كانت تُستخدم كجزء من خط الأنابيب لتخزين وتجهيز أسلحة إيرانية.
وأوضح المسؤول أن المستودعات كانت بمثابة خط أنابيب للمكونات التي تدعم البرنامج النووي الإيراني. وذكر المسؤول الأميركي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث عن مسائل الأمن القومي الحساسة، أن وزير الخارجية مايك بومبيو ناقش الغارة الجوية يوم الثلاثاء مع رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) يوسي كوهين، في اجتماع بمطعم ميلانو الشهير بواشنطن يوم الإثنين.
وقال المسؤول إنّ المستودعات كانت بمثابة خط أنابيب لمكونات تدعم البرنامج النووي الإيراني.
وبحسب شبكة "فرات بوست" الإخبارية المحلية، فإن القصف استهدف مواقع لمليشيات "لواء زينبيون الباكستاني"، و"لواء فاطميون الأفغاني" و"الفوج 47" و"حزب الله العراقي". وأشارت إلى أن المواقع المستهدفة هي: مدينة البوكمال ومحيطها، وأطراف مدينة الميادين، وشارع بورسعيد ومقر الأمن العسكري في مدينة دير الزور، إضافة لـ اللواء 137، وتلة الحجيف، ومخازن عياش، ومحيط مطار دير الزور، ومقر "الفاطميون" الواقع بالقرب من منطقة عياش، وجبل ثردة، وحي العمال وأطراف هرابلش.
وأكدت الشبكة وقوع عشرات القتلى والجرحى في صفوف عناصر مليشيات إيران وقوات نظام الأسد، مشيرة إلى أن هذه الغارات "هي الأعنف" منذ سيطرة المليشيات الإيرانية على أغلب محافظة دير الزور أواخر عام 2017.
من جهتها، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام إنّ "العدو الإسرائيلي شن بعد منتصف الليل عدواناً جوياً على مدينة دير الزور ومنطقة البوكمال بالريف الجنوبي الشرقي للمحافظة"، بيد أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن هذه الهجمات حتى الآن.
وقال مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبد الرحمن، لوكالة "فرانس برس"، "إنها الضربات الأعنف التي تنفذها إسرائيل على محافظة دير الزور منذ نحو عامين/ وحصيلة القتلى هي الأعلى منذ يونيو/حزيران 2018"، حين أوقعت غارات إسرائيلية 55 قتيلاً بينهم 16 من قوات النظام.
وتسبّب القصف وفق آخر حصيلة لـ"المرصد السوري لحقوق الإنسان"، بمقتل سبعة عناصر من قوات النظام، بالإضافة إلى 24 آخرين من المقاتلين الموالين لإيران من غير السوريين. كما أصيب أكثر من 28 آخرين بجروح بعضهم في حالات خطرة، وفق المرصد.
وتضاربت الأنباء حول مصير قاعدة "الإمام علي" في ريف مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية، حيث أشارت مصادر محلية إلى أن القاعدة تعرضت لقصف وصفته بـ"الشديد"، ما أدى إلى تدمير جانب منها.
من جانبه، أكد مدير مركز "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ القاعدة "تعرضت لضربات"، مستدركاً: "ولكن لا توجد معلومات عن الأضرار".
وبيّن علاوي أن القاعدة "تقع جنوب شرقي البوكمال بحدود 3 كيلومترات"، مشيراً إلى أن الجانب الإيراني بدأ أواخر عام 2018 بإنشائها على مراحل لتكون مقراً للحرس الثوري، مضيفاً: "تعرضت لقصف من طيران التحالف الدولي عدة ميلشيات".
وأوضح أن القاعدة تضم مليشيات إيرانية، وأسلحة متوسطة وثقيلة، مشيراً إلى أن القائد السابق لما يسمّى بـ "فيلق القدس" قاسم سليماني زار هذه القاعدة قبيل مقتله مطلع العام الفائت.
وكانت وكالة "فوكس نيوز" الأميركية قد نشرت أواخر عام 2019، صوراً التقطتها الأقمار الصناعية تظهر شروع إيران في بناء قاعدة "الإمام علي"، مشيرة إلى أنه من المقرّر أن تؤوي آلاف العناصر، كما يمكن إخفاء شاحنات وكميات كبيرة من المعدات العسكرية داخلها حسب الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية التابعة لشركة "ISI".
وأشارت الوكالة إلى أن الصور الفضائية أظهرت خمسة مبانٍ مختلفة تم بناؤها حديثاً وتحيط بها أكوام ترابية كبيرة، كما تُظهر في الجزء الشمالي الغربي من القاعدة 10 مخازن إضافية مع حماية خارجية أقل، وأيضاً مباني جديدة وهياكل تخزين الصواريخ. وأضافت أن هذه ستكون من أكبر القواعد التي تبنيها إيران في سورية، وأسندت مهمة بنائها لمليشيا "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني.
وإضافة إلى هذه القاعدة، أنشأت إيران عدة قواعد ونقاط تمركز أخرى وفق مصادر محلية أشارت في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن هناك قاعدة إيرانية في حقل الورد النفطي في محيط البوكمال، وتعتبر تجمّعاً لمليشيا "الحشد الشعبي" و"حركة النجباء" العراقية، وعدد آخر من المليشيات الإيرانية.