وقع وزيرا خارجية إيران والصين على "وثيقة برنامج التعاون الشامل" بين البلدين لفترة 25 عاما، في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والدفاعية والثقافية والإعلامية والشعبية.
وبدأ وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم السبت، لقاءاته مع المسؤولين الإيرانيين، بعد وصوله إلى طهران، أمس الجمعة، في زيارة تستمر يومين، في إطار جولة إقليمية، شملت عدة دول، من بينها السعودية وتركيا.
وأجرى يي، صباح اليوم، مباحثات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، ومستشار المرشد الإيراني الأعلى علي لاريجاني، المسؤول الإيراني عن متابعة إعداد وثيقة "برنامج التعاون الشامل" بين إيران والصين، والتي وقع عليها ظريف ويي.
وخلال استقباله وزير الخارجية الصيني، أكد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن العلاقات الإيرانية الصينية "استراتيجية ومهمة"، مؤكدا "إرادة البلدين لتعزيز التعاون طويل الأمد وتعميق العلاقات على جميع المجالات، بما فيها السياسية والاقتصادية".
وقال روحاني، وفقا لما أورده موقع الرئاسة الإيرانية، إن "المواقف المشتركة للبلدين حول القضايا الدولية دليل على المستوى المطلوب للعلاقات الثنائية"، التي وصفها بأنها "جيدة للغاية"، داعياً إلى تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي والدولي و"ضرورة التسريع في تنفيذ الاتفاقيات في مجال المشاريع التنموية".
وشكر الرئيس الإيراني الصين على دعمها لإيران في الأوساط الدولية، وتحديداً فيما يتعلق بالموقف من الاتفاق النووي و"مواجهة السياسة الأحادية والتوسعية لأميركا والتنديد بعقوباتها ضد إيران"، مشدداً على أن "التعاون بين البلدين لتنفيذ الاتفاق النووي وقيام الدول الأوروبية بالتزاماتها مهمان للغاية ويؤديان إلى تغيير الظروف الراهنة بشأن هذا الاتفاق".
وأضاف روحاني أن "السبب الرئيس لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط يعود إلى الوجود العسكري الأميركي وتصرفات أميركا التدخلية في المنطقة"، مشيرا إلى التعاون الاقتصادي والتجاري بين إيران والصين رغم العقوبات الأميركية، ليدعو إلى زيادة التعاون بين القطاعات الخاصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية.
وعن وثيقة التعاون الشامل بين البلدين، قال الرئيس الإيراني إنها "توضح أفق العلاقات الإيرانية الصينية لـ25 عاما"، مؤكداً رغبة بلاده في أن "تبقى الصين أكبر شريك تجاري لها وأن يزداد التعاون بشأن الاستثمارات المشتركة".
من جهته، أكد وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، خلال لقائه مع روحاني أن الصين تولي "أهمية كبيرة" لعلاقاتها مع إيران، قائلا إن بلاده "لطالما عارضت العقوبات الأميركية الأحادية على الساحة الدولية"، معتبراً أن الضغوط القصوى التي تمارسها واشنطن ضد إيران "تتعارض مع القانون وهي لاإنسانية ولا تحظى بدعم دولي".
وأعلن يي دعم بكين للاتفاق النووي، واصفاً إياه بـ"وثيقة متعددة الأبعاد وإنجاز للتعددية. وأكد ضرورة تنفيذه "بدقة"، قائلاً إن الانسحاب الأميركي منه "يتعارض مع القواعد الدولية".
وأشار إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة "تريد إعادة النظر في هذه السياسة والعودة إلى الاتفاق النووي والصين ترحب بهذه الخطوة"، مؤكداً أن "على الولايات المتحدة الأميركية إلغاء العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي والتأمل في خطئها والالتزام بعدم تكرار هذه السياسة مستقبلا"، حسب ما أورده موقع الرئاسة الإيرانية.
وأكد وزير الخارجية الصيني أن بكين تدعم استتباب الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، مضيفا أن "التدخلات الأميركية وتدخلات القوى الخارجية في المنطقة أربكتها وتسببت بعدم استقرارها". ودعا لي إلى "الحلول البناءة والمقبولة لدى جميع دول المنطقة".
وثيقة التعاون الشامل
وبخصوص وثيقة التعاون الشامل، لم يُنشر نص الوثيقة بالكامل بعد، لكن ما نشر منها يشير إلى التركيز على البعد الاقتصادي والاستثمارات الصينية الهائلة في الاقتصاد الإيراني، يقدرها مراقبون نحو 450 مليار دولار. واستغرقت المباحثات حول الوثيقة 6 أعوام قبل وضع اللمسات النهائية الأخيرة عليها والتوقيع عليها اليوم السبت.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، مساء الجمعة، إنه أثناء زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ طهران عام 2015، قررت طهران وبكين "توجيه العلاقات إلى المستوى الاستراتيجي والشامل"، مؤكدا أن العلاقات الإيرانية الصينية متعددة المستويات وعميقة وزاخرة بمختلف الأبعاد، وكان من الضروري تنظيم هذه العلاقات في إطار وثيقة".
وحسب خطيب زادة، تشكّل هذه الوثيقة خريطة طريق للأعوام الـ25 المقبلة بين إيران والصين لرسم آفاق التعاون بينهما في مختلف المجالات الثقافية والإعلامية والسياسية والاقتصادية.