أرسلت الصين، اليوم الخميس، سفناً حربية إلى المياه المحيطة بتايوان بعد نشرها في وقت سابق حاملة طائرات، متوعدة بـ"رد حازم" بعد اللقاء بين الرئيسة التايوانية ورئيس مجلس النواب الأميركي في كاليفورنيا.
وبالرغم من التحذيرات الصينية، التقت تساي إنغ وين، التي تنتمي إلى حزب يناضل من أجل استقلال تايوان، أمس الأربعاء، بكيفن ماكارثي قرب لوس أنجليس، وهو أكبر مسؤول أميركي يلتقي رئيسًا تايوانيًا على الأراضي الأميركية منذ أن سحبت واشنطن اعترافها بتايوان لحساب الصين عام 1979.
وقامت بكين، التي لطالما هددت بالرد في حال عقد مثل هذا اللقاء، بنشر حاملة طائرات قرب تايوان قبل ساعات من عقد الاجتماع.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ أن "الولايات المتحدة وتايوان تآمرتا" من أجل "تعزيز علاقاتهما"، الأمر الذي "يمس بصورة خطيرة" بالسيادة الصينية و"يشكل مؤشراً سيئاً يدل على دعم الانفصاليين التايوانيين"، وأكدت خلال مؤتمر صحافي، اليوم الخميس، أن "الصين ستتخذ إجراءات حازمة وقوية للدفاع عن سيادتها الوطنية وسلامة أراضيها".
ورُصدت ثلاث سفن حربية أخرى، الخميس، في المضيق الفاصل بين الصين وتايوان، على ما أعلنت وزارة الدفاع التايوانية. كما عبرت مروحية مضادة للغواصات منطقة الدفاع الجوي في تايوان، على ما أضافت الوزارة، ونشرت الصين أيضاً سفناً لخفر السواحل لإجراء دوريات استثنائية احتجت عليها تايبيه.
واشنطن تدعو بكين لاختيار "الدبلوماسية"
من جهتها، اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، أنّ على بكين أن تختار طريق "الدبلوماسية" وليس "الضغوط" على تايوان، وذلك بعيد إرسال الصين سفناً حربية إلى المياه المحيطة بالجزيرة.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل للصحافيين: "نواصل حضّ بكين على وقف ضغوطها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية على تايوان، واختيار ممارسة دبلوماسية بنّاءة"، مضيفاً "نظل ملتزمين بالحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة لمنع مخاطر أي نوع من سوء التقدير".
وأقر باتيل بوجود "خلافات" بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان، لكنه قال إن القوتين أدارتا تلك الخلافات على مدى أربعة عقود.
وأضاف باتيل "لا سبب لتحويل هذا العبور المتماشي مع سياسة الولايات المتحدة الطويلة الأمد إلى شيء آخر، أو استخدامه ذريعة للمبالغة في رد الفعل". وكانت الولايات المتحدة قد وصفت زيارة تساي بأنها "عبور" في طريقها من أميركا اللاتينية وإليها.
وتعتبر الصين جزيرة تايوان، البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، جزءاً لا يتجزأ من أراضيها ولا تستبعد استعادتها بالقوة إن لزم الأمر. وتعارض بكين المتمسكة بمبدأ "صين واحدة" أي اتصال رسمي بين تايبيه ودول أخرى.
"دعم راسخ"
وفي أغسطس/ آب الماضي، أجرت بكين مناورات عسكرية غير مسبوقة حول تايوان خلال زيارة لرئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة الديمقراطية نانسي بيلوسي للجزيرة أغضبت الصين.
ولا يزال الرد الصيني، إلى الآن، على اللقاء بين ماكارثي وتساي أقل حدة بكثير مقارنة بالرد الصيني في العام الماضي، لكنه يضع تايبيه في حالة ترقب وتأهب.
وقال وزير الدفاع التايواني شيو كوو شينغ إن توقيت نشر حاملة الطائرات الصينية ِشاندونغ "حساس"، لكنه لم يشر إلى رصد أي مناورات في محيط السفينة الحربية، وأضاف: "عندما تخرج حاملة طائرات تحصل عادة عمليات إقلاع وهبوط طائرات، لكن لم نرصد أي هبوط أو إقلاع" حتى الآن.
وفي الولايات المتحدة، رحبت تساي في طريق عودتها من جولة في أميركا الوسطى بـ"الدعم الراسخ" للولايات المتحدة حيال تايوان وأكدت أن التايوانيين "ليسوا معزولين".
وتعترف 13 دولة فقط بتايوان، بينها بيليز وغواتيمالا، اللتان زارتهما تساي خلال جولتها بعد محطة أولى في نيويورك.
وتتزامن التوترات بين بكين وتايبيه مع زيارة لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بكين، حيث التقى الأخير نظيره شي جين بينغ، كما تأتي في اليوم نفسه الذي وصل فيه إلى تايوان وفد مؤلف من ثمانية أعضاء في الكونغرس الأميركي لإجراء محادثات حول التجارة والأمن.
دوريات صينية
وفي ظل أجواء التوتر هذه، اختار ماكارثي استقبال تساي في كاليفورنيا، بعدما فكر بداية بالتوجه شخصياً إلى تايوان. وينُظر إلى القرار على أنه تسووي لتجنّب تأجيج التوتر مع الصين في الوقت الراهن، وفق محللين.
وأوضح المحلل شان سون كونغ، في معهد أبحاث الدفاع الوطني والأمن في تايوان، أنه "إذا ما قورنت بزيارة مسؤولين أميركيين إلى تايوان، تعد زيارة رئيسة تايوان إلى الولايات المتحدة ممارسة شائعة".
ودعا ماكارثي إلى "مواصلة بيع الأسلحة إلى تايوان"، معتبراً أنه "السبيل الأفضل" لمنع غزو صيني للجزيرة، وشدد المسؤول الجمهوري على أن العلاقة بين تايبيه وواشنطن "أقوى" من أي وقت مضى.
ولم يرصد في جزيرة بينغتان، جنوب شرق الصين، وهي النقطة الأقرب إلى تايوان، أي نشاط عسكري استثنائي صباح اليوم الخميس، إلا أن مجلس الشؤون القارية في تايبيه، وهو الهيئة العليا المكلفة برسم السياسة حيال الصين، اتهم بكين بـ"عرقلة التجارة في مضيق تايوان من خلال عمليات تفتيش لسفن الشحن وسفن نقل الركاب".
وأعلنت السلطات البحرية الصينية، الأربعاء، عن دوريات لخفر السواحل الصينيين في المضيق. وقالت الهيئة التايوانية، مساء الأربعاء، إن "تحرك الطرف الصيني يفاقم عمداً التوترات بين ضفتي المضيق"، متحدثة عن "انتهاك فاضح" للممارسات البحرية.
وأكد مساعد مدير مكتب الأمن الوطني في تايوان كو شينغ هنغ، الخميس، أن السفن التايوانية تلقت الأمر برفض أي عملية تفتيش صينية.
(فرانس برس)