الصراعات الطائفية تؤّرق أوباما

25 سبتمبر 2014
أوباما يريد معالجة سريعة لمشكلة وحشية الإرهابيين (أندرو بورتن/Getty)
+ الخط -
على الرغم من التناقض الملحوظ بين الأفعال والأقوال في السياسة الأميركية، لكنّ التمعّن في بعض خطابات الرئيس الأميركي باراك أوباما، يمكن أن يساعد في معرفة الأولويات التي تشغل صانع القرار، وكيف ينظر إلى المشاكل التي تواجهه، بغضّ النظر عن الحلول التي يطرحها ولا تجد طريقها للتطبيق في الواقع العملي، إلا بشكل معاكس.

وأهم ما يلفت الانتباه في كلمة أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إيضاحه أنّ الحروب مع دول كبرى لم تعد أمراً محتملاً يخشى منه صانع السياسة الأميركية، فما يؤرقه فعلاً وسيبقى يؤرقه لسنوات طويلة مقبلة، هو الخطر الناجم عن الصراع الطائفي في بلدان العالم الإسلامي، الذي يقول إنه أُنتج من صغار التنظيمات مثل "الدولة الإسلامية" (داعش) و"القاعدة" وغيرهما، ما يهدد أمن أميركا والعالم.

وقال أوباما في هذا الشأن "لقد تضاءل احتمال نشوب حرب بين القوى العظمى، ومع ذلك، هناك قلق يسود عالمنا. شعور بأن مظاهر القوة ذاتها خلقت مخاطر جديدة". واعتبر أنّ "وحشية الإرهابيين في سورية والعراق تتطلب اهتماماً عاجلاً، وإن كانت هي أيضاً من أعراض مشكلة أوسع نطاقاً، وهي فشل نظامنا الدولي في مواكبة عالم مترابط ومتصل بعضه ببعض".

ومن اللافت أيضاً، أن أوباما يعزو السبب إلى الطائفية، قائلاً "لم نواجه بقوة كافية التعصّب والطائفية واليأس الذي يغذي التطرّف العنيف في أجزاء كثيرة جداً من العالم". وأعرب عن اعتقاده بأنّ الطائفية تسحب الدول الكبرى إلى الأسفل، في إشارة إلى النزاعات الصغيرة، من هنا دعوته إلى تجديد النظام الدولي، بما يكفل مواجهة المشكلات بطريقة جماعية.

ويمكن لموضوع واحد، وفق أوباما، أن ينتج صراعاً ويُخرج التقدم عن مساره، وهو "سرطان التطرّف"، الذي اجتاح العديد من مناطق العالم الإسلامي.

ومن وجهة نظر أوباما، فإن فكرة أن لا نهاية للحروب الدينية هي فكرة مضللة يلجأ إليها المتطرفون الذين لا يمكنهم بناء أو ابتكار أي شيء، وبالتالي لا ينشرون إلا التزمّت والأحقاد، ويبثّون الفرقة بين الطوائف، أو القبائل، أو الديانات، أو الأعراق.

ويرفض أوباما الاستسلام للقضاء والقدر، حسب تعبيره، عندما يتعلق الأمر بمستقبل الإنسان، قائلاً إن "القوة ليست حلاً للمشاكل". لكنه بعد ذلك، يناقض نفسه بالإشارة إلى أن المشكلة مع "داعش" لا حلّ لها مطلقاً سوى القوة، بقوله: "الجماعة الإرهابية المعروفة باسم داعش، يجب تحجيمها ثمّ تدميرها في نهاية المطاف. ولا يمكن أن يكون هناك أي تفاهم أو تفاوض مع هذا الضرب من الشر. واللغة الوحيدة التي يفهمها قتلة من هذا القبيل، هي لغة القوة".

في المحصّلة، يأمل أوباما أن تذوي عقيدة "داعش" أو "القاعدة" أو "بوكو حرام" وأمثالها من الحركات، بمعالجة وقودها، أي القتال الطائفي الذي يرى أنه "قتال لا منتصر فيه".

ويطرح الرئيس الأميركي بعض المثاليات، من بينها معالجة هموم الشباب في المدارس الجيدة، والتحصيل العلمي في الرياضيات والعلوم، واقتصاد يغذّي الإبداع وريادة الأعمال. ويرى أن المجتمعات ستنتعش حينذاك وتزدهر، من دون أن يحدّد كيف يمكن لبلاده أن تساعد في ازدهار الشعوب وتطبيق هذه الرؤية، وإنهاء الصراع الطائفي بينها. ومن كثرة حديث أوباما عن الصراع الطائفي، بات بعض الأميركيين يتساءلون، من باب التندّر: "هل الرجل شيعي أم سنّي"؟.