الشعوب تريد... مكارثية الغرب مع فلسطين

27 أكتوبر 2023
تظاهرة دعماً لفلسطين في أوتاوا الأحد الماضي (أسوشييتد برس)
+ الخط -

تتراكم مقدمات تهاوي السردية الصهيونية في شوارع غربية، لم تعد تهضم الأكاذيب عن الفلسطينيين والعرب عموماً كما كانت تُتلى في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته.

يأتي ذلك وسط ملاحظة غرق بعض عرب التطبيع في ما هو أفظع من الركون إلى تطويع العقول، لقبول اعتبار الفلسطيني المقاوم "إرهابيا"، مع ملامح انهيار شعار "فلسطين ليست قضيتي"، ومن خلفه كل مراهنات هجمات التطبيع، لخلق انطباعات عن أن غرق العالم العربي في مشاكله أزاح مركزية قضية فلسطين في الحق والعدالة.

غربياً أيضاً، تقدم الحالة الفلسطينية، مع توسع الجرائم الصهيونية، وضعاً لافتاً في أفق علاقة النخب الحاكمة بإرادة شعوبها. فمن الواضح أن تأثير حراك الشارع العربي والإسلامي بات يدفع إلى تفكير جدي للنزول عن أشجار شعارات عالية النبرة في تفجّع مثير للاشمئزاز حيال الضحايا، وفق تصنيفات تعتمد على الدين والجنسية.

وتضيف تحركات الشارع الغربي، بصورة غير مسبوقة منذ غزو العراق 2003، نوعاً من فراق بين سياسات النخب والأحزاب الحاكمة وأجيال الفضاء الواسع، من الدنمارك شمالاً، مروراً بألمانيا وبريطانيا وفرنسا ووصولاً إلى إيطاليا.

فالحرب على غزة تعيد رسم صورة أكثر عمقاً وتأثيراً عن السردية الصهيونية، ليس فقط بفضل جيل فلسطيني جديد متمكن من أدواته، بل حتى بين غربيين يدركون أكثر فداحة تعرية المجازر لتبجّح ازدواجية الغرب مع حقوق الإنسان والقوانين الدولية.

الأمر ينسحب على تبرير الدمار والدماء باسم "حق الدفاع عن النفس". فهناك ورطة كبرى في غياب الفارق بين التعطش للانتقام الدامي وذلك الحق، الممنوع أصلاً عن العربي والفلسطيني. وذلك بالتأكيد يُبنى عليه في تصويب النقاش حول فلسطين، ورفض تجهيل أسباب فناء عوائل بأكملها، باستمرار أكاذيب بعض داعمي الاحتلال عن "ذبح أطفال واغتصاب نساء".

انتباه صناع القرار في الغرب إلى نوع وكمّ الشعارات والهتافات في شوارعهم مرده إلى تأثير الشارع على النقابات والأحزاب والتيارات الحقوقية، وتعبيره عن مستوى وعي لم يكن في الحسبان. هذا إلى جانب أن تشبيه دولة الاحتلال بنظام الأبرتهايد السابق في جنوب أفريقيا يتخذ زخماً يُحرج الصاعدين إلى أعالي الأشجار في الغرب، وقد مارسوا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول المكارثية في أبشع صورها.

في المحصلة، فإن المتغيرات التي يمكن أن يُبنى عليها لا تحتاج لارتباك سياسي فلسطيني وعربي، لا تحت شعار التسكين الممجوج عن "العودة للعملية السياسية"، ولا الإيحاء أن كل ما يجب فعله هو "عدم توسّع الحرب"، وكأنها إشارة مخجلة من البعض لاستمرار الدمار والقتل الجماعي في غزة.

المساهمون