استمع إلى الملخص
- **دور الأخبار الكاذبة في تأجيج العنف**: تغذي الأخبار الكاذبة تحركات اليمين المتطرف، حيث ادّعى مناصروه أن القاتل مسلم لاجئ، ليتضح لاحقاً عدم صحة ذلك. دعا عمدة لندن إلى مراجعة قوانين مكافحة المعلومات المضللة.
- **تأثير الشغب على العاملين في قطاع الصحة**: شهدت المؤسسة الطبية الإسلامية البريطانية زيادة في الإساءة العنصرية، مما أدى إلى خوف بين موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية. أبلغ العاملون عن تعرضهم لإهانات وتهديدات، وتم اعتقال أكثر من 500 شخص.
تتواصل حالة تأهب أمني قصوى مع عطلة نهاية الأسبوع تحسباً لتجدد أعمال الشغب التي شهدتها مدن وبلدات في المملكة المتحدة أخيراً، بعد مقتل ثلاثة أطفال طعناً في مدرسة للرقص في 29 يوليو/ تموز الماضي، شمال غربي البلاد، وهي الحادثة التي وظفها أنصار اليمين المتطرف في شن أعمال عنف والاعتداء على مواطنين غير بيض، وإقامة حواجز لتفقد لون بشرة السائق، واعتداءات على مساجد، ومحاولة إحراق أنزال للاجئين.
وسيكون 5000 ضابط نظام عام من الشرطة في الخدمة، أو في وضع تأهب أمني هذا الأسبوع، في ظل خطط جديدة من قبل أنصار اليمين المتطرف للتعبئة في مدن في إنكلترا وويلز. وقال رئيس مجلس رؤساء الشرطة الوطنية، جافين ستيفنز، "لا يزال هناك العديد من الأحداث المحتملة التي يتم الإعلان عنها وتوزيعها عبر الإنترنت، ولم يرحل أولئك الذين يعتزمون العنف والتدمير". وأضاف ستيفنز أن مثيري الشغب المحتملين كانوا "يراقبون من الهامش يوم الأربعاء وربما أصدروا حكماً في بعض الحالات بأن هناك عدداً كبيراً من الضباط". وتابع: "لقد رُدعوا بالتأكيد. لقد تلقوا بالتأكيد رسالة من المجتمعات. ولكن لا يوجد أي تهاون في أذهاننا بأننا بحاجة إلى الاستعداد للأيام وخاصة عطلة نهاية الأسبوع المقبلة".
وصرح وزير مجلس الوزراء نيك توماس سيموندز لشبكة "بي بي سي" هذا الصباح بأن الحكومة ستدخل عطلة نهاية الأسبوع في "حالة تأهب أمني قصوى". واستشهد الوزير خلال المقابلة بنظام العدالة الجنائية الذي يتعامل مع المجرمين بسرعة وضباط الشرطة المتخصصين الذين يُنشرون في جميع أنحاء البلاد بهدف ردع المزيد من الاضطرابات. وأمس عقد رئيس الحكومة كير ستارمر اجتماعاً طارئاً ثالثاً شمل عدداً من الوزراء وقادة الشرطة، وأقر فيه الإبقاء على حالة التأهب القصوى رغم غياب الاضطرابات العنيفة ليلة الأربعاء.
وعكست حادثة القتل في بلدة ساوث بورت، التي قام بها مراهق بالهجوم بالسكين على ورشة أطفال، ما أدى إلى مقتل ثلاث فتيات، كيف تُغذي الأخبار الكاذبة وانتشارها تحركات اليمين البريطاني المتطرف الذي ادّعى مناصروه أن القاتل مسلم لاجئ، ليتضح لاحقاً بعد كشف اسمه أن ذلك غير صحيح. ومع ذلك، استغل اليمين المتطرف الحادثة كفرصة للخروج إلى الشوارع بأسلوب عنيف.
وفي هذا الصدد، أوقفت الشرطة البريطانية، أمس، امرأة تبلغ من العمر 55 عاماً بتهمة أنها أول مَن نشرت خبراً كاذباً عن منفذ عملية الطعن. وأشار بيان الشرطة إلى أن المرأة أوقفت بتهمة "تحريضها على الكراهية العنصرية ونشر مواد مكتوبة لأغراض التضليل". وصرحت رئيسة مفتشي شرطة شيشاير أليسون روس في البيان أن أعمال العنف اليميني المتطرف في البلاد منذ 29 يوليو "تغذيها معلومات خبيثة وكاذبة على الإنترنت".
وأعلنت وسائل الإعلام البريطانية أن المرأة الموقوفة سيدة أعمال تدعى برناديت سبوفورث. وفي حديثها لصحيفة ديلي ميل، قالت سبوفورث: "أشعر بالخجل من اتهامي بمثل هذا الشيء، لم أختلق هذا الأمر، تلقيت مثل هذه المعلومات من شخص في ساوثبورت". وأضافت: "منشوري لا علاقة له بالعنف في البلاد، لكنني أعترف أنه ربما استخدم موقع إخباري روسي منشوري مصدراً". وأفادت "ديلي ميل" عقب تحرياتها أن منشور سبورفورث كان أول منشور عن هوية منفذ الطعن.
عمدة لندن يدعو لمراجعة قوانين
في الأثناء، قال عمدة لندن، صادق خان، إن القوانين المصممة لمكافحة المعلومات المضللة "غير مناسبة للغرض" ويجب إعادة النظر فيها، بعد أن ساهم انتشار الأكاذيب عبر الإنترنت في أعمال الشغب اليمينيّة المتطرفة هذا الشهر. وقال خان إن الوزراء يجب أن يتصرفوا "بسرعة كبيرة جداً" لمراجعة قانون السلامة عبر الإنترنت بعد الاضطرابات العنيفة في إنكلترا وبلفاست على مدار الأسبوع الماضي.
وعاد قانون السلامة على الإنترنت إلى دائرة الضوء والحديث بعد أسبوع من العنف قادته مجموعات اليمين المتطرف التي تنسق عبر الإنترنت، باستخدام عدة مواقع، أبرزها تيكتوك، وتلغرام وإكس. وقال خان في مقابلة مع صحيفة ذا غارديان: "أعتقد أن الحكومة أدركت بسرعة كبيرة أن هناك حاجة إلى تعديلات على قانون السلامة عبر الإنترنت". وأضاف "أعتقد أن ما يجب على الحكومة فعله بسرعة كبيرة هو التحقق مما إذا كان مناسباً للغرض. أعتقد أنه غير مناسب للغرض". وقال خان إن هناك "أشياء يمكن أن تقوم بها منصات التواصل الاجتماعي المسؤولة"، لكنه أضاف: "إذا لم يرتبوا أمورهم بأنفسهم، فإن التنظيم قادم".
وجاءت تعليقات خان بعد أن صعّد مالك موقع إكس إيلون ماسك هجومه على حكومة حزب العمال، حيث شارك مقالاً مزيفاً منسوباً لصحيفة تيليغراف على منصته للتواصل الاجتماعي، يزعم فيه أن ستارمر كان يفكر في إرسال مثيري الشغب من اليمين المتطرف إلى "معسكرات الاحتجاز الطارئة" في جزر فوكلاند. نُشر المقال لأول مرة بواسطة آشلي سيمون، أحد قادة المجموعة اليمينيّة المتطرفة بريطانيا أولاً. ودفع المنشور، الذي حذفه ماسك بعد 30 دقيقة، المتحدث باسم المفوضية الأوروبيّة إلى القول إن تحقيقها في موقع أكس قد يأخذ في الاعتبار تعاملها مع المحتوى الضار المتعلق بأعمال الشغب الأخيرة في إنكلترا.
ازدياد العنصرية بحق العاملين
من جهة أخرى، قال رئيس مؤسسة تمثل العاملين المسلمين في قطاع الصحة إن المؤسسة سجّلت زيادة في الإساءة العنصريّة منذ بداية أعمال الشغب اليمينية المتطرفة الأسبوع الماضي، مع خوف "غير مسبوق" بين موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنيّة.
وقال رئيس المؤسسة الطبيّة الإسلاميّة البريطانيّة (بيما)، سلمان وقار، التي تمثل حوالي 7000 موظف في مجال الرعاية الصحيّة، إن العاملين في مجال الصحة تُركوا في خوف وتأثروا شخصياً ومهنياً. وقال وقار: "لقد رأيت بعض الرسائل الرهيبة حقاً، وخاصة القادمة من بلفاست ومانشستر الكبرى، عن أشخاص اضطروا إلى إغلاق عيادة طبيبهم العام مبكراً، وأشخاص محاصرين في عياداتهم، وأشخاص اضطروا إلى ركوب سيارات الأجرة ذهاباً وإياباً من العمل، وأشخاص لا يذهبون في زيارات منزلية، وأشخاص يعملون عن بُعد من المنزل، هناك الكثير لذكره وإحصائه".
كذلك شارك مقطع فيديو ولقطات شاشة لرسائل نصيّة من موظفي هيئة الخدمات الصحيّة الوطنيّة، الذين اتصلوا به بشأن الإساءة التي واجهوها في الأسبوع الماضي بما في ذلك وصفهم بإهانات عنصريّة وتهديد شخص "بقتل هذا الرجل المسلم". ومن المتوقع أن تصدر أحكام جديدة خلال الأيام القليلة القادمة، بحق أشخاص متهمين بجرائم كراهية عبر الإنترنت. وحتى الآن تم اعتقال أكثر من 500 شخص خلال عشرة الأيام الأخيرة.