منح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي "قلادة النيل"، التي تمثل أرفع الأوسمة المصرية، وأعظمها شأناً وقدراً، خلال استقباله في قصر الاتحادية في القاهرة، اليوم الأحد.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أحمد فهمي، إن الزعيمين "عقدا مباحثات على مستوى القمة، أكدا خلالها تميّز العلاقات التاريخية المشتركة بين البلدين الصديقين، والالتزام المتبادل بالوصول بها إلى آفاق أرحب في مختلف المجالات، خاصةً من خلال تكثيف الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، حيث تأتي زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى مصر في أعقاب زيارة الدولة التي قام بها الرئيس إلى نيودلهي في يناير/كانون الثاني الماضي، كما تتزامن مع مرور 75 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والهند".
وذكر المتحدث أن اللقاء تناول أيضًا "مناقشة سبل تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة في العديد من المجالات، خاصةً الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصناعات الدوائية والأمصال واللقاحات، والتعليم العالي، والطاقة الجديدة والمتجددة، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، والسياحة، والثقافة، من خلال تسيير رحلات الطيران المباشر بين القاهرة ونيودلهي، فضلاً عن تعظيم حجم التبادل التجاري وتبادل السلع الاستراتيجية بين البلدين، وكذلك تنمية الاستثمارات الهندية في مصر خلال المرحلة المقبلة".
وأشار البيان الرئاسي المصري إلى أنه "تم أيضاً تبادل وجهات النظر بشأن تطورات عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث وجّه رئيس الوزراء الهندي الدعوة إلى الرئيس للمشاركة في أعمال القمة المقبلة لمجموعة العشرين في نيودلهي تحت الرئاسة الهندية. في حين أعرب الرئيس عن ثقة مصر في رئاسة هندية نشطة لمجموعة العشرين تسهم في احتواء التداعيات السلبية للتحديات الدولية على الاقتصاد العالمي، مؤكداً استعداد مصر الكامل للتعاون مع الرئاسة الهندية لدفع المحادثات في الاتجاه البناء، وبما يتيح التوصل للطرق المثلى في التعامل مع أزمات الطاقة، وتغير المناخ، ونقص الغذاء، والحصول على التمويل للدول النامية".
وأضاف المتحدث الرسمي أن الزعيمين "قاما عقب انتهاء المباحثات بالتوقيع على الإعلان المشترك لرفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، بما يعكس التراث الحضاري المشترك والممتد بين مصر والهند على المستويين الرسمي والشعبي، بالإضافة إلى توافر الإرادة المتبادلة بين البلدين الصديقين للارتقاء بالعلاقات الثنائية".
وأخيرًا، قام الرئيس السيسي بتقليد رئيس الوزراء الهندي بقلادة النيل، التي تمثل أرفع الأوسمة المصرية، وأعظمها شأناً وقدراً.
وأثار استقبال الرئيس المصري لرئيس وزراء الهند، ومنحه قلادة النيل، جدلاً على وسائل التواصل الاجتماعي.
الجدير بالذكر، أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، تصاعدت ممارسات التمييز، وبلغ الأمر ذروته عند تفجّر أزمة دبلوماسية بين الهند وعدد من الدول الإسلامية، نتيجة تصريحات حول النبي محمد، أطلقتها المتحدثة السابقة باسم حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، نوبور شارما، والذي يرأسه رئيس الوزراء، ناريندرا مودي.
وكان الأزهر الشريف قد أعرب، في يونيو/حزيران من العام الماضي، عن إدانته واستنكاره الشديد لما صدر من متحدث الحزب الحاكم في الهند من "تطاول وسوء أدب في الحديث عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وزوجه أم المؤمنين الطاهرة المطهرة السيدة عائشة".
وفي بيان شديد اللهجة، قال الأزهر إن "كلمات المسؤول الهندي كشفت عن جهل فاضح بتاريخ الأنبياء والمرسلين وسيرتهم، وكيف أنهم كانوا يمثلون القمم العليا للآداب والفضائل والأخلاق، وأن الله عصمهم من الوقوع في الرذائل وما تكرهه النفوس الطاهرة المستقيمة".
وأثارت التصريحات المسيئة التي نشرها نافين كومار جيندال، المسؤول الإعلامي في حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند، غضبا في أوساط المسلمين، مما دفع دولا عربية وإسلامية إلى استدعاء السفراء الهنود لديها للاحتجاج، في حين اكتفى الحزب الحاكم بتعليق عمل المسؤول.
وعلى الرغم من نفي السلطات الهندية المستمرّ اتباعها أي سياسة تمييزية ضدّ الأقلية المسلمة، سجلت العديد من الجهات الحقوقية ومراكز الأبحاث خلال الأشهر الماضية أعمال عنف ضدّ المسلمين، تزامنت مع خطاب كراهية علنيّ على لسان عدد من قيادات الحزب الحاكم.
ويرى خبراء ومراقبون، أن موجات الكراهية ضدّ المسلمين تصاعدت منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى الحكم، وتحقيقه فوزاً ساحقاً في الانتخابات عام 2014.
وصنّف تقرير صدر عن لجنة خبراء دوليين مستقلة في تموز/يوليو 2022، المسلمين، كـ"أقلية مضطهدة" في الهند، بعد مراجعة سلسلة انتهاكات وصفت بـ"الجديّة" لحقوق الإنسان، سجّلت بدءاً من عام 2019.
وتصاعدت الأزمة عام 2019، مع إقرار البرلمان الهندي تعديلات على قانون المواطنة الصادر عام 1955، حيث أثارت التعديلات جدلًا واسعًا، لأنها كفلت للمهاجرين الهاربين من الاضطهاد الديني في باكستان وبنغلادش وأفغانستان، حقّ الحصول على الجنسية الهندية، إن كانوا من أتباع الديانات السيخية والهندوسية والبوذية والمسيحية والجاينيّة والزراداشتية، فيما استثنى المهاجرين المسلمين.