السويد: الحكم على شقيقين بتهمة القيام بعمليات تجسس "خطيرة" لصالح روسيا

20 يناير 2023
القاضي مادس فيغين في مؤتمر صحافي عقب صدور قرار المحكمة (جوناثان ناكستراند/ فرانس برس)
+ الخط -

قضت محكمة سويدية، أمس الخميس، بالسجن المؤبد على شخص متهم بالتجسس، وعشر سنوات على شقيقه، بعد أن اتهما بالقيام بعمليات تجسس "خطيرة" لصالح الاستخبارات الروسية.

وذكرت التلفزة السويدية أن الشقيق الأكبر يدعى بيمان كيا (42 عاماً)، وكان قد عمل في كل من جهاز المخابرات المدنية السويدي، (سابو)، والمخابرات العسكرية السويدية، كما باع وثائق سرية لزملائه في المخابرات الروسية (غرو، الذي ورث جهاز كي جي بي السوفييتي GRU)، بحسب القناة.

وتلقى بيمان كيا حكماً بالسجن المؤبد، بينما حكم على شقيقه الأصغر (بيما 35 عاماً)، بالسجن مدة عشر سنوات، بتهمة المسؤولية عن التواصل مع الجهاز الأمني الروسي. 

واعتبر القاضي مادس فيغين، الذي أصدر الحكمين، أن ما جرى هو "تجسس خطير"، وأن في ذلك "جريمة بالغة الخطورة وتهديداً للنظام.. الأخ الأكبر ارتكب عملاً يصنف من أخطر أعمال التجسس، في مسائل ذات أهمية كبيرة جداً لأمن البلاد". 

وأشار القاضي في تفسير الحكم إلى ما تناقلته وسائل الإعلام المحلية في السويد عن معلومات نقلت إلى جهاز الاستخبارات الروسي "شكلت أكبر تهديد لأمن السويد" على مدار العقود الأخيرة، إذ تداولت الصحافة معلومات عن تسليم عضو الجهاز الأمني السويدي إلى المخابرات الروسية نحو 90 وثيقة خطيرة المحتوى، دون توضيح تفاصيل ما احتوته تلك الوثائق. 

واعتبر المدعي العام السابق في السويد ماتس ليونغكفيست، في تصريحات للقناة السويدية، "اس في تي"، أن "إحاطة المحاكمة كانت بسرية تامة بسبب خطورة القضية، حيث المواد المتاحة لعميل جهاز (سابو) السويدي كانت من أكثرها سرية على الإطلاق".

وبقيت المعلومات عن القضية، رغم ذلك، محاطة بغموض وشح كبيرين، ولكن تبين أن جهاز الأمن في السويد قد قام بعملية أمنية كبيرة في سبتمبر/ أيلول 2021، أدت إلى اعتقال الشقيق الأكبر، وبعد ذلك بوقت قصير جرى توقيف أخيه، فيما أعلن عن أن الاعتقال يتعلق بالتجسس لصالح روسيا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

من ناحيته، قال الصحافي المسؤول عن تغطية المسائل القانونية في التلفزيون السويدي لارس إريك توبر: "رغم عدم علنية المحاكمة إلا أن معلومة واحدة من التحقيق مع الشقيق الأكبر (الذي كان يعمل في الجهازين الأمنيين المدني والعسكري في السويد) تفيد بأنه كان يتعامل وهو مطلع على قائمة الموظفين بأكملها في جهاز (سابو)". 

ويضيف للقناة: "من المؤكد أنها يمكن أن تشكل تهديداً كبيراً لأمن السويد، كما يمكن أن يتسبب ذلك في إلحاق ضرر جسيم بأمن المملكة (السويدية) إذا انتهى الأمر بهذه الوثائق إلى قوة أجنبية".

في كل الأحوال، ورغم الغموض الذي أحاط بالقضية، يبدو أن التجسس استمر لسنوات قبل اكتشافه، وهو ما يشكل "معضلة" للمخابرات السويدية. ووفقاً للصحافة المحلية فإن الشقيق الأكبر، أثناء عمله في أمن بلده، لم يُكتشف إلا متأخراً، "فقد كانت الاستخبارات السويدية تشتبه بوجود جاسوس زوّد روسيا بمعلومات، وعلى إثر ذلك وضع عميلها المعتقل في دائرة الشك منذ 2017"، حيث جرى تفتيش دقيق لبيته والتنصت على هاتفه، والبحث في الحسابات المصرفية للعائلة، حتى استطاعت الاستخبارات السويدية حل شفرات الرسائل وفك أقراص مدمجة، أدت في نهاية المطاف إلى اعتقاله في 2021. 

يبقى السؤال الأهم الذي طرحته الصحافة والمتخصصون بعد صدور الحكم أمس عن الدوافع التي تجعل سويديان يتجسسان لمصلحة الروس، لتكشف مصادر أمنية ومتخصصون بقضايا الجاسوسية أنها "دوافع مالية كبيرة".

واعتبر الخبير الأمني في تحليل الأخطار توني إنغرسون أن ما جرى "هو أخطر وأسوأ عملية اختراق وتجسس في تاريخ الأجهزة الأمنية السويدية، وأن الأضرار تحتاج سنوات وسنوات قبل إصلاحها وسد ثغرات أتاحت هذا الحجم من التسريب لوثائق ومعلومات خطيرة".

المساهمون