السويداء تحاول إحباط خطط النظام لخنق الحراك: زرع أشجار وصناديق اقتراع

07 يونيو 2024
مظاهرة في السويداء جرت في 5 سبتمبر 2023 (سام حريري/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مئات المحتجين تجمعوا في ساحة الكرامة بالسويداء، رافضين النظام السوري والانتخابات التشريعية الصورية، وقاموا بزرع أشجار في موقع مخطط لحاجز أمني جديد كرمز لرفض القمع.
- المتظاهرون أقاموا صناديق اقتراع رمزية لاختيار مرشحين يمثلون الحرية والعدالة، فيما بدأ محافظ السويداء بتطبيق خطة أمنية تشمل إنشاء حواجز أمنية لتشديد القبضة على المدينة.
- تسريبات تشير إلى خطط النظام لمحاصرة السويداء بحواجز أمنية واعتقالات، بينما يستمر المحتجون في نضالهم السلمي والتصدي للقمع بأعمال رمزية كزراعة الأشجار، مؤكدين على استمرارية حراكهم.

تجمع مئات المحتجين والمحتجات وسط ساحة الكرامة في مدينة السويداء جنوب سورية، صباح اليوم الجمعة، رغم تجاوز الحرارة الأربعين درجة، مطالبين بإسقاط النظام السوري، ورفض الانتخابات التشريعية الصورية المزمع عقدها، قبل أن ينتقل العشرات منهم إلى مدخل مدينة السويداء الشمالي، حيث زرعوا أشجاراً في موقع يقال إنه حاجز جديد ينوي النظام السوري إقامته بعدما جلبت أمس جهة أمنية غير معروفة آليات ثقيلة فيما يبدو للتمهيد لإقامة الحاجز.

ووضع المشاركون في مظاهرات السويداء صناديق اقتراع رمزية وسط ساحة الكرامة، واختاروا مرشحين لها الحرية والعدالة والمعتقلين والدولة السورية الواحدة، تعبيراً عن رفضهم المطلق للانتخابات التي يجريها حزب البعث وأجهزة النظام السوري الأمنية للسيطرة على مجلس الشعب، الذي يعتبر المعارضون أن مهمته الوحيدة التصفيق والتضييق على الحريات من خلال سن التشريعات.

وأنهى محافظ السويداء أكرم علي محمد "برنامج التشريفات الأهلية" بعد حوالي الشهر من تعيينه في المنصب، والتفت إلى تطبيق الخطة الأمنية المقررة للمحافظة، وذلك بالتحضير لإنشاء حواجز أمنية في مداخل مدينة السويداء، بدءاً من دوار العنقود المدخل الرئيسي للمدينة من جهة العاصمة دمشق، حيث شوهدت الجرافات العسكرية يوم أمس تُزيل الصخور وتُمهد لإنشاء الحاجز.

خطة النظام في السويداء

وكان "العربي الجديد" قد حصل من مصادر خاصة على معلومات مسربة، تبين محاور عمل الخطة الأمنية المستهدفة خلال الأشهر القليلة القادمة، حيث تبدأ بمحاصرة المدينة عبر إنشاء حواجز أمنية ضخمة على مداخلها الرئيسية، تضم آليات مصفحة ودبابة على الأقل، بالإضافة إلى أكثر من 40 عنصراً من جيش النظام السوري والقوى الأمنية التابعة له. وتتضمن الخطة اعتقال الأسماء المطلوبة، ووضع عناصر مختصة بتدقيق كل الآليات غير الشرعية وحجزها وتوقيف سائقها، ثم العمل داخل المدينة وخارجها على قمع كل المظاهر المسلحة وحملة السلاح، والطلب من كل القوى الأمنية التعامل مع المخالفين بوصفهم إرهابيين مهما كان انتماؤهم.

وفي الوقت نفسه، فتح باب تسوية لمدة 3 أشهر لحين التحاق كل المطلوبين والفارين من الخدمة العسكرية. ومن ضمن الخطة الأمنية المسربة العمل على تفعيل سلطة البلديات وإزالة كل المخالفات على الأرصفة في المدينة وضواحيها خلال 3 أشهر، وإيقاف كل الأجهزة الجوالة غير المجمركة تدريجياً، والتعامل مع محال بيع الأجهزة المخالفة بالطرق القانونية.

وتوقع المشاركون في مظاهرات السويداء جزءاً من هذه الخطة الأمنية، والتي لا تطاول الحراك علناً، بل تهدف في المحصلة إلى إجهاضه، وبادروا إلى التصدي لها عبر تفعيل الحراك الشعبي والمشاركة رغم موجة الحر المسيطرة على المناخ خلال هذه الأيام. وعلى إثر خبر تمهيد الآليات العسكرية لإنشاء حاجز عسكري، قامت مجموعة من شباب الحراك الشعبي بعد انتهاء المظاهرة بزرع الأشجار في المكان الذي مهدته الآليات لإنشاء الحاجز.

وقال مدحت أبو رسلان أحد المشاركين، لـ"العربي الجديد"، إنهم أرادوا بزرع الغراس توجيه رسالة إلى العالم بأنهم "دعاة سلم وإعمار وليسوا من حملة السلاح"، وبأن الحراك "سيحافظ على نهجه السلمي رغم الظروف ومحاولات الإجهاض". وتابع: "رغم الشعور باليأس أحياناً نتيجة عدم وصول الصوت إلى الشعب السوري والتأثير على مراكز القرار، لكننا مستمرون حتى النهاية".

تطبيق مستحيل

أما جهاد شهاب الدين فاعتبر أن الخطة كانت متوقعة، لكنها مستحيلة التطبيق، قائلاً: "هذه الحواجز والضابطة الأمنية ستتعرض للضغط من الأهالي عند توقيف أول شخص أو سيارة أو مسلح، أو حتى إزالة الأكشاك والبسطات"، مضيفاً "هناك حواجز على جميع مداخل المدينة ومنذ بداية الحرب السورية، لم تقدم سوى تسهيلات لعصابات التهريب والخطف، ولم نسمع منذ نشأتها إلى اليوم عن توقيف خاطف أو مهرب أو قاتل". وتابع: "برأيي الشخصي كان على المحافظ الجديد أن يبادر بأي خدمة للمواطنين كتأمين مياه الشرب وحراسة الآبار أو تأمين الاتصالات المقطوعة عن جزء كبير من أبناء المحافظة منذ أشهر طويلة، واستخدام تعزيزاته العسكرية لحماية مصالح الناس وليس لحماية مصالح الأجهزة الأمنية والعصابات التابعة لها".

إلى ذلك، أكد مصدر خاص لـ"العربي الجديد" أن الخطة الأمنية المزمع البدء بها قد رفضت بالكامل من جميع الوجهاء ورجال الدين حتى المقربين منهم من النظام. في المقابل، تحدث البعض عن خطط بديلة تبدأ بإنشاء مجموعات مشتركة من فصائل محلية وجيش النظام لملاحقة أشخاص محددين مطلوبين بجرائم للضابطة العدلية.