أكد السودان، اليوم الخميس، أنه يتحسّب لكافة السيناريوهات، حال عدم التوصل إلى اتفاق عادل ومرضٍ حول سد النهضة، وإقدام إثيوبيا على الملء الثاني للسد في يوليو/ تموز المقبل.
وطبقاً لمعلومات حصل عليها "العربي الجديد"، فإن الخرطوم في طريقها لإعداد ملف قضية قانونية، كما أنها تدرس الجهة التي سترفع لها الملف، وذلك في حال حدوث مضار واضحة عقب الملء الثاني لسد النهضة.
كما أعدت الخرطوم للتحرك الدبلوماسي وتوحيد الرأي العام الداخلي على الموقف من السد، وتنسيق التحركات بين كافة مؤسسات الدولة، سواء السياسية والأمنية والاستخباراتية والإعلامية، مع تكوين لجنة فنية أخرى للتعامل الفني مع سيناريو الملء الثاني لسد النهضة، والذي يصل إلى 13.5 مليار متر مكعب، خاصة ما يلي تشغيل السدود السودانية.
وأوضح مصدر في الحكومة السودانية، لـ"العربي الجديد"، أنّ عدم التوصل إلى اتفاق "يعني التهديد المباشر للأمن القومي السوداني، ويشل القدرة على التخطيط الاستراتيجي، ويخل بالزراعة، وتزداد المخاطر على السودان بمرور الزمن".
وانسحب السودان من الجولات الأخيرة من مفاوضات سد النهضة، احتجاجاً على عدم جدوى التفاوض، وطالب بدور أكبر لخبراء الاتحاد الأفريقي في تقديم مقترحات لتقريب المسافات بين الأطراف.
وانتهت آخر الجولات حول السد بخلافات على بنود قانونية تتصل بمدى إلزامية أي اتفاق يتم التوصل إليه وآلية فض النزاعات مستقبلاً، عدا خلافات أخرى فنية حول الملء أثناء سنوات الجفاف وقواعد ملء المنحنى التشغيلي المتوسط لسد النهضة، والتغيير اليومي لتدفقات المياه.
وأشار المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إلى أنّ المفاوضات الثلاثية بين السودان ومصر وإثيوبيا "متوقفة تماماً"، موضحاً أن رعاية ملف التفاوض أُحيلت من جنوب أفريقيا لجمهورية الكونغو الديمقراطية، لكنه قلل من قدرة الكونغو الديمقراطية في التأثير على مواقف الأطراف، مؤكداً حرص الخرطوم على توسعة الجهات المراقبة للمفاوضات، بإدخال الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
وشدد على "ضرورة توفر النوايا الحسنة، وإرادة سياسية قوية تدفع بالمفاوضات إلى الأمام وليس وضع العقبات أمام التفاوض، كما حدث في الجولات السابقة التي شهدت تراجعاً كبيراً في المواقف التفاوضية، خاصة من جانب إثيوبيا، التي طالبت بتقسيم الاتفاق الأول إلى جزءين الأول خاص بالملء والثاني خاص بالتشغيل، كما اقترحت بنوداً خاصة بتقاسم المياه، وهذا ما رفضته الخرطوم".
وكشفت مصادر خاصة، لـ"العربي الجديد"، عن "اتصالات مستمرة تتم هذه الأيام بين الخرطوم والقاهرة، لإحكام التنسيق بصورة أكثر بينهما في المواقف"، مشيرة إلى أنّ زيارة سرية للخرطوم قام بها وزير الري المصري محمد عبد العاطي، الشهر الماضي، جاءت بناء على طلب سوداني، بعد شعور الخرطوم بالخذلان من الجانب الإثيوبي.
وبينما ترغب الخرطوم في توسيع مظلة الخبراء والمراقبين على أن يظل الملف تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، ترى القاهرة عدم جدوى الاتحاد الأفريقي وتقترح التصعيد، وهو المقترح الذي لا يريد السودان الاندفاع نحوه إلاّ بعد نفاد الفرص الحالية.