أعلن نائب رئيس مجلس السيادة بالسودان، قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بـ"حميدتي" عن رفضه تصريحات منسوبة لكل من رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وعضو المجلس شمس الدين الكباشي، انتقدا فيها الاتفاق الإطاري وعدم شموليته.
وقال حميدتي في كلمة بشمال الخرطوم، نشرها، اليوم الثلاثاء، على حساباته بمنصات التواصل الاجتماعي، إن الجميع فقد مصداقيته بعد التغيير الذي حدث في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 (انقلاب البرهان على الحكومة المدنية)، وإنه شخصياً "لا يعرف لا مجلس سيادي ولا مجلس عسكري، ويعرف فقط التغيير في السودان ونهضة السودان".
وأوضح أنه "لا مخرج للسودان سوى الاتفاق الإطاري، ولا يوجد أصلاً حل سواه، بعد أن وصلت الأوضاع مرحلة عجز الدولة عن صرف الرواتب للموظفين"، مشدداً على ضرورة الالتزام بالاتفاق الإطاري "حتى لا تعم الفوضى وتتقسم البلاد وتحدث المشكلات".
وكان كل من البرهان وكباشي قد ذكرا في لقاءات منفصلة أن الاتفاق الإطاري يحتاج لمزيد من الإجماع، وأن القوات المسلحة لن تمضي فيه مع جهة واحدة دون إشراك للآخرين.
ووقع الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول الماضي كل من الجيش وقوات الدعم السريع وأكثر من 40 حزباً ونقابة وأجسام مهنية، لتمهيد الطريق أمام اتفاق نهائي يطوي صفحة الأزمة السياسية في السودان.
وأضاف حميدتي أنه لا يمكن أن تكون هناك أي ذرائع للاستمرار في هذه الأوضاع، بعد الفشل في تكوين حكومة بعد 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، معلناً التزامه الشخصي بإكمال الاتفاق والوصول به لنهايته وتنفيذه دون أي تراجع. وقال إن "العالم كله يدعم الاتفاق، خاصة دول الخليج ودول الغرب والدول الأفريقية".
وأثارت تصريحات البرهان والكباشي جدلاً واسعاً في الساحة السياسية، ولم تعلق عليها بصورة رسمية "قوى إعلان الحرية والتغيير" الطرف الرئيسي في التسوية السياسية بين الطرفين، إلا أن عضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي سليمان حذر من عواقبها، وذكر خلال ندوة صحافية أنها ستعيد المواجهة من جديد بين الطرفين.
اختتام ورشة حوارية
إلى ذلك اختتمت في القاهرة، اليوم الثلاثاء، ورشة عمل بعنوان "آفاق التحول الديمقراطي نحو سودان يسع الجميع"، التي انطلقت الخميس الماض،ي بإشراف ورعاية الحكومة المصرية، بهدف تجاوز الأزمة السياسية في السودان، حسب ما أعلنت الجهات المشاركة والحكومة المصرية الراعية للورشة.
وبحسب البيان الختامي الصادر عن الورشة، اليوم الثلاثاء، فإن عددا من التوصيات صدرت، أولها اعتماد الوثيقة الدستورية الموقعة بين العسكر والمدنيين في أغسطس/ آب 2019 المعدلة عام 2020 لإدارة الفترة الانتقالية، مع إجراء بعض التعديلات التي تتوافق مع مقتضيات المرحلة الراهنة لتحكم ما تبقى من الفترة الانتقالية.
وذكر البيان الختامي أن التعديلات تهدف في مجملها لتكوين سلطة مدنية كاملة تستأنف عملية الانتقال للوصول إلى الانتخابات، وتكوين حكومة منتخبة، على أن يضم مجلس الوزراء مهنيين ذوي كفاءة وقدرة من المنحازين إلى الثورة، دون أن يكونوا ضالعين بالعمل السياسي والحزبي.
وأوصت الورشة بوجوب أن تكون القوات النظامية على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية والمجتمعية، وألا تتدخل في الشأن السياسي، بما في ذلك تكوين المؤسسات الخاصة بها مثل مجلس الأمن والدفاع الوطني.
وأكد المشاركون الالتزام بتنفيذ اتفاق سلام جوبا الموقع في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، مع العمل على مواجهة الظروف التي أنتجت الحروب الأهلية المختلفة بما يؤدى إلى منع نشوب النزاعات المسلحة مستقبلاً.
كما دعوا إلى تهيئة الظروف للسلام، من خلال تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لمناطق الهامش، مع الوضع في الاعتبار أهمية معالجة الأوضاع في شرق السودان وحلحلة المشاكل، بواسطة منبر تفاوضي متفق عليه ومقبول لأهل الشرق.
وطالبوا كذلك بضرورة الإسراع في تنفيذ الترتيبات الأمنية، وفق خطة إصلاح أمني وعسكري تقود إلى جيش وطني واحد، وما يتطلبه ذلك من دمج قوات الدعم السريع وقوات حركات الكفاح المسلح في القوات المُسلحة، طبقاً لجداول زمنية محددة ومتفق عليها.
وأضاف البيان الختامي أن المشاركين شددوا على أهمية وضع الأنشطة الاستثمارية والتجارية لجميع القوات النظامية من الجيش، والدعم السريع، والمخابرات العامة، والشرطة تحت ولاية وزارة المالية، ما عدا تلك المتعلقة بالصناعات الدفاعية والمهمات العسكرية والصندوق الخاص للتأمين الاجتماعي للقوات المسلحة.
واعتمدت الورشة العمل بمبدأ المسئولية والمحاسبة لتحقيق العدالة، بحيث تجري محاسبة المسئولين سياسياً وقانونياً وفق القوانين السائدة، وذلك عن طريق العدالة التقليدية التي تطبقها المحاكم وبواسطة العدالة الانتقالية القائمة على مبدأ الحقيقة والمصالحة، كما أكد المشاركون ضرورة تفكيك بنية نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، وذلك ضمن عملية التأسيس لحكم القانون، مما يستلزم التقيد بالقانون والسلطات الدستورية.
وكشف البيان الختامي، عن إصدار المشاركين وثيقة التوافق السياسي والوثيقة الحاكمة للفترة الانتقالية، وتشكيل "تنسيقية القوى الوطنية الديمقراطية" كجسم جامع لكل الكتل والمكونات والشخصيات المشاركة في هذه الورشة بمهمة التواصل مع كل الأطراف الداعمة للتحول الديمقراطي.
وفي تعليقه على مخرجات الورشة، قال كمال عمر الأمين السياسي لـ"حزب المؤتمر الشعبي"، أحد الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري، إن "من حق جميع الأحزاب الجلوس والتفكير حول أنسب الحلول للأزمة السياسية، لكن ما جرت مناقشته من أوراق داخل ورشة القاهرة يباعد المسافة بيننا كموقعين وبينهم".
وأوضح في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "المشاركين في ورشة القاهرة يبحثون عن شراكة بين العسكر والمدنيين، فيما نصر نحن على سلطة مدنية كاملة، وهذا خلاف بين مشروعين وليس مجرد خلاف مواقف أو تقديرات سياسية".
وأضاف عمر أن "المؤتمر الشعبي لم ييأس من التواصل مع المجموعات الرافضة بما فيها تلك التي شاركت في ورشة القاهرة، لأن الأزمة أكبر من أي حزب أو مجموعة للوصول لاتفاق نهائي أساسه الاتفاق الإطاري، والذي يمضي بثبات في مناقشة موضوعات الاتفاق النهائي".
وأشار إلى أنه "ستعقد ورشة بشأن شرق السودان في الأسبوع المقبل، كما سيصل مبعوثون دوليون غدا للخرطوم لدعم العملية السياسية"، مقللاً من التصريحات المنسوبة لكل من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وعضو المجلس الفريق شمس الدين الكباشي. وأكد أن الاتفاق ماض بدعم الشعب السوداني والمجتمع الدولي والإقليمي.
وشارك في الورشة نحو 85 شخصية يمثلون 35 حزباً وحركة مسلحة، أبرزها "حركة تحرير السودان" بقيادة مني أركو ميناوي حاكم إقليم دارفور، و"حركة العدل والمساواة" بزعامة جبريل إبراهيم وزير المالية الحالي، و"الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل فصيل جعفر الميرغني"، و"حزب الأمة" بقيادة مبارك الفاضل، و"تحالف الحراك الوطني" بقيادة التجاني السيسي، و"التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية".
وكان لافتاً مشاركة نبيل أديب المحامي رئيس لجنة التحقيق الوطنية حول فض اعتصام 3 يونيو/ حزيران 2019 في الورشة بصفته ممثلاً للقوى المدنية.
كما شارك في الورشة محمد الأمين ترك رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا، الجسم الأنشط في شرق السودان، وكذلك الموقعون على مسار شمال السودان بقيادة محمد سيد أحمد، وأحزاب أخرى صغيرة، وشخصيات عامة وناشطون في العمل، وأكاديميون، فيما قاطع الورشة عدد آخر من الجهات، على رأسها "قوى إعلان الحرية والتغيير"، فيما لم تقدم الدعوة لـ"تحالف نداء السودان" المحسوب على النظام القديم.