حالة من الغضب تسود مدينة الأبيض، غرب السودان، بعد إقدام السلطات الأمنية، أمس الإثنين، على تنفيذ حملة لحلق شعور الشباب بالقوة، وهي الحملة التي يفسرها الثوار بأنها محاولة لكسر شوكة الحراك الرافض لانقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان منذ قرابة 4 أشهر.
وأطلقت قوات الأمن حملة لحلق شعر عدد من شباب المدينة من دون مبرر، على خلفية الاحتجاجات المطالبة بالتحول المدني، علاوة على تلميح ضمني باتهامهم بالمشاركة في التفلتات الأمنية المتكررة بالمدينة.
وانضمت الأبيض، مركز ولاية شمال كردفان، إلى عدة مدن سودانية شاركت في مليونية 21 فبراير/شباط الحالي، للمناداة بإطلاق سراح المعتقلين.
وكان آخر ضحايا الأمن، اثنين من لاعبي فريق الأمل عطبرة، وهو أحد فرق الدرجة الأولى والذي جاء للأبيض لملاقاة أحد فرقها ضمن مباراة الدوري السوداني الممتاز لكرة القدم.
الحادثة أثارت استياء بالغاً في الأوساط السياسية والرياضية، ما دفع مدير شرطة الولاية لزيارة مقر الفريق وتقديم اعتذار رسمي للبعثة وللاعبين، وسط تساؤلات عمن يعتذر لبقية الشباب ويحاسب من ارتكب جرماً في حقهم.
ويعيد ذلك الانتهاك للأذهان قصة قانون النظام العام الذي سنه نظام الرئيس المعزول عمر البشير قبل سنوات، والذي يتدخل في مظهر وملبس الشباب والفتيات بما في ذلك قص شعرهم.
وقال عبد الله بشير، وهو أحد الناشطين في الحراك الثوري بمدينة الأبيض، لـ"العربي الجديد"، إن السلطة العسكرية الانقلابية وبعد أن مارست أبشع أنواع العنف من إطلاق الرصاص الحي والضرب والدهس والاعتقال والتعذيب، لجأت، أخيراً، لحلاقة شعر الشباب بطريقة مهينة ومذلة.
وأوضح بشير، أن الحلاقة تنفذها قوات مشتركة من جيش وشرطة وأمن ودعم سريع في معظم الأماكن في المدينة، أو عبر أطواف تعتدي على أماكن تجمع الشباب والمتنزهات، لافتاً إلى أنهم رصدوا حتى الآن 50 شاباً حلقت شعورهم بالقوة، ويجري رصد بقية الحالات المتوقعة.
واستدرك "لكن شباب السودان الذي قدم الغالي والنفيس في سبيل تحقيق شعارات الثورة المتمثلة في الحرية والسلام والعدالة والعيش الكريم قادر على التصدي لذلك".
وأكد أنهم "سيعملون على مقاومة تلك الأفعال القبيحة المخزية بكل السبل"، معبراً عن رفضه لهذه الممارسات، على أن الرد سيكون بالمواكب السلمية ورفع شعارات ضد تقييد الحريات والتواصل مع كل الجهات والمنظومات الحقوقية والعدلية والمنظمات لتكون هذه الممارسات دليل إدانة بالنسبة لعساكر السلطة الانقلابية.
وقال "سوف نحاسبهم عليها بعد أن نسقط انقلابهم المشؤوم الجاثم على صدر الشعب السوداني".
وأكد "لنا ذواتنا هي ملكنا في المقام الأول، وليس لأحد حق للتدخل في تحديد ما يجب أن نبدو عليه، وسنوثق تلك الانتهاكات وننسق مع كافة منظمات المجتمع المدني لفتح ملفات لكل الذين تعرضوا لتلك الانتهاكات".
شباب آخرون لا علاقة لهم بالمواكب، طاولتهم حملات الحلاقة بمدينة الأبيض، ومن بينهم خالد عادل، وهو صاحب كافتيريا بسوق المدينة، كان يراقب ممارسة الشرطة مع عدد من الشباب، على مقربة من محله.
قال عادل، لـ"العربي الجديد"، إنه تقدم ببلاغ جنائي ضد الشرطي، الذي حلق شعره بالقوة، وإن شبابا آخرين انضموا لحملة تدوين بلاغات بالنيابة ضد الشرطة بسبب تلك الانتهاكات.
على صعيد آخر، توجه آلاف السودانيين في مدينة ود مدني، مركز ولاية الحزيرة(وسط)، إلى مقر حكومة الولاية، في "موكب التحدي"، في محاولة لدخول المقر تعبيراً عن رفضهم للانقلاب العسكري وموالاة السلطات المحلية له.
إلى ذلك أعلن محامو الطوارئ، وهى مجموعة حقوقية تدافع عن المعتقلين سياسياً، عن إطلاق سراح ناشطتين هما آلاء شمس الدين وابتهال عادل من سجن النساء بأم درمان، لتنضما إلى عدد آخر من المعتقلين جرى إطلاق سراحهم بالتزامن مع زيار يقوم بها مقرر حقوق الإنسان للخرطوم آداما دينق.