استجابة جزئية لدعوات العصيان المدني في السودان... ولجنة للتحقيق بمجزرة "مليونية 17 يناير"

18 يناير 2022
قُتل 7 أشخاص في مليونية 17 يناير (محمود حجاج/الأناضول)
+ الخط -

أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم الثلاثاء، قراراً بتشكيل لجنة للتحقيق بأحداث 17 يناير، في وقت شهدت فيه الدعوات لعصيان مدني في البلاد استجابة جزئية.

وذكر مجلس السيادة أن اللجنة تضم ممثلين عن الأجهزة النظامية، من دون تقديم المزيد من التفاصيل.

ويأتي تشكيل اللجنة بعد مجزرة "مليونية 17 يناير"، التي قُتل فيها 7 من المحتجين على يد القوات الأمنية، وأصيب نحو 100 بالرصاص الحي.

وسبق للنيابة العامة أن أصدرت قراراً مماثلاً بتكوين لجنة تحقيق بالأحداث التي وقعت بعد الانقلاب، لكنها لم تخرج بنتائج حتى الآن، مثلها مثل لجنة التحقيق حول فض اعتصام محيط القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم، في يونيو/حزيران 2019.

إلى ذلك، دخل أطباء سودانيون، اليوم الثلاثاء، في إضراب عن العمل بالحالات غير الطارئة، وانسحب آخرون من المستشفيات التابعة للجيش والشرطة والأمن التزاماً منهم بالدعوة للعصيان المدني الشامل في البلاد.

وحث بيان مشترك لـ7 أجسام نقابية طبية جميع القطاعات على المشاركة بقوة في العصيان المدني، "رفضاً واستنكاراً لقتل الثوار السلميين، ولفتح الطريق أمام الحركة الجماهيرية لاقتلاع السلطة الانقلابية"، مبرراً العصيان بالقول إنّ "الحياد في المعارك الأخلاقية ومساواة الضحية مع الجلاد، ينافي القيم الإنسانية التي أقسمنا عليها، ولطالما كان الأطباء والكوادر الطبية رأس الرمح الذي يضرب الأفعى".

وقال الطبيب عبد القادر محمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ نسبة استجابة الأطباء وغيرها من القطاعات الطبية "ستكون الأعلى من بين كل القطاعات، لأنّها شريحة تدربت على مثل تلك الأدوات في مقاومة الانقلابات العسكرية"، مبدياً خشيته من فشل العصيان في قطاعات أخرى، خصوصاً مع تدني الأوضاع المعيشية في البلاد، ما يمنع كثيرين من المشاركة لأنهم يحصلون على أرزاقهم بصورة يومية.

وكانت "قوى إعلان الحرية والتغيير" قد دعت، أمس الإثنين، إلى عصيان مدني شامل لمدة يومين، اعتباراً من اليوم الثلاثاء، رداً على مجزرة "مليونية 17 يناير". وذكرت هذه القوى، في بيان لها، أنّ فترة العصيان "سيتم العمل فيها على تجميع القوى الثورية وتوحيدها وتجهيزها لخوض المعركة الحاسمة لإسقاط سلطة الانقلاب".

وفي جولة لـ"العربي الجديد"، لوحظت استجابة جزئية لدعوات العصيان المدني، بانخفاض محدود في حركة السيارات بشوارع العاصمة الخرطوم، وإغلاق عدد محدود من المحلات التجارية أبوابها، فيما تعمل الأسواق بصورة طبيعية، بينما نشرت لجنة الصيادلة صوراً لصيدليات أغلقت بالكامل، واعتبرتها بداية، حسب ما ذكرت اللجنة في صفحتها على "فيسبوك".

كما دعا الاتحاد المهني لأساتذة الجامعات إلى "وقفة صلبة ضد الظلم والقتل، بالإضراب السياسي والعصيان المدني"، بحسب بيان له، أمس الإثنين. وطبقاً لشهود عيان، فإنّ عدداً من الأساتذة امتنعوا عن الذهاب لأماكن عملهم.

ومن جهتها، وضعت لجان المقاومة السودانية متاريس على الطرق في الأحياء، كما خرجت تظاهرات لطلاب الثانويات بمنطقة شمبات، شمالي الخرطوم، وهتفت ضد سلطات الانقلاب.

وطلبت اللجنة التسييرية للمحامين السودانيين، وفق بيان لها، من أعضائها عدم التوجه إلى المحاكم، اليوم الثلاثاء، استجابة لدعوات العصيان المدني. ونشر محامون صوراً لهم مع لافتة كتب عليها "مضرب". ويوضح المحامي معز حضرة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ العصيان "وجد استجابة كبيرة في صفوف المحامين، وحتى الذين ذهبوا للمحاكم اليوم، طلبوا تأجيل القضايا التي يشرفون عليها".

وأشار حضرة إلى أنّ العصيان المدني "جزء من أدوات السلمية المجرب الذي استخدمه الشعب السوداني منذ عهد الاستعمار، مروراً بالديكتاتوريات العسكرية، ونجح من قبل بإسقاطها وقهرها، وسينجح مجدداً في هزيمة الانقلاب العسكري الحالي"، مبيّناً أنّ "حالة الغضب والحزن التي انتابت الشعب دفعت حتى الذين وقفوا على الرصيف منذ الانقلاب للانضمام إلى صفوف المقاومة".

وكانت لجنة أطباء السودان المركزية قد أكدت، أمس الإثنين، ارتفاع حصيلة قتلى تظاهرات "مليونية 17 يناير" إلى 7 أشخاص، بعد وفاة 4 متأثرين بإصاباتهم بالرصاص الحي. وأوضحت اللجنة في بيان لها على صفحتها على فيسبوك، أنّ هناك 100 مصاب بالرصاص الحي وغيره من أسلحة القمع.

وبهذا يرتفع عدد القتلى، منذ يوم الانقلاب العسكري الذي نفّذه قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى 71 قتيلاً.

الاتحاد الأفريقي: مساعٍ لإيجاد مخرج للأزمة السودانية

دولياً، كشف الاتحاد الأفريقي، اليوم الثلاثاء، عن تقديم "مساعٍ وأفكار نيرة" من أجل إيجاد مخرج يؤمن الاستقرار والتحول الديمقراطي في السودان.

وقال الممثل الخاص للاتحاد الأفريقي السفير محمد بلعيش، بعد لقائه عضو مجلس السيادة السوداني الطاهر حجر، بالقصر الرئاسي بالخرطوم، إن "اللقاء تناول دور الاتحاد الأفريقي ومساهمته في تقديم التسهيلات والمساعدات اللازمة للخروج من الأزمة السياسية الراهنة في السودان وفق ما يرتضيه أهله".

وأشار، وفق بيان مجلس السيادة الانتقالي، إلى ما سماها "المساعي والأفكار النيرة التي تم تقديمها من أجل إيجاد مخرج يؤمن الاستقرار والتحول الديمقراطي المنشود"، وأضاف أن "اللقاء بحث الكيفية التي يمكن من خلالها تأمين حصص ودورات تدريبية لترقية وتطوير قدرات أبناء السودان في المجالات المختلفة".

والثلاثاء الماضي، طرحت الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا "إيغاد" مبادرة "لتسهيل الحوار بين كافة الأطراف لإيجاد حل جذري للأزمة السودانية".

وجاءت مبادرة "إيغاد" عقب يوم من إعلان بعثة "يونيتامس" عن بدء مشاورات "أولية" منفردة مع الأطراف السودانية كافة تمهيداً لمشاورات (لم يحدّد موعدها) يشارك فيها أصحاب المصلحة الرئيسيين من المدنيين والعسكريين.

الاتحاد الأوروبي: السلطات العسكرية غير مستعدة لإيجاد حلّ سلمي

بدوره، دان الاتحاد الأوروبي، اليوم، ممارسات السلطة العسكرية في السودان عبر بيان شديد اللهجة، شدد خلاله على أن دول الاتحاد "ستدعم تطلعات الشعب السوداني للديمقراطية بكل الوسائل المتاحة".

ودعا البيان الصادر عن مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل السلطات العسكرية في السودان إلى بذل قصارى جهدها لتهدئة التوترات وتجنب المزيد من الخسائر في الأرواح، لافتاً إلى أن هذا المطلب "جوهري".

وفي السياق، اتهم بيان الاتحاد الأوروبي السلطات العسكرية في السودان بأنها "غير مستعدة لإيجاد حل تفاوضي وسلمي للأزمة". وتابع البيان: "العنف ضد المدنيين واستمرار اعتقال النشطاء والصحافيين يضع السودان على طريق خطير بعيداً عن السلام والاستقرار، ويهدّد فرص الحلّ السلمي الذي يمكن أن تجلبه المشاورات".

المساهمون