قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة، لـ"التلفزيون العربي"، إنه لا يطرح نفسه بديلاً للزعيم السياسي اللبناني سعد الحريري.
تصريحات السنيورة جاءت ضمن الحلقة الأخيرة من سلسلة حلقات بثها "التلفزيون العربي"، روى فيها السنيورة سيرته الشخصية والسياسية.
وقال السنيورة إن علاقته بسعد الحريري "جيدة"، مؤكداً أنه ألحّ عليه بطلب عدم الانسحاب من العمل السياسي واقترح توليه رئاسة منصة رؤساء الحكومة السابقين المؤلفة من السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، لكنّ الحريري رفض.
وضمن حلقات برنامج "وفي رواية أخرى"، الذي يقدمه بدر الدين الصائغ، روى السنيورة سيرته الشخصية، وقال إنه درس التجارة والاقتصاد وتخرج من الجامعة الأميركية في بيروت، ثم عمل في المجال المصرفي والمجال الأكاديمي. أما اهتمامه بالسياسة، فقال إنه ارتبط بالقضية الفلسطينية، ولا سيما التداخل في صيدا بين اللبنانيين والفلسطينيين، والذي كان أحد عوامل انتسابه إلى حركة القوميين العرب، حيث كان ورفيق الحريري، صديق دربه، في خلية واحدة.
"الكيد السياسي" وتهم الفساد
وتطرّق السنيورة، خلال حلقات البرنامج، لمراحل مفصلية في تاريخ لبنان، ومن بينها الجدل الذي أحاط بحقبة الرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود، والتي وصفها بمرحلة "الكيد السياسي"، معتبراً أنها حفلت بالكثير من الاتهامات والشائعات، وجرى خلالها استخدام القضاء كمخلب للانتقام من الخصوم السياسيين.
وعن تهم الفساد وهدر المال العام الموجهة إليه، أكد السنيورة أنه فنّد ودحض جميع التهم والادعاءات، وشدّد على أنه كان أكثر المعارضين للتوسع في الإنفاق العام والمطالبين بتطبيق الإصلاحات وإعادة هيكلة المؤسسات وترشيد حجم نفقات الحكومة لتحقيق إدارة أكثر فاعلية بكلفة أقل.
وقال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق إنه كان دائماً ما يضع مواد قانونية تدفع بهذا الاتجاه في الموازنة العامة المقترحة على مجلس النواب، لكن يتم شطبها. في السياق نفسه، صرح السنيورة بأنه أصدر كتباً بهذا الشأن، من بينها "الافتراء في كتاب الإبراء"، و"المالية العامة بين التسييس والتضليل"، و"الدين العام اللبناني".
الوصاية السورية واغتيال الحريري
وفي سياق الحديث عن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، أكد السنيورة أنه لم يكن لرفيق الحريري أي دور في إصدار مجلس الأمن القرار 1559، الذي أوقف الوصاية السورية على لبنان، مضيفاً أن الحريري علم بالجهود الأميركية والفرنسية التي كانت تبذل باتجاه الدفع باتجاه هذا القرار.
وقال السنيورة إنه نصح رفيق الحريري بعدم عرقلة تمديد فترة رئاسية جديدة لإميل لحود، وذلك خوفاً على سلامته.
وعن اغتيال الحريري، قال السنيورة إنه لم يكن عملاً دبره أشخاص، بل كان عملاً منسقاً ومدبراً من أكثر من دولة، لافتاً إلى سحب القوى الأمنية الملازمة لرفيق الحريري بأمر من مدير عام قوى الأمن الداخلي، وبموافقة رئيس الجمهورية.
وتطرّقت الحلقات التي بثها "التلفزيون العربي" للانقسام بين فريقي الرابع عشر من مارس/آذار والثامن من مارس/آذار، الذي حدث بعد اغتيال الحريري، واعتبر السنيورة أن هذا الانشطار لم يكن على أساس طائفي، موضّحاً أن بعض الأطراف حاولت باستمرار تطييفه.
وعن سلسلة الاغتيالات التي طاولت عدداً من الشخصيات في فريق الرابع عشر من مارس/آذار، قال السنيورة إن هدفها كان بث الرعب في قلوب اللبنانيين والتأثير عليهم، وإجبار حكومته على الاستقالة بعد التصفية الجسدية لبعض الوزراء.
وفي السياق ذاته، تحدث المسؤول اللبناني السابق بالتفصيل عن زيارته إلى سورية بعد اغتيال الحريري، مؤكداً أنه ذهب إلى دمشق دون تنازل عن المبدأ الأساس الذي ألّف على أساسه الحكومة، وهو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري، مشدداً على أنه كان يؤمن بعلاقة سويّة ونديّة مع سورية.
الحوار الداخلي وحرب تموز
وقال السنيورة إن جلسات الحوار الوطني اللبناني أقرت مبادئ أساسية وأولويات، من بينها مسار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري، وعروبة لبنان والتمسك بالدستور، وأكد أن حسن نصر الله، أمين عام "حزب الله"، تعهّد حينها بعدم الإقدام على عمل عسكري عبر الحدود.
ويرى السنيورة في روايته عن حرب تموز/ يوليو عام 2006 أن ما حدث كان افتعالاً لأزمة من قبل "حزب الله"، وأن مسؤولين دوليين ألقوا باللوم حينها على لبنان في اتصالاتهم، مستنكرين استهداف جنود إسرائيليين، ومعتبرين لبنان "طرفاً معتدياً".
وردّاً على اتهامه بالتآمر على "حزب الله" والعمل على إطالة أمد الحرب من أجل إضعافه، أوضح السنيورة أنه تعامل مع "حزب الله" بصفته أحد المكونات الموجودة على الساحة السياسية، مستشهداً بما قاله رئيس مجلس النواب نبيه بري حينها عندما وصف حكومته بـ"حكومة المقاومة السياسية".
أحداث مخيم نهر البارد وحصار السراي الحكومي
وفي روايته عن حصار السراي الحكومي خلال فترة توليه رئاسة الوزراء، اعتبر السنيورة أن المطالب الاجتماعية كانت ذريعة لهدف سياسي هو إسقاط الحكومة، بدليل القفزات الاقتصادية الإيجابية في تلك المرحلة.
وعن أحداث نهر البارد، قال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق إنه أُتيَ بشاكر العبسي، الذي كان مسجوناً في دمشق، ليستولي على مخيم نهر البارد، في الوقت الذي كانت فيه عمليات الاغتيال مستمرة.
وأضاف أن "حزب الله" حاول وضع خط أحمر للحكومة اللبنانية يمنعها من التصدي للمجموعة التي تولت السيطرة على مخيم نهر البارد، لكن الحكومة أمرت بالتصدي لمجموعة "فتح الإسلام" وفرض السيطرة على المخيم.
واعتبر السنيورة أن إطباق "حزب الله" وحلفائه عسكريّاً على العاصمة بيروت، وارتكاب ما سمّاه "مجازر طاولت الأبرياء"، في السابع من مايو/أيار 2008، جرّد الحزب من أحادية وجهة سلاحه ضد إسرائيل.
وأكد السنيورة أنه لم يكن يرغب في أن يصل الأمر لاتخاذ قرارات الخامس من مايو/أيار في العام 2008 بفكّ شبكة الاتصالات التابعة للحزب، وإقالة رئيس جهاز أمن المطار.
ويتيح "التلفزيون العربي" مشاهدة حلقات برنامجه "وفي رواية أخرى" مع رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة كاملة على موقعه الإلكتروني وصفحته على منصة يوتيوب.